Page 72 - merit 50
P. 72

‫العـدد ‪50‬‬   ‫‪70‬‬

                                                     ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬

 ‫بعدد الأجساد التي استملكتها نزواتك العابرة‪ ،‬ولمَّا‬        ‫يسعدك ويبهجك‪ ،‬وإن ارتكب َت أشنع الأخطاء‪،‬‬
 ‫فاجأتني بأنك قد سجلت بيتنا باسمي شهقت دون‬                ‫تجادل وتناقش وتفسر وتحلل حتى تصل إلى‬
                                                     ‫أفضل تبرير مناسب‪ ،‬مثل سياسيي بلادنا‪ ،‬ولو أنك‬
   ‫أن أتمالك شيئًا من قدرتي على الكتمان‪ ،‬ليس عن‬        ‫رغبت بخوض الانتخابات لفزت بأكثر الأصوات‪،‬‬
    ‫فر ٍح كما ظنن َت‪ ،‬بل عن توجس أكثر من اقتراب‬       ‫دون اللجوء إلى التزوير‪ ،‬وربما معك كل عشيقاتك‬
 ‫هجرانك لي‪ ،‬وهذه المرة ستكون الحاسمة خلال كل‬             ‫الحسناوات أي ًضا‪ ،‬توزع عليهن كراسي أعضاء‬
                                                         ‫المجلس السابقين‪ ،‬لكنك كعادتك‪ ،‬تحب أن تبقى‬
                 ‫ما جمعنا لأكثر من عشرين عا ًما‪.‬‬        ‫قاب ًعا في الخفاء لتتم صفقاتك بمنأى عن العيون‪،‬‬
    ‫عمر طويل من العشق والجنون انصهر في ثنايا‬               ‫ومثلها العلاقات التي تعرف كيف تنهيها كما‬
    ‫ملامحنا‪ ،‬منذ أن عرض عليَّ الزواج ووافق ُت بلا‬     ‫بدأتها‪ ،‬بذات الحسابات الدقيقة والمهارات التجارية‬
 ‫تلكؤ تتصنع الفتيات دلاله عادة‪ ،‬فقد تجاوزنا مثل‬           ‫التي تتقنها وتتفنن بها من أجل إتمام صفقات‬
  ‫تلك المواقف التمثيلية والمثيرة للسخرية‪ ،‬وكل منَّا‬
     ‫كان يعرف مدى حاجة الثاني إليه‪ ،‬كما لم أكن‬                                        ‫ثرائك المتشعبة‪.‬‬
‫أشعر أني أتعرى أمامه وعيناه تنتشيان برذاذ أنوثة‬      ‫أعرف أنك تخبئ عني حجم أعمالك التجارية ومدى‬
‫لم يمسسها رجل قبله‪ ،‬فأترك يديه وقبلاته ترتشف‬         ‫اتساعها في الخارج‪ ،‬كما أحس ُن إخفاء دهشتي أمام‬
‫من فوح عذوبته ما إن نجد مكا ًنا يحجبنا عن الدنيا‬
‫ولو لعدة دقائق‪ ،‬دون أن أخلع شيئًا من ثيابي‪ ،‬ولا‬         ‫أ ٍّي كان وهو يخبرني عن هذه الصفقة وتلك من‬
     ‫أن أتوجس مما يمكن أن يخالجه الظن نحوي‪.‬‬           ‫التي تعقدها شركتك‪ ،‬ضمن مجموعة شركات ذات‬
    ‫كن َت لي وكن ُت لك منذ أن جمعتنا ذات النظرات‪،‬‬    ‫فروع في العديد من دول العالم‪ ،‬دون أن أثور عليك‬
   ‫كما لو أننا عرفنا وخبرنا مشاعر وأفكار بعضنا‬
  ‫منذ الصغر وما عاد من دا ٍع للمداراة غير المجدية‬        ‫أو حتى أسألك عن سبب عدم إعلامي بضخامة‬
‫بشيء‪ ،‬فما إن تطلع ُت إلى لمعان عينيك حتى حدست‬          ‫مشاريعك‪ ،‬ولو فعل ُت لأغرق َتني في موج مراوغتك‬
   ‫ما يخفيان كما لو أني أبصر ما أدركني من ح ٍّب‬        ‫التي أخبرها جي ًدا‪ ،‬لصح َت بعلو صوتك العاصف‬
 ‫لم أحسب أن أحظى بمثله يو ًما‪ ،‬وصدق ُت كل كلمة‬        ‫أنك كلَّمتني عن سعيك الحثيث باستمرار لتأسيس‬
 ‫تقولها بثقة من يذكر حقيقة مؤكدة لا تقبل الشك‪،‬‬        ‫عمل في الخارج‪ ،‬بعي ًدا عن الاضطراب الذي تشهده‬
‫أنك لم تكن تفكر في الارتباط قبل أن تراني وتتعرف‬         ‫البلاد على الدوام‪ ،‬الظروف المتقلبة والضرب من‬
                                                        ‫تحت الحزام لصالح من يمتلك علاقات ومصالح‬
                      ‫عليَّ‪ ،‬ولا بعد عشر سنوات‪.‬‬         ‫أكثر مع ذوي النفوذ الأقوى من الساسة‪ ..‬لكنك‬
    ‫حينئ ٍذ كن َت في بداية طريق حصولك على الثروة‬       ‫أخبرتني أن لديك بعض الاستثمارات هنا وهناك‪،‬‬
   ‫التي قررت انتزاعها ولو كانت بين أنياب الذئاب‬         ‫وليس أنك صرت شري ًكا في مشاريع كبرى تعبر‬
 ‫من تجار الحروب التي استلبت إحداها والدك منك‪،‬‬
 ‫أحببت كثي ًرا صخب انفعالك وإصرارك على خوض‬                                          ‫البلاد والمحيطات‪.‬‬
                                                         ‫شعر ُت بطعنة خنجر الخذلان تنسل إلى عروقي‬
      ‫غمار دنيا المال مهما واجهت وغلبتك المعارك‪،‬‬        ‫أكثر من أي فترة خيانة مضت‪ ،‬وأني لن أبرأ من‬
    ‫حفزني تحديك الشرس أكثر لكي أكون معك في‬             ‫براثن ُس ِّمه أب ًدا‪ ،‬فالأمر لم يكن صفعة توجهها لي‬
                                                       ‫خيانة من خياناتك وعليَّ تحمل آلامها حتى تنتهي‬
     ‫خضم جولاتك وغزواتك‪ ،‬ولأكون أنا من أولى‬
    ‫غنائمك‪ ،‬متحدية بدوري مطالب الأهل في توفير‬              ‫من دنسها باحتفالية شبق جموح تقيمها بين‬
    ‫أفضل مستوى يليق بابنتهم‪ ،‬على غرار ما يق ًدم‬        ‫أحضاني‪ ،‬إنما هو إقدام على جريمة كبرى تعد لها‬
                                                       ‫بعناية‪ ،‬وبلا مبالاة أن أعلم بمخططك في أي وقت‪،‬‬
        ‫للفتيات الأخريات من الأصدقاء والأقارب‪.‬‬       ‫وكأنك تل ِّوح لي بسيف التحدي من بعيد وأنت تهتف‬
         ‫جب ُت معه كل تعرج دروبه‪ ،‬محتملة تعلقه‬       ‫في أذني أنه لا يمكنني فعل شيء لأغيِر من أي قرار‬
‫(المرضي) بوالدته وأشقائه الذين ظلوا بمثابة الخط‬
  ‫الأحمر بالنسبة لي‪ ،‬فلا مجال أمامي لتخطيه بأي‬           ‫تتخذه أو هدف تعتزم تحقيقه‪ ،‬وأني سأواصل‬
     ‫حا ٍل من الأحوال‪ ،‬وإن تعذر ُت بمستقبل أبنائنا‬        ‫سبر أغوار الصمت كما فعلت بدل المرة مرات‪،‬‬
   67   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77