Page 8 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 8

‫العـدد ‪31‬‬                                    ‫‪6‬‬

                                               ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬

    ‫«يا أيها الناس»‪« ،‬يا أيها الذين آمنوا»‪..‬‬   ‫يعني!‪ ،-‬ولا يصمن أيام الحيض‪ ،‬فهل ثمة‬
   ‫إلخ‪ ،‬باعتبار أن المرأة مكلفة مثل الرجل‪،‬‬                       ‫وضوح أكثر من هذا؟!‬
 ‫وأن مناط التكليف العقل‪ ..‬وإذا كانت المرأة‬
 ‫ُتعامل كمتاع في الجاهلية وأن القرآن رتب‬          ‫سهل على المبررين الجدد أن يلووا عنق‬
 ‫لها حقو ًقا لم تكن لها‪ ،‬فلماذا لا نمد الفكرة‬  ‫النص بتحميله أكثر مما يحتمل وأبعد مما‬
                                                 ‫يحتمل‪ ،‬رغم وضوحه‪ ،‬من أن يقولوا إن‬
      ‫على استقامتها‪ ،‬لنقول إن أحكام المرأة‬
    ‫في القرآن تخضع للتدرج أي ًضا‪ ،‬فيكون‬           ‫النص لا يمكن أن يصدر عن النبي وإن‬
‫الموجود ليس حقها الكامل‪ ،‬بل بعض ما كان‬            ‫رواه أبو بكر الصديق! أو أن يقولوا إن‬
 ‫ممكنًا وما يحتمله ناس الجزيرة العربية في‬         ‫ما كان يجوز على أيام النبي ‪-‬قبل أكثر‬
   ‫القرن السابع عشر‪ ،‬وأن غاية القرآن هو‬         ‫من ‪ 14‬قر ًنا‪ -‬لم يعد يجوز الآن‪ ،‬دون أن‬
  ‫«المساواة»‪ ،‬كما أن غايته «تحريم» الخمر؟‬         ‫يجرح ذلك قدسية الرسالة‪ ،‬استنا ًدا إلى‬
    ‫منتهى القصور القول إن القرآن تحدث‬           ‫أن عمر بن الخطاب نفسه ع َّطل نصو ًصا‬
  ‫عن الضرب لكنه لم يلزم الناس به (!!!!!)‬       ‫صريحة وألغى أخرى لتناسب المستجدات‪،‬‬
  ‫‪-‬خمس علامات تعجب وليست واحدة‪،-‬‬
                                                                      ‫فما المشكلة إذن؟‬
        ‫لأن طبيعة الإنسان هي الاستحواذ‬                   ‫إذا جارينا المبررين في موضوع‬
     ‫والاستئثار والعلو‪ ،‬فإن أتاه ذلك بنص‬          ‫«الإنصاف» بديل «المساواة» فإنه يجب‬
                                                     ‫أن تحصل المرأة على نصيب الثلثين‬
       ‫إلهي فلماذا يتنازل عنه طواعية؟ هل‬            ‫من ميراث أبيها وأمها وليس الرجل‪،‬‬
  ‫الإنسان أعرف من الله الذي شرع ضرب‬               ‫لأنها الأضعف التي لا تقوى على العمل‬
                                                   ‫كما يستطيع هو‪ ،‬فهذا مؤكد حسب ما‬
      ‫الزوجة الناشز؟ هل يتصور عاقل أن‬             ‫يزعمون‪ ،‬لكن كونها في كنف رجل آخر‬
    ‫يشرع الله الظلم استنا ًدا إلى أن إنسانية‬    ‫مسئول عن نفقاتها‪ ،‬فهذا غير المؤكد‪ ،‬لأن‬
   ‫الإنسان ستمنعه من ممارسة الظلم؟ أي‬            ‫نسبة كبيرة ج ًّدا من النساء لا يتزوجن‪،‬‬
    ‫خيال هذا؟ والغريب أنك إن نزهت الآية‬            ‫أو يطلقن بعد الزواج‪ ،‬أو يموت عنهن‬
                                                 ‫أزواجهن‪ ،‬أو يصاب أزواجهن بأمراض‬
       ‫القرآنية ووجدت لها مخر ًجا معقو ًل‬       ‫تقعدهم عن العمل والكسب‪ ،‬لذلك فالأولى‬
    ‫سيتهمك الأصوليون بإنكار المعلوم من‬         ‫أن ينحاز النص لهن لترجيح حاجتهن عن‬
  ‫الدين بالضرورة‪ ،‬ويكتبون فيك العرائض‬
   ‫ويقدمونك للنيابة والمحكمة والسجن‪ ،‬إن‬                                ‫الرجال الأشداء‪.‬‬
   ‫لم يسبقهم إليك أعمى يحمل سكينًا يجز‬             ‫لكن‪ ..‬دعنا نحاول النظر إلى الأمر من‬
  ‫بها رقبتك‪ ،‬وما أردت إلا أن تنزه التنزيل‪،‬‬       ‫زاوية أخرى لها ما يبررها داخل القرآن‬
    ‫وتقول إنه كان يناسب الزمن الذي نزل‬
  ‫فيه‪ ،‬والناس الذين نزل عليهم‪ ،‬لكن غايته‬                                        ‫نفسه‪:‬‬
    ‫المساواة الكاملة مقابل التكليف الكامل‪،‬‬        ‫إذا كان الفقهاء ‪-‬الذكور طب ًعا‪ -‬يرون أن‬
 ‫لأن «التفرقة مش طبيعية» كما قال صلاح‬              ‫الخمر حرام رغم عدم ورود نص قاطع‬
   ‫جاهين‪ ،‬وكما يقول العقل السليم الواعي‬            ‫«يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر‬
    ‫الذي لا يهرب خلف تبريرات مضحكة‪،‬‬
   ‫مثل فكرة «الإنصاف» هذه‪ ،‬وكأنك حين‬                  ‫والأنصاب والأزلام رج ٌس من عمل‬
  ‫تقول المساواة سيكون على الرجل أن يلد‪،‬‬        ‫الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون» (المائدة‪:‬‬
  ‫ويكون على المرأة أن تعاشر زوجها كذكر‪،‬‬
  ‫وسيكون عليها أن تنقل الجبال الراسيات‬              ‫‪ ،)90‬استنا ًدا إلى فكرة (التدرج) التي‬
                                                 ‫تناسب من نزل عليهم القرآن‪ ..‬وإذا كانوا‬
                           ‫من أماكنها‪..‬‬          ‫هم أنفسهم يسوقون بعض الآيات كأمثلة‬
                      ‫أي سخرية تلك؟!!‬
                                                   ‫على أن الله ساوى بين الرجال والنساء‬
                                                 ‫بدليل أنه يخاطبهم م ًعا في أكثر من موقع‪:‬‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13