Page 13 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 13
11 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
على جواهر الأشياء يا الشيخ. .. -
في رحلتي الشعرية والأكاديمية ورحلتي كزوجة -سوف أكتبها في روايتي على أساس كونها إشارة
وأم وما شاكل ذلك ،وصلت بكل بساطة إلى تعريف
للسياسة بأنها طريقة معقدة للتموقع في العالم ،يتمثل تنبيهية»( .الرواية :ص 12و)13
دورها في نهاية المطاف في «إحداث اختلاف في الشعور عندما أطلع على الخلل الموجود في الشأن الأمني ،أشعر
بالوقت من خلال استكشاف العقليات والتعامل مع
الذكريات» .السياسة علم (أو فن) ابتكار الشعور دو ًما بوجود خلل سياسي .يراودني دو ًما السؤال
بالوقت لدى الناس ،ك ٌّل وتكوينه وإمكانيات أفقه.. غير المدرسي حول المعنى الحقيقي للسياسة يا الشيخ.
البداية كانت مع الليل .وإلى الليل آلت الحكاية كلها.
في ليل الحكاية الذي هو عنوان مخرج الحكاية« :نهايات بعي ًدا عن التعريفات المدرسية التي تريد السياسة أن
لليل الحكاية الذي لا ينتهي» ،تذكرت معك يا الشيخ تكون علم تسيير الشأن العام ،وتسيير الموارد ،وتنظيم
لي ًل ما ربما يكون «ليل الاستعمار» الذي هو عنوان العلاقات المالية وعلاقات العمل بين الأفراد .هنالك بعد
كتاب الرئيس الأول للجزائر في زمن حرب الاستقلال: خفي للسياسة نشعر جمي ًعا بوجوده .سياسات القلب.
فرحات عباس؛ والذي رأيته رفقتك يظهر في أحاديث سياسة تتسرب إلى ما تحت الجلد وتسري في العروق.
زوارك بين الحين والآخر كخلفية نوستالجية لماض
جميل ما يخلِّف ألمًا كبي ًرا في نفوس الشخصيات التي كلنا على وعي بوجودها ولكننا نجهل تعريفاتها لأنها
تجتهد كي يطلع نهارها ،ولكنها أب ًدا تقف على حواف ممنوعة من دخول المدارس العليا للسياسة والجامعات.
ليل ما .ليل هو الليل الذي تنتهي به الرواية في آخر تعرف مثلي أننا في الجامعة نتجنب الأحاديث الجوهرية.
عتباتها الهامة «الليل الذي لا ينتهي» .هذا الليل العسير الأكاديميات نوافذ تقريبية حول أشياء العالم .عليك أن
الذي يذكر كثي ًرا بليل لوي فيردينان دي سيلين؛ ترتفع عاليًا أو أن تسقط إلى أسفل سافلين لكي تتع َّرف
وكما هي الحال مع «باردامو» بطل رواية «رحلة إلى
منتصف الليل» لسيلين ،أعلم أنك تحب الكتاب يا
الشيخ فقد رأيته في مكتبتك في طبعتين ..من ترى لا
يحب سيلين؟ كما هي الحال مع باردامو إذن فأحداث
القصة «الأدبية» تدور حول «فرد» يواجه المعاناة
والفوضى والعبثية والدمار ..وهي حكاية أعادت كتابة
تاريخ رسمي لا يطيق الحقيقة .تما ًما كما هي حكاية
الشخصيات التي كانت تأتيك لتفرغ ما في جعبتها في
«ضمير المتكلم»ً.
سأسألك سريعا عن بداية الحكاية التي عنوانها «غسق
الحكاية» ..ماذا تستطيع أن تكون العلاقة مع «غسق
الآلهة» لنيتشه؟
تذكرت نيتشه وقلت إنه بعيد ج ًّدا عن هذه الحكايات
التي لا سوبرمان فيها ..حكايات المهمشين الذين
هندسوا للخراب أو شاهدوا هندسته كمتفرجين
سلبيين .لأولئك المساكين رؤيتهم الرائعة للحياة يا
الشيخ .الشرطي الذي أرادت له الظروف أن يسمى
«الفايح» ..تصور أنه لكل واحد منا حظ من اسمه كما
يقولون ،وأن يكون لك حظ من اسم كهذا؟
الفايح.