Page 7 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 7

‫افتتاحية ‪5‬‬

     ‫وإذا كانت تفطر في دورتها الشهرية‬            ‫«اضربوهن إذا عصينكم في المعروف‬
  ‫فالرجل يفطر في المرض‪ ،‬فلماذا لا نقول‬            ‫ضر ًبا غير مبرح»‪ ،‬وهو ما يقول به‬
 ‫إنه ناقص؟ وهل المرأة التي ينقطع طمثها‬         ‫«شيوخ الوسطية» الآن‪ ،‬بالرغم من أن‬
  ‫تكتمل فلا تعود ناقصة دين؟! وماذا إذا‬        ‫الآراء الأخرى ‪-‬غير عكرمة‪ -‬لم تتحدث‬
‫سجلت المرأة ما تريده أو ما تراه بالصوت‬
                                                                 ‫عن درجة الضرب!‬
    ‫بالصورة ‪-‬في ظل تقدم التكنولوجيا‪-‬‬          ‫لكن يبدو أن (حيلة) الضرب غير المبرح‬
                  ‫لتعود إليه إذا نسيته؟!‬       ‫قد استنفذت أغراضها ولم تعد مقنعة‪،‬‬
                                              ‫في ظل متغيرات كبرى طرأت على الحياة‬
    ‫ولا يزيد عن بؤس تلك التفسيرات إلا‬
 ‫محاولات تمرير وتبرير الحديث المنسوب‬            ‫والناس‪ ،‬منها أن المرأة خرجت للتعليم‬
                                              ‫والعمل وأصبحت مشاركة في «الإنفاق»‬
   ‫إلى النبي ‪-‬ولا أحسب أن نبيًّا يمكن أن‬
     ‫يقوله‪ -‬والذي رواة البخاري عن أبي‬           ‫الذي كان مسو ًغا لتفضيل الرجل عن‬
     ‫سعيد الخدري‪« :‬خرج رسول الله في‬            ‫المرأة وللضرب بالتالي‪ ،‬ومنها كذلك أن‬
                                             ‫الإنسانية أصبحت ترفض فكرة الضرب‬
  ‫أض ًحى أو فط ٍر إلى المصلى‪ ،‬ثم انصرف‪،‬‬
   ‫فوعظ الناس‪ ،‬وأمرهم بالصدقة‪ ،‬فقال‪:‬‬             ‫عمو ًما‪ ،‬المبرح وغير المبرح‪ ،‬لأن العلة‬
    ‫أيها الناس‪ ،‬تصدقوا‪ ،‬فمر على النساء‪،‬‬      ‫ليست في الإيذاء الجسدي وإنما ‪-‬بدرجة‬
    ‫فقال‪ :‬يا معشر النساء‪ ،‬تصدقن؛ فإني‬         ‫أكبر‪ -‬في الإيذاء النفسي‪ ،‬لذلك كان على‬
 ‫رأيتكن أكثر أهل النار‪ .‬فقلن‪ :‬وبم ذلك يا‬      ‫«التبرير» الديني أن يتقدم خطوة أخرى‬
  ‫رسول الله؟ قال‪ :‬تكثرن اللعن‪ ،‬وتكفرن‬       ‫في تفسير الأمر‪ ،‬فكانت فكرة «الإنصاف»‬
 ‫العشير‪ ،‬ما رأيت من ناقصات عق ٍل ودي ٍن‬
   ‫أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن»‪،‬‬                                ‫بدل «المساواة»!‬
  ‫قلن‪ :‬وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول‬        ‫تقوم فكرة الإنصاف على قناعة أن المرأة‬
 ‫الله؟ قال‪« :‬أليس شهادة المرأة مثل نصف‬         ‫لا تتساوى بالرجل بيولوجيًّا وعاطفيًّا‪،‬‬
 ‫شهادة الرجل» قلن‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪« :‬فذلك من‬
 ‫نقصان عقلها‪ ،‬أليس إذا حاضت لم تص ِّل‬            ‫وبالتالي فإن المساواة تظلمها‪ ،‬وكأننا‬
     ‫ولم ت ُص ْم»‪ ،‬قلن‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪« :‬فذلك من‬      ‫سنطلب منها أن ترفع مائتي كجم من‬

                        ‫نقصان دينها»‪.‬‬              ‫الحديد! أو لكأن الرجال في العموم‬
    ‫يقول البعض ‪-‬بعد تأكيد صحة نسب‬               ‫يتساوون بيولوجيًّا! ليس هناك رجل‬
‫الحديث‪ -‬إن قول النبي هذا المعنى للنساء‬         ‫قوي وآخر ضعيف‪ ،‬وبالتالي فالحديث‬
   ‫لا يعني أنه يختصهن به دون الرجال‪،‬‬        ‫يجب أن ينصب على الأقوياء والضعفاء لا‬
‫دون اعتبار أنه قال لـ«الناس» «أيها الناس‬     ‫على الرجل والمرأة‪ .‬فكون الرجل يعمل في‬
     ‫تصدقوا»‪ ،‬ثم مر على النساء‪ ،‬النساء‬      ‫تكسير الصخور لا يكون مبر ًرا أن أتحدث‬
‫فقط‪ ،‬ووجه كلامه لهن دون غيرهن وقال‬              ‫عن فروق بينه ومن يعمل محاسبًا في‬
  ‫«فإني رأيتكن أكثر أهل النار»‪« ،‬رأيتكن»‬    ‫بنك أجنبي‪ ،‬لأن المساواة جوهرية وليست‬
    ‫وليس «رأيتكم»‪ ،‬ثم راح يذكر أسباب‬        ‫شكلية‪ ،‬تخص الحقوق والواجبات كونهما‬
                                            ‫س ُيسألان يوم القيامة م ًعا‪ ،‬كل عن نفسه‪،‬‬
      ‫سوق النساء ‪-‬خصي ًصا‪ -‬إلى النار‪:‬‬          ‫وكونهما مكلفان‪ ،‬فكما أن الرجل كيان‬
 ‫«تكثرن اللعن‪ ،‬وتكفرن العشير‪ ،‬ما رأيت‬           ‫مستقل لا يجوز الجور عليه أو إيذائه‬
 ‫من ناقصات عق ٍل ودي ٍن أذهب للب الرجل‬         ‫فكذلك المرأة‪ ،‬وكون من حق الرجل أن‬
                                             ‫يحصل على نصيب من ميراث أبيه وأمه‪،‬‬
     ‫الحازم من إحداكن»‪ ،‬ثم إنهن ‪-‬دون‬            ‫فللمرأة نصيب أي ًضا‪ ،‬وإذا كانت المرأة‬
   ‫الرجال‪ ،‬وعلى حسب نص الحديث‪ -‬لا‬               ‫تتعلم وتستوعب دون مشكلة فيمكنها‬
     ‫تعتمد شهادتهن ‪-‬وكأنهن مسئولات‬             ‫أن تشهد‪ ،‬وأن تزوج نفسها لمن تشاء‪،‬‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12