Page 69 - merit 50
P. 69

‫‪67‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

  ‫كي يبقى رهاني الرابح دو ًما‪ ،‬إنه سوف يعود إل َّي‬      ‫ومهما كابر ُت‪ ،‬حنق ُت وتحامق ُت‪ ،‬وأوهم ُت نفسي‬
 ‫بعنفوان الوجد في أوله‪ ،‬فأهبه أكثر مما يتوق إليه‪،‬‬                                     ‫بعشق أخريات‪.‬‬
  ‫كما لو أنه غادرني منذ زمن وعاد ليجدني أشهى‬
                                                                         ‫***‬
    ‫مما كنت‪ ،‬ومضي السنوات لم يزدني إلا توه ًجا‬
                      ‫يستفز فحولته أكثر وأكثر‪.‬‬                                                  ‫هي‪:‬‬
                                                      ‫كنت أشعر بجسد كل من رافق في ثناياه وخلجاته‬
                    ‫***‬                                ‫مسترسلة الشهوات بلا أن ينالها شيء من وهن‪،‬‬
                                                     ‫وإن تفنن باصطناع البراءة والطهر‪ ،‬وصرخ وراوغ‬
                                            ‫هو‪:‬‬
    ‫سنة تلو أخرى‪ ،‬بل حينًا بعد حين‪ ،‬بدأ ُت أشعر‬           ‫وظل يردد في حنق الأطفال أنه لم يلمس امرأة‬
  ‫بقيدك يحز حياتي‪ ،‬أرد ِت السيطرة على كل شيء‪،‬‬          ‫غيري منذ أن ضمت قلبينا لجة عشق لا يستنفده‬
     ‫وعزلي عن الجميع‪ ،‬رغم أنك كنت تعلمين جي ًدا‬
    ‫منذ البداية مدى تعلقي بأهلي وعمق مسؤوليتي‬                               ‫العمر مهما تعددت عقوده‪.‬‬
 ‫نحوهم بعد وفاة والدي في الحرب‪ ،‬وقد كان رأس‬            ‫لا أفطن إلى ذلك فحسب‪ ،‬إنما عمر عشيقته‪ ،‬مدى‬
      ‫المال الذي بدأت به من استحقاقات الشهيد في‬         ‫إثارتها وقدرتها على الإغواء‪ ،‬مواصفات جسدها‬
     ‫بلد ظل ينتثر رجاله يوميًّا مثل رمال الصحراء‬
  ‫على طول جبهات القتال‪ ،‬أخبرتك ولم تمانعي‪ ،‬بل‬            ‫وقوة تشبث ذراعيها به‪ ..‬لو أخبرته بشيء مما‬
   ‫تصنع ِت الموافقة والحماس‪ ،‬ولمَّا وجد ِت أنهم خط‬     ‫أثق بيقين حقيقته ذات يقيني أني أنثى‪ ،‬لا أكذوبة‬
   ‫أحمر لا أسمح بتجاوزه أب ًدا استدر ِت نحوي كي‬      ‫سارحة في فضاء الخيال‪ ،‬لوجد ما يؤكد أن ظنوني‬
 ‫تجعليني خاض ًعا لك بأي شك ٍل كان‪ ،‬وآه من امرأة‬       ‫مجرد وسوسة حمقاء تعربد في ذهن امرأة غيورة‬
‫تخطط لاستملاك رجل‪ ،‬خاصة وإن وثقت من مدى‬              ‫مستعدة لشحذ أسنة العراك في أي وقت تحت وابل‬
  ‫عشقه لها‪ ،‬وكن ُت بدوري أنثر عليك الأموال‪ ،‬دون‬       ‫من الوهم‪ ،‬وهم لا أكثر‪ ،‬مع ذلك كد ُت أنطق اسمها‬
  ‫طلب منك‪ ،‬فقد كنت أريد أن أطرق باب كل وسيلة‬         ‫وهو يحتضنني بانفعال لهفة مبالغ فيها‪ ،‬عرفت أنها‬
    ‫لإسعادك‪ ،‬أن أجعلك أميرة تتميز بسطوة دلالها‬       ‫وسيلته لإخفاء علاقاته الشهوانية‪ ،‬لا أريد أن أقول‬
   ‫عن كل من عرف ُت ولم أعرف من النساء‪ ،‬بكل ما‬
  ‫يمتلكن من جاذبية لا أملك منها ملا ًذا وأنا في أوج‬      ‫غرامية لأني واثقة كل الثقة أنه لم يغرم بامرأة‬
  ‫ضيقي منك ومن جنونك المستطير والمهدد بحرقنا‬         ‫غيري‪ ،‬وهذه الثقة هي ما جعلتنا نبقى م ًعا لحد الآن‬
 ‫م ًعا‪ ،‬دونما اهتمام بما يمكن أن نفقد ولا يمكننا أن‬
                                                                                      ‫رغم كل شيء‪.‬‬
                  ‫نحظى بفرصة إيجاده فيما بعد‪.‬‬            ‫بدا أمامي كالطفل الذي يحاول مداراة فعلة من‬
    ‫بدوري كنت استمتع بإغاظتك بما تعلمينه عني‬            ‫أفعاله العبثية عن والدته‪ ،‬وليس لها سوى غض‬
   ‫من مغامرات مع حسا ٍن لا يمتلكن ُعشر سحرك‬              ‫البصر ومراقبة تصرفاته لتعرف نهاية تجربته‬
  ‫ما أن ألمسك فتتفتت صخور غيظي‪ ،‬من ِك ومن كل‬             ‫الشقية‪ ،‬فأنا أعرفه أكثر مما يعرف نفسه‪ ،‬مهما‬
 ‫امرأة لم تفلح بمحق دلال طيفك داخلي‪ ،‬في وديانك‬
   ‫السحيقة‪ ،‬وأنا في أشد حالات الولع‪ ،‬ولع لا أريد‬                ‫اعتقد أن مراوغته ستتمكن من خداعي‪.‬‬
  ‫لشيء أو سبب أن يستلبه مني ما طال بي الوقت‬            ‫لم تكن تصغرني بالعمر‪ ،‬بل ربما هي أكبر مني‪،‬‬
  ‫بين خفق أنفاسك‪ ،‬حتى لو كن ُت مع عشيقتي قبل‬         ‫ولا هي أجمل ولا أكثر إغوا ًء‪ ،‬ربما فقط لأنها عرفت‬

                                   ‫ذلك بساعات‪.‬‬           ‫كيف تداعب حس الإثارة لديه‪ ،‬مرضي ًة غروره‪،‬‬
   ‫نعم‪ ،‬أنا متأكد أنك تعرفين بأمر كل خياناتي لك‪،‬‬                              ‫ومستنزفة جيوبه أي ًضا‪.‬‬
 ‫لكن ما لم تدركيه‪ ،‬ولا أظنك اهتممت بتتبع مصدر‬
‫معلوماتك بدقة‪ ،‬أنني من كان يهمس لعصافيرك بما‬               ‫نعم هو مغفل‪ ،‬شأنه شأن أكثر الرجال مهما‬
                                                     ‫تصنعوا التعقل والحكمة‪ ،‬لكنه في نفس الوقت تاجر‬

                                                       ‫ذكي اعتاد ألا يعطي أكثر مما يأخذ‪ ،‬مهما تم َيزت‬
                                                       ‫البضاعة في ناظريه عن الأخريات‪ ،‬ومهما ظن إنه‬
                                                       ‫سيتمكن من نبذي واستبدال شغف الشباب بدفق‬
                                                       ‫ول ٍع جديد‪ ،‬يكتشف بعد حين أنه لا يستطيع ذلك‪،‬‬
   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74