Page 253 - m
P. 253

‫‪251‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حوار‬

   ‫الطلاسم السحرية وخصائها‬                    ‫والتفاصيل المنحوتة‪ ..‬فقد‬       ‫الرماد» (أول كتاب) وانتهيت‬
  ‫الفنية‪ ،‬وعلاقة الرسم بالأفكار‬          ‫كانت المنحوتات البارزة سط ًحا‬       ‫إلى كاتب يكتب بوعي الكتابة‬
                                                                              ‫ومسؤولياتها‪ ..‬لا أعرف من‬
       ‫الغيبية‪ ،‬وتعبيرية الكتابة‬               ‫للكتابة فيما كانت الكتابة‬   ‫أين تنبع روح المسؤوليَّة؛ لكني‬
    ‫ودلالاتها وقدرتها الرمز َّية‪.‬‬         ‫نق ًشا يزين الاشكال ويمنحها‬      ‫في الاعتراف بالفشل تأكدت في‬
    ‫في المخطوطة تأكد في الكتابة‬            ‫حساسية تعبيرية ذات دلالة‪.‬‬      ‫حياتي خبرة الكتابة‪ ،‬في محاولة‬
   ‫أمران‪ :‬المعنى والشكل‪ ،‬ففيها‬              ‫في مخطوطتي «بريد البلاد»‬
‫كتبت بالمسمار َّية والهيروغليفيَّة‬                                              ‫البراءة من الكاتب اعترفت‬
   ‫والعبر َّية والهند َّية والفارسيَّة‬      ‫الأشد تعبيرية وشاعرية في‬           ‫بوجوده وهيمنته على عقلي‬
‫والعربية واللاتينيَّة‪ ،‬فيما تراوح‬         ‫المقارنة بمخطوطاتي الأخرى‪،‬‬      ‫وصياغاته التعبير َّية‪ ،‬في محاولة‬
   ‫النص الأدبي ما بين الواضح‬                                                   ‫غسل يدي من حبر الكتابة‬
  ‫والمجرد‪ ،‬ما بين رموز السحر‬                 ‫التي كرستها لوثبة تشرين‬      ‫صقلت الكلمات فيها فبدا الكاتب‬
                                         ‫الشعبية عام ‪ 2019‬في العراق‪،‬‬          ‫أشد حضو ًرا وتأكي ًدا لذاته‪.‬‬
      ‫ومصطلحاته وبين الدلالة‬              ‫توقفت كثي ًرا عن الكتابة لأعيد‬  ‫نحن نعترف لنبرأ فيما الفعل قد‬
‫الشعرية‪ ،‬ما بين الكتابة والرسم‬          ‫صياغة النص‪ ،‬كما توقفت كثي ًرا‬      ‫تم ووصل إلى هدفه وتجسد في‬
                                                                            ‫الواقع وانتهى بالاعتراف به‪..‬‬
  ‫المرافق لها‪ ..‬في المخطوطة ذاب‬             ‫عن الرسم لأعيد الصياغات‬
      ‫كل من الرسم والكتابة في‬           ‫التشكيلية‪ ،‬حتى بات من العسير‬                     ‫هذا ما جرى لي‪.‬‬
                                                                             ‫لو كنت رسا ًما بحتًا لأمكنني‬
‫صيغة ثالثة ذات مفهوم سحري‬                  ‫عليَّ القيام بفعل واحد بمعزل‬    ‫الإجابة عما (كان الأول)‪ ،‬لكني‬
‫مستقل ذي خصائص لم تستقر‬                   ‫عن الآخر‪ ،‬فكنت أمسك قلمين‬       ‫رسام يكتب أثناء الرسم ويرسم‬

              ‫على صنف بعينه‪.‬‬                               ‫في آن واحد‪.‬‬         ‫أثناء الكتابة‪ .‬في مخطوطتي‬
     ‫التجربة الأخرى المزدوجة‪،‬‬            ‫التجربة الأكبر لي في مخطوطة‬       ‫«مزامير يحيى»‪ ،‬تعرض النص‬
   ‫مخطوطة «الجزائر البلورية»‬               ‫«الغايات» [أربعة دفاتر بلغت‬
      ‫(‪ 140‬صفحة بقياس ‪40‬ـ‬                                                     ‫إلى تغ ُّيرات أثناء الرسم كما‬
     ‫‪ 30‬سم) التي عكفت عليها‬                  ‫صفحاتها المرسومة ‪،]280‬‬          ‫تغيَّرت الاشكال‪ ،‬فالذات التي‬
 ‫طيلة عامين‪ ،‬وأنجزت منها ‪60‬‬               ‫تفرغت لها طيلة عامين‪ ،‬كانت‬       ‫كانت ترسم تقوم بفعل الكتابة‬
    ‫صفحة حتى اليوم‪ ،‬وأهملت‬                                                 ‫في عملية ذهنيَّة مركبة ومتحدة‬
     ‫إكمالها‪ ..‬هي رواية شعر َّية‬              ‫الكتابة تعني الرسم وكان‬       ‫بقوة‪ .‬الرسم يستدرج الكتابة‪،‬‬
      ‫يتزامن الرسم والكتابة في‬                ‫الرسم كتاب ًة‪ .‬حاولت فيها‬   ‫ففيها يبدو الرسم أكثر وضو ًحا‬
   ‫صياغتها‪ ،‬التي لا يمكنني أن‬             ‫بعد دراسة دامت ثلاثة أعوام‬          ‫وأشد حضو ًرا‪ ،‬فهي تمنحه‬
  ‫أقول إ َّنها صياغة نهائية حتى‬           ‫لتاريخ السحر وكتبه وأصول‬         ‫صياغاته التشكيليَّة‪ ،‬فيما ينحت‬
 ‫أرسم وأكتب آخر صفحة فيها‪.‬‬                                                ‫الرسم عنفوان الكلمات ودلالتها‬
  ‫خلال الكتابة تجددت الأشكال‬                                                  ‫التعبير َّية‪ .‬لقد كانت الكلمات‬
    ‫وخلال الرسم تجدد النص‪،‬‬                                                 ‫تتنافس من الأشكال‪ ،‬فلا تدرك‬
  ‫حتى بات الوصول إلى الضفة‬                                                  ‫يدي إن كانت ترسم أم تكتب‪.‬‬
   ‫الأخرى يستلزم إلغاء المسافة‬
 ‫بين الرسم والكتابة‪ ،‬وإلا بقيت‬                                                  ‫ليس في تجربتي المزدوجة‬
  ‫معل ًقا بينهما مثل بندول ساعة‬                                                ‫ما هو هامشي أو أساسي!‬

         ‫يق ِّطر الزمن بلا هوادة‪.‬‬                                                  ‫إنها تشبه إلى حد بعيد‬
 ‫في «الجزائر البلورية» اكتشفت‬                                              ‫النصوص الشعر َّية التي نقشها‬
  ‫طرائق جديدة للرسم وطرائق‬
                                                                               ‫السومريون على جدارياتهم‬
       ‫جديدة للكتابة‪ .‬كلاهما لا‬                                           ‫والتي غطت أجساد الشخصيات‬
   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258