Page 66 - merit 50
P. 66
العـدد 50 64
فبراير ٢٠٢3
أحمد بوقري
(السعودية)
طعام وموسيقى للرجال الجوف
-هل توصلت إلى أسما ِء من تدعو يا صاح؟ في ظهيرة خريفية جلس الكاتب الكبير على أريكته
قال لها ساه ًما: يرتشف من كأس النبيذ الموضوع على يمينه رشفات
بطيئة ،ويقرأ قصيدة إليوت «الرجال الجوف» بتمعن،
-أريد أن أدعو ستة معروفين من أكاديمي هذه المدينة
وست ًة أخر من تكنوقراطيها وعليك أنت أن تختاري ست ًة وبين فينة وأخرى يلتقم حبا ٍت من اللوز المدخن.
سرح قلي ًل ..طرق كأسه بأصبعه ..فرنت نغمة
من أديباتها. موسيقية ذائبة ،فالتمعت عيناه ،ثم نادى زوجته
ألقت زوجته نظرة سريعة فاحصة على الصالون الذي المستغرقة في إعداد طعام الغداء ،وعندما جاءت قال لها:
-أفكر بدعوة ره ٍط من أكاديمي وتكنوقراطي هذه
يجلسان فيه وقالت جذل ًة:
-أين يجلس هؤلاء وهؤلاء والرهط الآخر من الأديبات؟ المدينة ،ورهط آخر من أديباتها.
-فكرة جيدة ،على الأقل تخرج من عزلتك الباردة.
هؤلاء حشد من الدببة السمان سيضيق بهم المكان! -وأمد جسو ًرا منقطع ًة لم تلتئم منذ وطئت أديم
أعدا المكان م ًعا.. هذه البلدة الغامضة ..مملكة الأحلام المجهضة! ماذا
بدا الصالون رائ ًقا ومهند ًسا. تقترحين؟
وضعا ثلاث كنبات عريضة تكفي ك ٍل منهما ستة من -فكر أنت في الأمر ودعني أجهز لك الغداء ،ثم نناقش
الأنفس ،تشكلت كحرف .U الأمر بروي ٍة لاح ًقا.
ومقابلهما كنبتان أخريان يجلس عليهما الكاتب الكبير استغرق من جديد في قراءة القصيدة الإليوتية وتمتم:
وامرأته. “هذه هي الأرض الميتة
وانكشف المشهد كأنه مسرح صغير شحيح الإضاءة، هذه هي أرض الصبار
تتوارى خلفه طاولة طعام أعدت بعناية ووضعت على ها هي ذي صور الحجر
سطحها عشرون من الأطباق المذهبة وكؤوس الشراب
الكريستالية ،ترتمي بقرب كل طب ٍق الملاعق والسكاكين ُتر َفع ،ها هي تتلقى
ابتهال ي ِد رج ٍل ميت
والشوكات ملفوف ًة داخل مناديل ملونة. تحت تلألؤ نج ٍم يخبو.
وهكذا عندما حان موعد الأمسية تزيأ الكاتب ببدلة
سموكن بلا كرافت ..وامرأته تزيأت بفستا ٍن بنفسجي أهكذا هي الحال
في ملكوت الموت الآخر
كشف عن ذراعيها البضين وأعلى منابت نهديها.
وجلسا كلاهما على كرسيه في انتظار قرع جرس الباب. تصحو وحي ًدا
في السابعة جاء الأكاديميون السمان فانحشروا جمي ًعا في تلك الساعة حين نكون
على الكنبة اليمنى. نرتجف برق ٍة
أما التكنوقراط فقد بدوا رفيعي القوام جاءوا في الشفاه التي كانت لتقبل
تؤلف صلوات لحج ٍر مكسور”.
موعدهم تما ًما في الساعة السابعة والنصف..
وانحشروا في الكنبة اليسرى. ...
بعد الغداء استأنفا حديث الأمسية المقترحة وقد
وعندما وصل الأديبات في الثامنة فقد أخذن مجلسهن أصابهما خدر لذيذ ،فقالت له امرأته وهي تعبث في
في الكنبة الوسطى وسط صيحاتهن وضحكاتهن تليفونها باحث ًة عن موسيقى خفيفة تليق باللحظة:
واهتزازات أجسادهن وترحيبات وغمزات الحاضرين.
...