Page 251 - m
P. 251
249 ثقافات وفنون
حوار
سركون بولص جبران خليل جبران عدة .الموت هو القاسم المشترك
الأكثر عدالة بين الناس ..بشأنه
أعرف تحديد ما أنا عليه ،وما أكون.
زلت أفتخر بهذا الجهل ..ليست لم أفكر ،لم أكن أعرف كيف نتفاهم ببساطة ،ونختصم
أفكر ،وكنت موج ًدا فعليًّا ضمن بشأن ما عداه ..جميعنا ننتسب
في الإجابة على توافق عملية العالم بلا تفكي ٍر( ،فمن أين جاء
الرسم والكتابة لدى المبدع ديكارت بأطروحت ِه المقلقة؟) إليه بلا نكران ،فيما نتنكر
ما يمكن التنظير له وتعميمه، مثل أي صبي يفرح ويجوع لانتماءاتنا الأخرى ..إنه الموقف
فترابط العمليتين يكمن في ويتصور ،يرضى ويغضب، الطبيعي الأكثر ثبا ًتا وعموميَّة،
مستلزمات العمل الإبداعي ذاته، يضحك ويبكي ،وكنت أبكي
في بنائه الداخلي ،وفي خصائصه مرا ًرا بلا سب ٍب ..لد َّي دموع وعلاقتنا مع العالم المحيط
الجمالية ،وبالتالي يكمن في فائضة ،وكنت موجو ًدا لفرط تتوقف على وضوحه التام في
نوازع المبدع .في إطار تجربتي
الخاصة يظل أمر العلاقة بينهما البكاء وليس التفكير. حياتنا.
أم ًرا فرد ًّيا ،حتى يبدو أنه سري كن ُت بديهة من بديهيات
وباطني .فتماهي العمليتين متى اكتشف َت موهبت َك الإبداعيَّة؟ الطبيعة الرعوية الخام ،بلا
في عملية واحدة يعبر بتجربة وأيهما اكتشفت ُه في نفسك أو ًل؛ وعي يشترط ويحدد ،يقبل
الخلق إلى مدى أخر أبعد مما الرسم أم الكتابة؟ بمعنى آخر: ويستثني ..كانت للأفاعي
تحمله تجربة الكتابة وتجربة عندما تحضر في ذهن َك فكرة، والطيور والقنافذ والنمل
الرسم فيما لو كانتا منفردتين. الفارسي القارص سطوتها
لربما لا أتذكر الساعة التي وتحتاج لترجمتها ،أول ما يخطر ومملكتها الأليفة ،وكنت في
قررت فيها الرسم بوازع رغبة ببالك وتشرع بالفعل دون عدادها واح ًدا منها :ماهية من
الرسم ،وكلفت نفسي بالرسم مجموعة ماهيات تتحرك وتقوم
والتفرغ له ،ولكني وأنا أقرأ تفكير في تنفيذها ،هو أن تكتبها بأفعالها المنسجمة أو المخالفة
أم أن ترسمها أم تفعل الأمرين؟ مع متطلباتها الذاتية ..لم تكن
لي قدرة ،مثل كل الأطفال،
موهبتي الوحيدة هي أ ِّني لا على إدراك ماهيتي بمعزل عن
الطبيعة ،فتركتها تحدد من
أكون.
على هذا النحو أجدني دائ ًما في
حلم يقظ ٍة يمرجحني بين المقبرة
والنَّهر ،بين الحياة المائية والموت
البري ،أصحو منه حالما تتململ
كينونتي في عالم متواصل
الوجود يدعوني لتحديد ماهيتي
الآنية ..كنت دائ ًما أنا المعطى
الآني والأشياء كانت نهائية
أبدية .بكل بساط ٍة كن ُت أتبادل
والعالم الخارجي الوجود المادي،
ودائ ًما أجده جاه ًزا يتمظهر
بعد ٍد هائ ٍل من الكيانات الأليفة
المفهومة ،فكن ُت أطير من الفرح
في الارتباط بها وأنسى من