Page 144 - مجلة دلمون العدد 25 يونيو 2019م
P. 144

‫الظاهرة العددية‬

‫البحرين ‪ -‬التي تمت في سنة ‪ -1889‬واحدة من تلك‬        ‫ملاحظات رواد البحث الأثري بمملكة البحرين‬
‫المغامرات والرحلات العلمية‪ ،‬التي كان الهدف منها‬                 ‫حول الظاهرة العددية لتلال المدافن‪:‬‬
‫كما يقول«التعرف على البحر الشاسع من تلال‬
‫المدافن وحفرها ودراستها‪ ،‬وصو ًلا للتعرف على‬           ‫‪ -1‬ديوراند‪ .‬أ ‪ .‬ل(‪ ).DURAND A. L‬سنة ‪1879‬م‪:‬‬
                                                    ‫كان ديوراند أول مساعد ملحق بهيئة المقيم‬
               ‫الجنس البشري الذي قام ببنائها»‪. 5‬‬    ‫السياسي لبريطانيا الذي كان يتخذ من بوشهر‬
‫وعلى ضوء كثافة تلال المدافن والمتمثلة في‬            ‫الواقعة على ساحل إيران الجنوبي مقرًا له‪ .1‬وقد‬
‫انتشارها الواسع‪ ،‬اعتقد بأنها تعود إلى جنس‬           ‫أقام بمملكة البحرين سنة ‪ .1879‬وقام بعمل‬
‫من الأجناس المجهولة‪ .‬ولقد انصب اهتمامه‬              ‫مسح ميداني لمعظم مناطق جزر المملكة‪ ،‬وبعد‬
‫منذ البداية على تلال مدافن قرية عالي الكبيرة‪،‬‬       ‫انتهائه من أعمال المسح‪ ،‬حفر ت ّلين من تلال مدافن‬
‫حيث بدأ بحفر أكبر التلال حج ًما‪ ،‬ووجد بأن التل‬
‫يتكون من غرفتي دفن إحداهما فوق الأخرى‪،‬‬                                                        ‫قرية عالي‪.2‬‬
‫وعثر في غرفة الدفن العليا على مجموعة كبيرة‬          ‫وذكر في تقريره الذي أعده حول أعمال تنقيبه‬
‫ومتنوعة من المصنوعات العاجية‪ .‬وذكر بنت بأن‬          ‫للتلين بأنه لم يسبق أن سمع بمثل هذا العدد من‬
‫تلك القطع العاجية تشبه في معظم نقوشها‬               ‫تلال المدافن فوق سطح الأرض في العالم‪ .‬وتقدم‬
‫العاجيات التي اكتشفت في القبور الفينيقية‬            ‫باحتمال أن تكون مساكن الأحياء قد انتشرت على‬
‫بسواحل البحر المتوسط‪ ،‬والموجودة في المتحف‬           ‫طول الساح ِل كما هو الحال في الوقت الحاضر‪ ،‬وأن‬
‫البريطاني‪ .‬وبعد عرضها على مسئولي المتحف‬             ‫تكون بسيطة ومبنية من سعف النخيل‪ .‬واعتقد‬
‫البريطاني أفادوه بأنهم لا يستبعدون أن تكون‬          ‫بأن جزيرة البحرين ربما كانت مقبر َة الجرهائيين‪،3‬‬
‫تلك المكتشفات من عمل فنانين فينيقيين‪،‬‬               ‫وذكر سببين لاستخدامها مكانًا للدفن‪ ،‬أولهما‬
‫والذين كانوا مهرة في صناعة العاج‪ .‬وعثر أيضًا في‬     ‫أن تلك الأراضي يتوفر فيها الماء العذب‪ ،‬وثانيهما‬
‫الغرفة العليا على فخار خشن‪ ،‬بالإضافة إلى بيض‬        ‫أنهم اعتقدوا بأنها أر َض مق ّدس َة؛ لذلك جلبوا إليها‬
‫نعام مزين بألوان على شكل أشرطة‪ .‬ولا يستبعد‬
‫أن تكون تلك المواد قد وصلت إلى المنطقة عن‬                                                      ‫أمواتهم‪. 4‬‬
                                                         ‫‪ -2‬ثيودور بنت (‪ ).BENT J . T‬سنة ‪1889‬م‪:‬‬
                                  ‫طريق الفينيقيين‪.‬‬
‫وعلى ضوء الحفريات التي قام بها بنت توصل إلى‬         ‫ُيعد ثيودور بنت البريطاني الأصل‪ ،‬واح ًدا من أولئك‬
‫أن المدفن ذا الغرفتين يؤكد وجود صلة وثيقة‬           ‫الرحالة الذين ذاع صيتهم في القرن التاسع عشر‬
‫بين أصحاب هذه المدافن والفينيقيين‪ ،‬فهي‬              ‫الميلادي‪ .‬وتعتبر زيارته هو وزوجته إلى مملكة‬
‫تشبه المدافن ذات الطابقين في مقبـرة «إمرت»‬
‫في فينيقيا‪ .‬ولقد حاول من خلال التقرير الذي‬
‫أعده حول ما قام به من عمل تنقيبي أن يبين بأن‬
‫أجداد الفينيقيين قد جاؤوا من هذه الأراضي‪ ،‬بل إن‬
‫الفينيقيين أنفسهم يؤمنون بذلك ويرونه‪ ،‬ولذلك‬
‫اعتبر كل ما اكتشفه سواء أكان ذلك قط ًعا أثرية‬
‫أم مبا ٍن معمارية كالمدافن من صنع الفينيقيين‪،‬‬

                   ‫وأنها تعود إليهم دون غيرهم‪.6‬‬
‫‪ -3‬جوانان أم ‪ .‬أيه (‪ ).JOUANIN M .A‬سنة ‪1903‬م‪:‬‬

‫‪144‬‬
   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149