Page 191 - m
P. 191

‫‪189‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫كانت هذه الكلية أول من‬        ‫استخدمت لأول مرة بشكل‬                   ‫«سنوات الوليمة» إن‬
  ‫اعترف بمسرحية يونسكو‬             ‫عرضي في حديث بين أوبو‬           ‫الشاعر الرمزي ملارميه قد‬
‫«المغنية الصلعاء» عام ‪1952‬‬       ‫والبروفسور المعروف أكراس‬
                                 ‫في مقدمة كتاب جاري الأول‪:‬‬           ‫وافق بشكل قاطع على أن‬
    ‫ومسرحية بوريس فيان‬                                              ‫جاري «نحات درامي متزن‬
 ‫«بناة الامبراطورية» ‪.1959‬‬                   ‫«دقائق الرمال»‪:‬‬
 ‫أعلنت كلية الباتافيزيقا أنها‬         ‫أوبو‪ :‬تذكر أنك تخاطب‬           ‫ومتمكن» وإن «أوبو» من‬
‫معهد يرفض خدمة أي هدف‬                                               ‫أرفع مستوى‪ .‬كما أنه كتب‬
  ‫بما في ذلك العمل على إنقاذ‬             ‫باتافيزيقيًّا مشهو ًرا‪.‬‬
                                     ‫أکراس‪ :‬عفوا يا سيدي‪،‬‬              ‫رسالة إلى جاري مهنئًا‪.‬‬
   ‫الجنس البشري أو العالم‬                                           ‫وقد تصادف أي ًضا أن ك ًّل‬
   ‫الذي يعتبر أكثر غرابة(‪.)8‬‬                     ‫ماذا تقول؟‬         ‫من دبليو‪ .‬ب‪ .‬ييتس وآرثر‬
    ‫"من التناقض أن نحاول‬                 ‫أوبو‪ :‬باتافيزيقي‪ .‬إن‬     ‫سيمونز‪ ،‬حضرا ليلة الافتتاح‬
‫تعريف الباتافيزيقا من خلال‬        ‫الباتافيزيقيا فرع من العلوم‬
 ‫أي شيء سوى الباتافيزيقا‬         ‫اكتشفناه وكانت هناك حاجة‬                ‫وتأثرا بتلك المسرحية‬
                                                                      ‫وإن كانت تضميناتها قد‬
     ‫نفسها‪ ،‬فالباتافيزيقا لا‬                        ‫ملحة له‪.‬‬      ‫أزعجتهما بعض الشيء‪ .‬فقد‬
      ‫تعرف إلا بنفسها"(‪،)9‬‬        ‫كانت الباتافيزيقيا هي «علم‬      ‫كتب بيتس في سيرته الذاتية‪:‬‬
‫بالإضافة إلى أن دلالة الكلمة‬
 ‫لغو ًّيا لا تعني شيئًا‪ ،‬ولكنها‬        ‫الحلول الخيالية» الذي‬               ‫كان علينا أن نهتف‬
 ‫وضعها ألفريد جاري لتعبر‬          ‫يعالج «القوانين التي تضبط‬         ‫للمسرحية نتيجة إحساسنا‬
  ‫عن مفهومه الخاص بالفن‬
   ‫والحياة‪ ،‬وليسخر بها من‬             ‫الاستثناءات»‪ ،‬ويكتشف‬             ‫بضرورة مساندة الفئة‬
 ‫كافة الفلسفات الميتافيزيقية‬       ‫«عالم ما وراء الميتافيزيقا»‪.‬‬      ‫الأكثر حيوية‪ ،‬إلا أنني في‬
 ‫السابقة عليه‪ .‬ثم إن تعريف‬        ‫ولكي ينتقد ما في هذا العالم‬         ‫تلك الليلة كنت حزينًا في‬
   ‫الباتافيزيقا بتعبيرات غير‬        ‫بقسوة‪ ،‬قدم جاري نفسه‬           ‫فندق كورنيه لأن الكوميديا‬
   ‫باتافيزيقية شيء مناقض‬          ‫كأحد ضحايا العالم العبثي‪.‬‬        ‫والموضوعية أظهرت قدرتها‬
 ‫لنفسه‪ ،‬كما يقول أتباع هذا‬        ‫وقد ظل يعمل في هذا (العلم‬          ‫المتزايدة مرة أخرى‪ .‬وإني‬

                  ‫العلم(‪.)10‬‬          ‫الكوني) من عام ‪1894‬‬                ‫أتساءل «بعد ستيفان‬
      ‫فالباتافيزيقا تعبر عن‬       ‫حتی ‪ 1898‬محاو ًل إدخاله‬               ‫ملارميه وبول فيرلين‬
   ‫مفهوم جاري ‪-‬الخاص‪-‬‬                                                 ‫وجوستاف مورو‪ ،‬وبعد‬
        ‫لسبر أغوار التجربة‬          ‫في روايته «سيرة الدكتور‬       ‫بوفي دي شافان وبعد شعرنا‬
‫الإنسانية والتعبير عنها بكل‬          ‫فوسترول الباتافيزيقي»‬           ‫نحن‪ ،‬وبعد كل رقة اللون‬
   ‫تناقضاتها‪ ،‬فهي توصف‬                 ‫وهي عبارة عن وصف‬           ‫والإيقاع العصبي لدينا‪ ،‬وبعد‬
    ‫أحيا ًنا بأنها "فلسفة اللا‬    ‫لرحلة رمزية ينتقل فيها من‬        ‫الظلال الخافتة المختلطة عند‬
                                 ‫جزيرة رمزية إلى أخرى عبر‬           ‫كونديه‪ ،‬ما هو الممكن أكثر‬
                ‫فلسفة"(‪.)11‬‬        ‫المنطقة التي اختار لها اسم‬      ‫من ذلك؟ بعدنا يبقى‪« :‬الإله‬
      ‫ولم يكن جاري يؤمن‬            ‫‪ .BTHERNITY‬لم تؤسس‬
                                  ‫كلية الباتافيزيقيا حتى سنة‬                     ‫المتوحش»(‪.)7‬‬
        ‫بالفلسفات المتوارثة‬        ‫‪ 1949‬حين عملت مجموعة‬
    ‫التي تفسر عالم ما وراء‬          ‫من المعجبين منهم المؤلف‬       ‫الباتافيزيقا فلسفة اللا‬
  ‫الطبيعة‪ ،‬وكان يرى العالم‬         ‫العبثي يونسكو على وضع‬                 ‫فلسفة‬
   ‫ككم مجهول من الظواهر‬            ‫أسسها وتوزيع أعمالها ثم‬
     ‫العارضة التي تفتقد إلى‬           ‫تحضير العدد الأول من‬         ‫إن إحدى تركات جاري هي‬
                                     ‫«دفاتر كلية الباتافيزيقا»‬    ‫تلك التسمية التهكمية لجماعة‬
                                 ‫الذي صدر في نيسان ‪.1950‬‬
                                                                      ‫«الباتافيزيقا» وهي لفظة‬
   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196