Page 8 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 8
العـدد 32 6
أغسطس ٢٠٢1
يمرون بها؛ يحاول نفر منهم أن يعيد لحكم الإخوان المسلمين ،لكانت مصر راحت
تأويل بعض الموروث القديم ،ويحاول في اتجاه آخر ،اتجاه الدولة المدنية التي
إيجاد مب ِّررات للخطابات التي تلائم اللحظة تحترم الأقلية والأغلبية على السواء ،وقد
الراهنة ،فما الذي يمنع مسيحيو الشرق
من ذلك ،بالرغم من أن الغرب تجاوز هذه كانت مهيَّأة بالفعل لذلك في هذا التوقيت..
الإنتاجات القديمة ،وانطلق باتجاه مزيد ولا أريد أن أقلل من هذا ،ولا أتمنى أن
من الحرية والديمقراطية واحترام حق يقلل القارئ كذلك ،لأن عدد اليهود في
الغير في اعتقاد ما يشاء؟ وكيف يمكن
إقناع المواطنين المسيحيين في مصر أن الولايات المتحدة ينحصر بين 4.5وخمسة
التش ُّدد الديني ليس الحل الوحيد لمقابلة ملايين ،وهو يساوي تقريبًا عدد المواطنين
-أو مقاومة -التش ُّدد الديني المناهض، العرب بأمريكا ،ومع ذلك يؤثر اليهود على
بل -ربما -تقديم نموذج متطور للمدنية،
يقول إن الاعتقاد الديني أمر شخصي بين الانتخابات الأمريكية عكس العرب!
العبد وربه ،باعتبار أننا سنحاسب فرادى بالتأكيد هناك الكثير الذي يحتاج إلى تعديل
كل إنسان عن نفسه ،ربما يؤدي هذا إلى
انفراجة ما ،تنقل وطننا الذي نحب إلى وتجديد في الخطاب الديني المسيحي ،كما
في الخطاب الديني الإسلامي ،على الأقل لأن
الأمام. الخطابين أُنتجا قبل قرن ونصف إلى قرنين،
أظن -أخي ًرا -أنني لا أحتاج إلى المبالغة في جرت خلالهما مياه كثيرة في النهر ،فما كان
إظهار إيماني المفرط والمطلق بحرية الاعتقاد، يقنع الفرد البسيط الذي يعيش في مصر أو
الشام أو الجزيرة العربية قبل تلك السنوات
كنوع من أنواع استباق الهجوم على ما البعيدة ،ما عاد صال ًحا لإقناعه الآن بعد أن
كتبت تجاه الأصولية المسيحية في الشرق تطورت الدنيا وتقدم العلم وأدواته وزادت
الذي ُق ِّدر لنا أن نعيش فيه ونتح َّمل مشاكله
الكثيرة ،ففي النهاية أنا أؤمن -أكثر -أنه وسائط المعرفة والإخبار ،فالآن يستطيع
لا خلاص لنا إلا بالمواجهة ،وقول ما نريده الباحث -أو القارئ -بضغطة زر واحدة
بالضبط دون تزويق أو تلوين أو (تقيَّة)،
لعل كلمة حق تصادف أهلها وتتسبب في أن يصل إلى الموضوع الذي يريده عبر
تقدم ما يخدم مستقبلنا ومستقبل أولادنا جوجل ،ومن مصادره الأولى والمهمة ،فيما
الذين لا نرجو لهم أن يواجهوا ما واجهناه كان ينفق عمره كله بحثًا عنها في السابق
من تع ُّصب وتعصب مضاد ،وأن تضيع
فرص التطور وتحسين الواقع أمام أعينهم دون أن يتو َّصل إليها ،ثم إن الكتب تطير
فرصة وراء فرصة دون أن يمتلكوا القدرة ببساطة بين أرجاء العالم ،والأغلبية أصبحت
على إيقاف التدهور .فالإيمان بالله وبالأديان
حق للجميع ،كل على طريقته ومبدئه ومذهبه تعرف لغات كثيرة مع لغاتها الأصلية،
وقناعاته ،لكن الذي ليس ح ًّقا هو أن تتسبب إضافة إلى المجهودات المتسارعة لترجمة
الكتب العلمية والأدبية والفكرية ،والتي
تلك القناعة في إيذاء الآخرين وإهراق تنفق عليها الدول ميزانيات ضخمة بغرض
دمائهم ،أو إرغامهم على فعل ما لا يريدون الاستفادة من معارف الآخرين ونتاجاتهم
الثقافية .فالمؤسف وسط كل هذه الإمكانيات
فعله عن قناعة الجديدة التي و َّفرها العلم والتكنولوجيا،
أن نجد من يتمسكون بإنتاج قديم مر عليه
قرن ونصف ،أو قرنان ،بل ويسبغون
عليه -وعلى منتجيه -مسحة قداسة ليست
مفهومة.
فإذا كان المسلمون في لحظة الضعف التي