Page 140 - m
P. 140
العـدد 58 138
أكتوبر ٢٠٢3
استعارية جدلية في مجموعة من الصور المركبة لكنها لم تضبط الملح في الحساء قبل صعودها»
جسدت وعيًّا بالقيود المفروضة على الفتيات ورغبة أخي كان يلتفت حوله بحرج
ويتوعدني
في الخلاص منها ،وإن تعرضن للمشكلات فتلك لم يرقه أن يتطاير حجابي
تجاربهن التي ينبغي أن يخضنها حتى يدركن وأنا معلقة في الهواء
الوضع الأنسب والذي يختلف بالضرورة من ليكشف عن عنقي
إحداهن إلى الأخرى: مثي ًرا شهوانية صديقه الذي وقف متفر ًجا
«ولم أَ ْح ِك لهن عن الشباب العابثين جدتي من هناك أتاني صوتها لائ ًما
«لماذا لم تطعمي الشاة الوحيدة
ولا الجارات المتلصصات التي تركتها حتى جف لبنها
حتى يرتدين ما يحلو لهن وأنت عنها غافلة؟»
من فساتين قصيرة بينما أبي بجواري يسألني عن المحصول
ذات ألوان نيسانية الملمس والرائحة وعن عيدان الذرة التي انكسرت» ص.44 ،43
ويصففن شعرهن بطوق من الياسمين فكل شخص َم ْعنِ ٍّي بما يريد منها وما بإمكانها أن
تقدمه له على النحو الأمثل في منظومة من القيم
يسمح لخصلة شقية أن تتمايل
على أكتافهن بدلال المبعثرة بين أفراد أسرتها كل حسب أولوياته،
... بينما لم تنل هي من هذا الاهتمام شيئًا ،فدائ ًما ما
كانت على الهامش ،وإن كان الجميع يعولون عليها
لم أحدثهن عن القطارات التي تحترق في المركز؛ يعولون عليها ولا يرونها ،ولكنها رأت
حين تحتك الأحلام بالقضبان نفسها وتمركزت حولها في ذلك الهامش الذي تجد
حتى يطلقن لأحلامهن العنان فيه راحة روحها .ومع ذلك ظلت تمارس أدوارها
دون خوف أو استسلام
بالنسبة للجميع:
وضعت في غرفهن مكتبات فارغة «الكلمات التي خرجت من أفواههم
يملأنها بما شئن من كتب
جميعها
لم أعلمهن أن يأكلن بالشوكة والسكين شذبتها
ولا أن يتحدثن كأميرات العصور الوسطى» وصنعت منها متكأً
في تلك المنطقة الوسطى
ص.17 بين السماء والأرض
إذن فقد خلصت الشاعرة قصائدها /بناتها عبر أرحت روحي عليه
هذه العلاقة الجدلية من الأفكار التقليدية الراسخة وعدت أنا
ومنحتهم الفرصة لاختبار الحياة وخوض التجارب ببنطال واسع
دون قيود ،ورغم أن النتائج المباشرة لم تكن في وحجاب مهندم
لأضبط ملح الحساء
صالحها أو في صالحهن في أغلب الأحيان؛ إذ وأطعم شاة جدتي الوحيدة
تعرضن للهجران والإيذاء والانحراف الفكري، وأرعى محصول أبي
وتلقت هي تبعات ذلك وتحملت توتر علاقتها بهن، وأقيم كسر أعواده؟» ص.45 ،44
رغم ذلك كله تأتي المفارقة معمقة ذلك الإيمان وحينما َأ ِن َست لهذه المنطقة الوسطى أوقفت متتالية
بالحرية ،فالشاعرة على استعداد لأن تلقي بالمزيد القيود المتوارثة التي تنتقل من جيل لجيل ،فعبرت
من القصائد /البنات إلى الشارع حتى يأخذن عن منح الحرية لبناتها /قصائد شعرها ،عبر علاقة
دورهن في التجربة ،وحتى يجدن طريق تحققهن
بأنفسهن دون الحاجة إلى قرارات فوقية:
«أحلم بإنجاب قصيدة جديدة
سأرمي بها هذه المرة في الشارع
حتى تدهسها أقدام الناس ثم ترتد إل َّي شاعرة