Page 81 - merit 50
P. 81

‫نون النسوة ‪7 9‬‬                                        ‫لافت‪ ،‬فمن الملحوظ استدعاء الأسطورة‪ ،‬والنص‬

                         ‫جيرار جينيت‬                  ‫القرآني‪ ،‬والحكايات الشعبية‪ ،‬والأغاني‪ ،‬والطقوس‬

 ‫فرضها الله على جميع البشر في الأديان السماوية‪.‬‬       ‫التراثية من العادات والتقاليد والثقافات الريفية‬
 ‫كما تمثل الصلاة طق ًسا ثقافيًّا أي ًضا لدى القرويين‬
                                                      ‫المختلفة‪ ،‬حيث تدور القصص في فضاء القرية‬
      ‫للخلاص من الآلام والهموم‪ .‬ومن ث َّم يصبح‬
‫العنوان عتبة مؤسسة من عتبات النص‪ ،‬لأنها تمثل‬          ‫المصرية بعاداتها وتقاليدها وطقوسها الموروثة‬

    ‫بنية محيطة بالنص الكلي «ست زوايا للصلاة»‪،‬‬         ‫منذ آلاف السنين‪ ،‬مما يشي بأن الكاتبة تحفر في‬
   ‫وتعرف أي ًضا بالنص المحيط الذي يتناول عنوان‬
                                                      ‫بنية المهمل والمهمش في الريف المصري‪ ،‬على الرغم‬
      ‫الكتاب‪ ،‬اسم المؤلف‪ ،‬لون الغلاف‪ ،‬دار النشر‪،‬‬
  ‫الإهداء‪ ،‬وكل ما يحيط بالنص من علامات نصية‪،‬‬          ‫من الحضور الجلي للتقاليد في المعتقد القروي‬
‫تسهم بشكل أو بآخر في عملية القراءة والتفاعل مع‬
  ‫بنى النص المختلفة‪ ،‬ويحدد جيرار جينيت مفهوم‬          ‫لطبيعة الخلق الذين يعيشون في الريف‪ ،‬ومدى‬
‫العتبات فيقول‪« :‬العتبات هي مجموع تلك النصوص‬
‫التي تحيط بالنص أو جزء منه‪ ،‬تكون مفصولة عنه‪،‬‬          ‫تمسكهم بذلك الموروث القديم في معالجة قضاياهم‬
   ‫مثل عنوان الكتاب‪ ،‬وعناوين الفصول‪ ،‬والفقرات‬
‫الداخلة في المناص (كل ما يحيط بالنص)»(‪ .)5‬وعليه‪،‬‬      ‫اليومية‪ .‬وفي ظني أن الموروث هو الجدار الآمن‬

    ‫فإن عتبات الفضاء النصي‪ ،‬هي بمثابة المفاتيح‪،‬‬       ‫الذي يلجأ إليه الإنسان في أي مكان وزمان طب ًقا‬
    ‫والمؤشرات الدلالية التي تساعد المتلقي على فهم‬
‫النص‪ ،‬ومدى تأثيره على جمهور القراء؛ لأن «النص‬         ‫للطبيعة البشرية التي تقدس كل ما هو قديم‪.‬‬
‫المحيط‪ ،‬هو كل ما يدور بفلك النص من مصاحبات‪،‬‬
 ‫من اسم الكاتب‪ ،‬العنوان‪ ،‬العنوان الفرعي‪ ،‬الإهداء‪،‬‬       ‫حيث «يعتبر الموروث الشعبي جز ًءا مه ًّما من‬
                                                      ‫تاريخ وثقافة الشعوب‪ ،‬فهو الوعاء الذي تستمد‬
     ‫الاستهلال‪ ،‬أي كل ما يتعلق بالمظهر الخارجي‬
         ‫لكتاب‪ ،‬كالصورة المصاحبة‪ ،‬للغلاف‪ ،‬كلمة‬        ‫منها عقيدتها وتقاليدها وقيمها الأصيلة ولغتها‬

   ‫الناشر»(‪ ،)6‬فتصبح هذه العتبات بمثابة العلامات‬      ‫وأفكارها وممارستها وأسلوب حياتها الذي يعبر‬
  ‫الإشارية الأولى التي تأخذ بيد المتلقي للدخول في‬
                                                      ‫عن ثقافتها وهويتها الوطنية‪ ،‬وجسر التواصل‬
    ‫عوالم النص الداخلية‪ ،‬وكأنها حافز نصي يمثل‬
                                                      ‫بين الأجيال‪ ،‬وإحدى الركائز الأساسية في عملية‬

                                                      ‫التنمية والتطوير والبناء‪ ،‬والمك ِّون الأساس في‬
                                                      ‫صياغة الشخصية»(‪ .)3‬وقد طرحت معاجم اللغة‬

                                                      ‫مفاهيم متعددة للموروث بشكل عام « َموروث اسم‬
                                                      ‫َت َر َك المِي َرا َث‪،‬‬  ‫الَّ ِذي‬  ‫ا َلما َج َتُّد َواا ْ ََلر َْوث ْتُر ُهو ُِمث ْ‪:‬ن‬  ‫مفعول من و ِر َث‪،‬‬
                                                      ‫مجموعة من‬               ‫إِ ْر ٍث‬                                                      ‫َم ْو ُرو َثا ُت ال َعا ِئ َل ِة‪:‬‬
                                                      ‫العادات والأعراف ُينظر إليها كسوابق تش ِّكل الجزء‬
                                                      ‫الأساس َّي المؤ ِّثر على الحاضر‪ ،‬خصائص موروثة‪:‬‬
                                                      ‫(الأحياء) سمات طبيعيَّة تنتقل من الوالدين إلى‬
                                                      ‫ال ُّذر َّية بواسطة الجينات كال َّصلع ولون العين»(‪،)4‬‬
                                                      ‫ومن ثم فإن طبيعة الموروث الشعبي تحدي ًدا تشير‬
                                                      ‫إلى تلك الطقوس والعادات والثقافات والتقاليد التي‬

                                                                                        ‫توارثها الخلف عن السلف‪.‬‬

                                                      ‫بنية العنوان‬

                                                       ‫يعد العنوان ن ًّصا محي ًطا بالنص الكلي‬
                                                       ‫داخل العمل الأدبي‪ ،‬حيث نلاحظ عنوان‬

                                                           ‫المجموعة «ست زوايا للصلاة» محم ًل‬
                                                         ‫بدلالات المعتقد وأن الصلاة هي صورة‬
                                                      ‫ذلك المعتقد‪ ،‬فهي الفريضة السماوية التي‬
   76   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86