Page 17 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 17
15 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
طارق بوحالة
(الجزائر)
رواية ضمير المتكلم..
حكايات عديدة لصوت واحد
تمارس رواية ضمير المتكلم كثي ًرا من النقد اللاذع لتاريخ وواقع
الجزائر المعاصرة ،وميزة هذا النقد أنه متخفف إلى حد بعيد من الثقل
الأيديولوجي الذي يقف عادة مع صف ضد صف آخر .ولعل أبرز ما
ساعدها في ذلك هو فكرة توظيفها لفكرة الحوارية وتعدد الأصوات داخل
المتخيل الروائي الذي يقتات من مخزون التاريخ والواقع الجزائري .إنها
بحق رواية الأصوات المتعددة التي تجتمع م ًعا لتروي حكاياتها حسب
حال كل صوت منها ،هذه الحكايات التي تعبر عن حكاية نماذج من
الجزائريين الذين عاشوا الحقيقة.
وهو الضمير الأكثر حضو ًرا عبر صفحات الرواية «ضمير المتكلم لا يقول الحقيقة ،بل يعلن عن
متنق ًل بين شخصياتها المحورية« ،فضمير المتكلم الجنون س ًّرا» (ص)99
هو الضمير المهيمن ،حينما ينام الضمير ،أو حينما
يتعذب ضمير المتكلم سيد الضمائر ،لأنه يفعل دو ًما ضمير المتكلم الضمير الذي لا ينام
ما يشاء بلا أي ضمير أو أكثر من أ ّي ضمير». ضمير المتكلم هي رواية للأديب والأكاديمي
(ص)64
الجزائري فيصل الأحمر الصادرة مؤخ ًرا عن
وهذا لا يعني أن رواية ضمير المتكلم هي رواية منشورات دار ميم بالجزائر ( ،)2021وهي تقع
الصوت الواحد الذي يتكلم ولا يسمع غيره ،بل إنها في 331صفحة ،يحاول صاحبها أن يتخذ لنفسه
رواية الأصوات المتعددة ،وهي من المميزات الفنية مسل ًكا سرد ًّيا مغاي ًرا لأعماله السابقة ،حيث
التي تم توظيفها بشكل محترف ،إذ يأخذ البرنامج تتوزع الرواية على مجموعة من الحكايات التي
ترويها شخصيات عديدة منها المصور والسينمائي
السردي من هذه الفكرة مقولة أساسية تنبني والمخبر والمؤرخ ..وغيرهم ،هذه الحكايات التي
عليها جميع الأحداث .هذه الأصوات السردية التي توجه لشخصية «الشيخ» ،لهذا فإن محكي الرواية
هو عبارة عن محكي شخصياتها الأساسية التي
تنسحب على مساحات الرواية لتغطي ست ليال، ترتبط بمبدأ أن ..المهم هو حكاية الحكاية لا الحكاية
اختارها الروائي كعناوين لفصول عمله.
نفسها ،وحكاية حكايتهم هي عسيرة عجيبة،
إن ضمير المتكلم هو الضمير الأقدر على وضعنا خطيرة غريبة( .الرواية :ص.)188
كقراء في مواجهة مباشرة مع شخصيات تعاني قل ًقا
وجود ًّيا ،وذوات متشظية تتأرجح بين واقع مسيج يوظف فيصل الأحمر ضمير المتكلم بشكل أساسي،
بالخوف والفقد ،ومستقبل ،الأحلام فيه مؤجلة إلى
حين.