Page 11 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 11
إبداع ومبدعون 9
رؤى نقدية
يدي في إشارة لي بأن أتريث..
هل أصبحت لا تثق في الكلام
يا الشيخ؟ كيف يمكن لبطل
«ضمير المتكلم» أن يفقد
الشعور بجدوى الكلام؟
هي مفارقة .ولكن العمر يربي
فينا التناقضات ،حتى نصبح
عاجزين عن تصور العالم
بمعزل عنها .التناقضات
غذاء الأرض .هي روح
الحياة .هي الرحم الوحيد
الذي يمكنه أن يسع البشرية
دون أن يطرحها كما تطرح
الميكروبات .هل تناقضاتنا هي
كل ما سيبقى في جعبتنا بعد
ختام الحياة /الرواية وبعد
فريدريك نيتشه لوي فيردينان دي سيلين ميشال فوكو انقضاء صفحات الرواية/
كثي ًرا ما تأملت الجوهر الكرنفالي للحياة وللسياسة الحياة؟
وللتاريخ. لم تجبني .لا بكلمة ولا بإشارة.
قلت :الشيخ تعب من الكلام ثم تعب من الاستماع ،وها
كل ذلك يتقدم أمامنا باحتفالية تذكر بمسرح «برطول ْت هو ذا يتعب حتى من الإيماء بالإشارة لقارئة متحمسة
برخ ْت» الاحتفالي .نجح بريخت تما ًما في اختيار أحبته داخل الرواية وأخرجته إلى الحياة لكي يعينها على
مصطلحه .السياسة الحالية ومنذ انتشار جائحة البت في الأمور العالقة.
لا زلت أفكر في كلامك لصديقنا المحقق حينما قلت له:
كورونا أعادت إقامة الجدار الذي اجتهد بريخت في «دعنا من الشبهات ،ولنف ِّكر في التاريخ :أليس كرنفا ًل
إسقاطه ،ولكن كل ذلك آيل إلى الزوال ولو بعد حين. مستم ًّرا من احتفالات المنتصرين المنتصبين على
المنصات في الساحات العمومية؟ نشوة الفوز والتغلب
التاريخ والحياة يا الشيخ يتمثل دورهما في نهاية على مهزومين لا بد منهم لتمام هذا الفيلم .أليس
المطاف في «إحداث اختلاف في الأوقات من خلال صحي ًحا هذا؟ ثم أليست النتيجة الطبيعية هي أن يعيد
استكشاف العقليات والتعامل مع الأشياء ،وهو أمر الأخيرون ترتيب صفوفهم لإعادة اعتلاء هذه المنصة في
يتجلى أكثر ما يتجلى على أرض الذكريات ..وقد أبدعت دورة تاريخية أخرى؟ السلم وهم ،ليس أكثر من وهم.
في استنطاق ذكريات أولئك المساكين يا الشيخ. الغالب عندي أن مهمتك وهمية فقط يا صديقي المحقق.
الذكريات وحدها ناجعة لسبب بسيط هو التخلص املأ أوراقك بأي شيء وعد إلى بيتك لأكل البطاطس
التام من ضرورة البحث عن «دروس أخلاقية».. المقرمشة مع زوجتك المهزومة وتفرجا على أكذوبة
نعم الذكريات متخففة من الثقل الأخلاقي ..لهذا مال الأمن والسلم في التلفزيون..التاريخ حلقة لولبية من
المؤرخون المحدثون إلى استنطاق المذكرات والرسائل القلق والاضطراب ،وما الهدوء فيه إلا عارض لا يدوم».
الشخصية للناس ،أكثر من ميلهم صوب الوثائق كنت أتساءل وأنا أسمعك تتكلم هكذا :هل هذا هو الرأي
السياسية الرسمية .تأريخ للهامش كما كان يقول العم الذي تتبناه؟ أم أنك كنت ترد على أسئلة المحقق فحسب؟
ميشال فوكو ،لا تأريخ للمركز الذي يعمل دو ًما على يهمني ج ًّدا أن أعلم ذلك لأطمئن .تمنيت أن أقول رأيي.
وتمنيت أن أقول لك أنت تحدي ًدا هذا الكلام.
خلق سبل لقهر الحقيقة.
راقني كثي ًرا أنني حضرت تلك اللحظات الحوارية شبه
المسرحية بينك وبين المحقق الذي جاء يستنطقك.