Page 84 - merit 50
P. 84

‫العـدد ‪50‬‬   ‫‪82‬‬

                                                  ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬

  ‫على فعل المقاومة‪ ،‬والبحث عن الحقيقة في مواجهة‬   ‫من جهة‪ ،‬وتعرية الزيف الاجتماعي الذي سيطر على‬
  ‫الزيف‪ ،‬فتتخذ من الخضر عليه السلام تقنية فنية‬       ‫الأدمغة الريفية والشعبية رد ُحا كبي ًرا من الزمن‪،‬‬
                                                     ‫ولا يزال يسيطر حتى وقتنا الراهن‪ .‬إن مثل هذه‬
    ‫للدخول لعالم الغيب وهي شخصية مركزية في‬          ‫الخرافات تشي بصورة الواقع الشعبي المتناقض‬
  ‫الموروث الشعبي‪ ،‬حيث أشارت القصة إليه بشكل‬         ‫الذي يستخدم كل ما تطرحه الحداثة من تقدم في‬
   ‫واضح «وتبدأ مواويل الضفادع تنادي على نبيها‬
                                                  ‫مواجهة عقول تعيش في جوهر الخرافات والشعوذة‬
     ‫الخضر‪ ،‬وتبتهل مع آذان الفجر حتى يعود إلى‬                       ‫والخوف والغيب الذي لا ينتهي‪.‬‬
    ‫الأرض التي خرج منها‪ ،‬وقد تأتي نساء القرية‬
   ‫وبناتها لتلحس جلد الضفادع فتفك عقدة اللسان‬     ‫شخصية الخضر (عليه السلام)‬

      ‫وتعلو الزغاريد بالفرح والسحر‪ ،‬أما الأطفال‬   ‫تطرح أميرة بدوي في مجموعتها القصصية صورة‬
 ‫فيرون إذا ما لمسوا جلدها مقاعدهم في الجنة أو في‬       ‫النبي الخضر عليه السلام من خلال الصورة‬
  ‫النار»(‪ ،)15‬فتحاول الكاتبة أن تصور لنا من خلال‬
‫الخيال السردي صورة الضفادع التي تغني وتبتهل‬        ‫الذهنية المرتبطة بالخرافات والحكايات عند العامة‬
 ‫لربها منادية على نبيها الخضر‪ ،‬الشخصية المباركة‬     ‫والبسطاء‪ ،‬وقد صنعت تنا ًّصا قرآنيًّا بين الخضر‬
                                                  ‫في الحكاية القرآنية‪ ،‬بين موسى والخضر في سورة‬
      ‫التي تأتي بالمعجزات وتعلم الغيب‪ .‬تجلى ذلك‬   ‫الكهف‪ ،‬وبين الخضر في القصة التي جاءت بعنوان‬
  ‫الحس الصوفي والأسطوري في قصص بدوي من‬
 ‫خلال لغة تحكي بصوت أهل الريف عن معتقداتهم‬           ‫(الخضر) فتقول الذات الساردة‪« :‬يجدل الحبال‬
  ‫ومحبتهم ورؤيتهم التي لا يقبلون النقاش حولها‪.‬‬     ‫كل عشية‪ ،‬ويحرس قضبان القطار‪ ،‬عشرون عا ًما‬
                                                     ‫يقرفص بين الحبال‪ ،‬والمقاطف‪ ،‬يكتفها‪ ،‬يلاعبها‪،‬‬
     ‫فتكشف عن صورة الموروثات ومدى أثرها في‬        ‫ويغير من صورتها‪ ،‬من ليف نخلة عالية إلى خلخال‬
 ‫القرية المصرية‪ ،‬بل تسهم في تحريك الواقع بشكل‬
                                                       ‫في قدم بهيمة‪ ،‬ومقطف يسبخ الأرض ويحش‬
                                          ‫خفي‬      ‫ثمرات الكرنب»(‪ .)14‬تعتمد الكاتبة في قصة الخضر‬

  ‫‪ -7‬محمد بنيس‪ :‬الشعر العربي الحديث (بنياته‬                                    ‫الهوامش‪:‬‬
      ‫وإبدالاتها) ج (‪ ،)1‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار‬
              ‫البيضاء‪ ،‬ط (‪ ،2001 ،)3‬ص‪.188‬‬            ‫‪ -1‬ناقد وأكاديمي مصري‪ ،‬أستاذ الأدب العربي‬
                                                          ‫كلية الآداب‪ ،‬جامعة الوادي الجديد‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -8‬جيرار جينيت‪ :‬مدخل إلى جامع النص‪ ،‬ترجمة‬
      ‫عبد الرحمن أيوب‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار‬     ‫‪ -2‬أميرة بدوي‪ ،‬كاتبة ومترجمة مصرية حصلت‬
                ‫البيضاء‪ ،‬ط (‪ ،1986 ،)2‬ص‪.91‬‬              ‫على جائزة ساويرس في القصة القصيرة عن‬
          ‫‪https://www.lahamag.com/ -9‬‬
                                                     ‫مجموعتها ست زوايا للصلاة‪ ،‬ورشحت لجائزة‬
‫‪D%B5%AE%D8%D8%B4%D8%-454/article‬‬                                                      ‫الشيخ زايد‪.‬‬
‫‪%A7%D8%88%D9%_83%AA%D9%8A%D8%9‬‬
 ‫‪A7%D8%82%D9%B1%D8%A3%D8%84%D9‬‬                    ‫‪https://www.albayan.ae/five-senses/ -3‬‬
                                                          ‫‪1.2070088-06-05-2014/heritage‬‬
                                    ‫‪85%D9%‬‬
                                                    ‫‪https://www.almaany.com/ar/dict/ -4‬‬
          ‫‪ -10‬أميرة بدوي‪ :‬ست زوايا للصلاة‪ ،‬ص‪.12‬‬   ‫‪D%88%D9%B1%D8%88%D9%85%ar-ar/%D9‬‬
                                ‫‪ -11‬السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
                                ‫‪ -12‬السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬                                         ‫‪/AB%8‬‬
                               ‫‪ -13‬السابق‪ ،‬ص‪.26‬‬      ‫‪ -5‬عبد الحق بلعابد‪ :‬عتبات (جيرار جينيت من‬
                               ‫‪ -14‬السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬    ‫النص إلى المناص)‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪ ،‬ناشرون‪،‬‬
                               ‫‪ -15‬السابق‪ ،‬ص‪.34‬‬        ‫منشورات الاختلاف‪ ،‬بيروت‪ ،2008 ،‬ص‪.30‬‬

                                                                        ‫‪ -6‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.48‬‬
   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89