Page 280 - m
P. 280

‫من الأضرحة والزوايا التي‬                                 ‫العـدد ‪57‬‬                           ‫‪278‬‬
   ‫كونت إشعا ًعا فكر ًّيا وسياسيًّا‬
 ‫ودينيًّا مغربيًّا‪ ،‬طور الوعي لدى‬                                           ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬  ‫الموسم‪ :‬استحضار للزوايا‬
   ‫مكونات المجتمع المغربي‪ ،‬يمثل‬                                                          ‫والأضرحة وبعث للروح‬
                                      ‫كانت المدارس والمؤسسات شبه‬
     ‫الاحتفاء بها في إطار مواسم‬          ‫منعدمة‪ ،‬لم يتوقف دور هذه‬                                ‫الصوفية‬
    ‫سنوية استحضا ًرا للموروث‬            ‫الأضرحة والزوايا عند ما هو‬
‫الثقافي والروحي المغربي الموسوم‬          ‫ديني وتربوي‪ ،‬بل جاوز ذلك‬                             ‫لا يخفى على المواكب لحركة‬
 ‫بالدينامية المتجددة عبر التاريخ‪.‬‬         ‫ليشمل تنمية الحس الوطني‬                                ‫المواسم التقليدية بالمغرب‬

         ‫خاتمة‬                        ‫أثناء مواجهة المستعمر ومحاولة‬                           ‫الارتباط الوثيق بين الموسم‬
                                           ‫طرده‪ ،‬حيث أضحت منارة‬                           ‫والزوايا والأضرحة‪ ،‬ويعود ذلك‬
     ‫تبقى إقامة المواسم التقليدية‬          ‫لخوض نقاشات جادة بين‬
    ‫بالمغرب فرصة سانحة لربط‬                                                                  ‫إلى القيم الروحية التي ورثها‬
   ‫الحاضر بالماضي وإبلاغ جيل‬             ‫المقاومين المغاربة‪ ،‬وممارسة‬                     ‫الإنسان المغربي وتشبع بها داخل‬
                                     ‫شعائرهم الدينية الصوفية‪ ،‬لهذه‬
      ‫اليوم بمورثه الثقافي‪ ،‬الذي‬     ‫الأسباب كانت الزوايا والأضرحة‬                         ‫الزوايا‪ ،‬وكذا الأدوار الطلائعية‬
   ‫تشكل في إطار تراكم مستمر‪،‬‬                                                                ‫التي أسهمت بها في بناء دعائم‬
  ‫أسست له روافد متعددة‪ ،‬مثلت‬            ‫وما زالت مكا ًنا لإقامة مواسم‬                      ‫الدولة والحفاظ على استقرارها‬
 ‫لغات وعادات وطقوس احتفالية‬           ‫ثقافية ودينية سنوية‪ ،‬تستقطب‬                         ‫واستمراريتها‪ ،‬وتوحيد صفوف‬
                                                                                          ‫المجتمع المغربي‪ ،‬عبر إذكاء روح‬
     ‫متنوعة‪ ،‬طورت حس الوعي‬              ‫جماهير غفيرة‪ ،‬تحيي طقو ًسا‬
 ‫الوطني بأهمية الثقافة والتراث‪،‬‬        ‫دينية وروحية‪ ،‬تحتفي بطرائق‬                            ‫الهوية المغربية المتعددة‪ ،‬التي‬
                                      ‫صوفية وعرفانية تشفر رسائل‬                               ‫وحدها الدين والمصير‪ ،‬حيث‬
       ‫لأن الصراع العالمي اليوم‬                                                          ‫أضحت هذه الأماكن المقدسة عند‬
    ‫هو صراع ثقافي إيديولوجي‪،‬‬              ‫تسعف في تحسيس وتوعية‬                             ‫الإنسان المغربي‪ ،‬مجا ًل ديناميًّا‬
  ‫فالشعب الذي لا يمتلك ثقافة لا‬           ‫الإنسان المغربي وتدعوه إلى‬                     ‫لنشر التوعية والتحسيس بقضايا‬
    ‫يمتلك هوية‪ ،‬تظهر هذه الميزة‬         ‫المساهمة في خلق ذلك التلاحم‬                       ‫دينية وتربوية‪ ،‬تجاوزت الحدود‬
 ‫أكثر عندما تلتفت منظمات عالمية‬        ‫الروحي والديني والثقافي الذي‬                       ‫المغربية‪ ،‬وانفتحت على حضارات‬
   ‫لمثل هذه الاحتفالات الموسمية‪،‬‬                                                           ‫أخرى خاصة عند بعض الدول‬
 ‫وتصنفها تصنيفات عالمية داخل‬                     ‫اعتاد المغاربة سلكه‪.‬‬
                                       ‫ومن ضمن الزوايا والأضرحة‬                                  ‫الأفريقية‪ ،‬التي سعت إلى‬
           ‫مجال الثقافة والتراث‬          ‫التي مثلت مدار َس لنشر هذه‬                        ‫الاستفادة من التجربة المغربية‪.‬‬
                                                                                         ‫أدى هذا الامتداد الثقافي والديني‬
                                            ‫القيم الأخلاقية والتربوية‬
                                        ‫والروحية بالمغرب‪ ،‬يمكن ذكر‬                               ‫وظائ َف تربوية وأخلاقية‬
                                        ‫الزاوية الدلائية والدرقاوية‬                            ‫واجتماعية مهمة‪ ،‬وفي وقت‬

                                             ‫وضريح الشيخ الكامل‬
                                         ‫والزاوية الجزولية وغيرها‬
   275   276   277   278   279   280   281   282   283   284   285