Page 14 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 14
العـدد 32 12
أغسطس ٢٠٢1
أما أنت (وأنا حاضرة دائ ًما إلى جوارك يا الشيخ) أما الفايح هو الذي جاءك يتحدث عن ولعه بقراءة
أنت فكنت تفكر في الليل والنهار ..هههه .كنت صامتًا الروايات ،وكيف أنه كان يتفنن في كتابة تقارير كاذبة
مليئة بالأكاذيب والأوهام التي يصدقها الجميع ،وهو
بشكل غريب طيلة تلك اللقاءات الغريبة التي تزن
أربعين عا ًما :هل كنت تتشبه بتاريخ البلاد العربية شيء يشبه مفعول الروايات.
الذي أص َّر على الصمت؟ كلهم كانوا يتحدثون إليك قال لك شيئًا من هذا القبيل« :الروايات أجمل ما في
وأنت تستمع بانتباه واهتمام كبيرين .سارد يتأمل الحياة .هي دائ ًما تحمل إمكانيتين لفهم الحياة التي
وجهك مستم ًعا ولا يتدخل في حكاياتك .كم عجيب نحياها في الواقع بخطية وبساطة وتسطيح .حياتنا
ينقصها الجنون .الجنون الجميل طب ًعا لا ذلك الجنون
أمرك في النهاية يا الشيخ! ما هذا السارد المقلوب
الذي ينتج حكاية من خلال الإقلاع عن الحديث؟ كيف المطل على الجحيم الذي أصابني في أروقة الحياة
تكون نفسيتك يا الشيخ؟ أنت الذي يحب ويكره؟ أنت الملتوية.
الذي تتحدى النظام الأمني بكل جنونه التهديمي؟ الرواية جنون ممتع.
أنت السارد الصامت الذي يتلقى الحكاية ولا يسردها في الروايات نستطيع أن نتوقف ونعود عدة صفحات
بل يستمع إليها ..لقد ألغيت الحكاية فجعلتها تلتصق إلى الخلف .ونستطيع التوقف أنى شئنا .نحن نحتاج
دو ًما إلى أن نحيا ونتأمل في الحياة .على الإنسان أن
بالقلوب. يكون اثنين على الأقل لكي يكتمل له أمر الحياة بالوجوه
«ضمير المتكلم»؛ بيتك الكبير ،كتاب يعطي خلا ًصا
من التاريخ ..ذكرتني بما فعله ذات يوم نيلسون العديدة التي تختزنها.
مانديلا حينما جاء ليحل أكبر معضلة في التاريخ لحسن حظنا هي هنا لكي ننسى قلي ًل».
البشري :بناء دولة محبة وتسامح على الأشلاء المتبقية وهل تراه أنت من يتحدث عن الزطلة يا الشيخ؟ أكاد
المتبادلة للحقد والبغضاء ،كان ذكيًّا ج ًّدا حينما فكر أسمع صوتك وبحتك التي لا تشبهها أية بحة أخرى.
في أن يجعل شفاعة كل مجرم حرب ،وكانوا بمئات وأنت تقول« :الزطلة متجددة دائ ًما .تشبه الليل والنهار.
الآلاف ،في أن يعترف بجرمه اعترا ًفا عار ًيا تما ًما أمام تتكرر دو ًما بلا مفاجآت كثيرة ولكنها تأتيك جديدة
كاميرات التفزيون مقابل التبرئة .الجريمة تسقط أي ًضا منعشة في كل مرة .الزطلة فعلا ليل في جوفه نهار .أو
بالاعتراف أمام الشعب .تلك طريقة لتطهير الروح من هي نهار يحضن لي ًل جمي ًل مليئا بالأنوار» .وها هو ذا
دنس السر .السر في الشأن العمومي نوع من الجريمة. خالد الرائع يقول لك بطيبته العجيبة :تعجبني عقليتك
يا الشيخ ..نورت المكان ..أنت فع ًل نور في هذا المكان
والحرية كالسياسة والمعلومة شان عمومي.
هل تعرف شيئًا يا الشيخ؟ شعرت مطو ًل بأنني أحضر المظلم.
عر ًسا وأنا أقرأ روايتك .عرس متكامل الأركان .قد
تكون الحكايات حزينة في جوهرها وفي مصبَّاتها،
ولكنها كلها حكايات مليئة بالأمل وبالرغبة في
الحياة .هي كلها أفراح صغيرة تتكاتف ،ويلتف
بعضها حول بعض مثل ألياف تشكل حب ًل قو ًّيا.
روايتك يا الشيخ عرس كبير أجزاؤه شظايا
صغيرة لا تعي التاريخ في كليته .ولكنها تعيش
الجزء الخاص بها بفرح .فرح سينتهي ككل
أعراس البشر إلى الصمت العميق ،وإلى التأمل
الحزين في الفرح .الجزء الذي سكنني أكثر هو
جزء ذلك العاشق الذي خبأ قصته عشرين عا ًما.
سمعت العاشق الذي جاءك يشكو فراغ حياته
وحياتنا من الحب ..كل حديثه كان حول «زهور»..
زهور هي أنا يا الشيخ .زهور قد تكون وسيلة،