Page 20 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 20
العـدد 32 18
أغسطس ٢٠٢1
من قول أن «السعيد بلحيمر تاجر صاحب مطعم، التي بدأها في القرية مول ًعا بمشاهدة الأفلام ،وكيف
محمد بوشبرين مدرس متقاعد ،نصر الدين مهنا أنه اشترى علبًا كثيرة من الأفلام من أجل الاحتفاظ
شرطي ،مالك خليفي كاتب سيناريو أو منتج في
بها .هذه الأفلام التي تمثل بالنسبة إليه ذاكرة
التلفزيون أو مستشار إعلامي أو لست أدري للتخزين.
بالضبط ،ثم خالد بن عواد رجل أعمال ،حسين
بلعمري مدرس ،عز الدين بوساكور منشط ثقافي، ومن مسحات الأمل قصص الحب التي تستحضرها
وسيناريست هؤلاء هم ضحايا التاريخ الجزائري الرواية ،قصص تحظر فيها دلال وفضيلة وزهور،
الحديث ،لهم قلب أوسع مما يجب ،ماتوا عدة مرات
وحرقوا أخي ًرا لكي يتغلبوا على الموت»( .ص)323 هذا الحب المعلق والمؤجل ،المرتبط بالتطورات
إن احتراق هذه الشخصيات السبعة هو احتراق الرهيبة التي كانت تشهدها البلاد ،إن الحب في
رمزي لحكاياتهم ،إنه عبارة عن موت لضمير نحن،
ضمير الجماعة ،وبقاء لضمير «أنا» ضمير المتكلم، ضمير المتكلم بمثابة المساحة الفسيحة للأمل
وللحلم ،حتى وإن كانت مصائر المحبين يكتنفها
ضمير الصوت الواحد ،ولا غيره. الغموض ،مصائر ُترسم لها حدود ضمن فضاء
تركيب: المجهول والخوف والترقب.
تمارس رواية ضمير المتكلم لفيصل الأحمر كثي ًرا الرواية وعالم الهامش:
من النقد اللاذع لتاريخ وواقع الجزائر المعاصرة،
وميزة هذا النقد أنه متخفف إلى حد بعيد من الثقل يحضر عالم الهامش الاجتماعي بشكل لافت في
الأيديولوجي الذي يقف عادة مع صف ضد صف رواية ضمير المتكلم ،هذا العالم الذي يتمظهر من
خلال شخصيات وأمكنة ووقائع تحيل على تمثيلات
آخر .ولعل أبرز ما ساعدها في ذلك هو فكرة
توظيفها لفكرة الحوارية وتعدد الأصوات داخل واقع المقهورين والمحرومين والمنبوذين ،ويبدو
المتخيل الروائي الذي يقتات من مخزون التاريخ أن استحضار هذا العالم وهذه النماذج هو بمثابة
فضاء يمثل انشطار هذه الذوات القابعة في الهامش.
والواقع الجزائري. يتجلى هذا العالم -أو ًل -من خلال محكي القرية
إن ضمير المتكلم هي بحق رواية الأصوات المتعددة التي تحضر في مقابل المدينة «العاصمة» باعتبارها
مركز كل شيء ،القرية أو باقي مناطق الوطن هي
التي تجتمع م ًعا لتروي حكاياتها حسب حال كل مكان «ألف حكاية صغيرة تافهة تبدو متفرقة بلا
صوت منها ،هذه الحكايات التي تعبر عن حكاية رابط»( .ص )188بينما «تحولت النخبة المعول عليها
في البلد كلها إلى النخبة التي تعيش في العاصمة».
نماذج من الجزائريين الذين عاشوا الحقيقة.
رغم أن النهاية تعبر عن طغيان الحكاية الواحدة (ص)120
وما يبين -أي ًضا -تمثيلات عالم الهامش في رواية
والوحيدة.
كما تحيل هذه الرواية على القدرة العجيبة التي ضمير المتكلم هو «محكي الزطلة» ،وهو محكي
يتمتع بها الروائي في الجمع بين كثير من الوقائع مرتبط بمغامرة مجنونة نحو النسيان ،فهي كما
والأسماء الفنية والسينمائية والتاريخية والثقافية
والسياسية في بوتقة فنية واحدة ،تم بعد ذلك جاء في الرواية «تداوي جروح الحياة ،عندما
تذويبها ضمن المتخيل الروائي ،كما أن اهتماماته يصيبك القرف من كل شيء تغادر العالم ولا يفيدك
الفلسفية والمعرفية قد جعلت الرواية ذات طبقات
مختلفة تجمع بين الجمالي والتخييلي والمعرفي إلا صديق أو صديقة أو حبيبة»( .ص)118
لا حكاية إلا حكاية واحدة:
هل تنتهي رواية ضمير المتكلم مع انتهاء الحكايات
المذكورة ساب ًقا في الليلة السادسة؟ تتطلب الإجابة
عن هذا السؤال استحضار ما جاء في نهاية الرواية