Page 25 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 25

‫‪23‬‬          ‫إبداع ومبدعون‬

            ‫رؤى نقدية‬

                                                                 ‫المركزية للرواية‪.‬‬
                                                                 ‫أحد الأبطال واقع في حبها‬
                                                                 ‫منذ ثلاثين سنة‪ ،‬وهو يكتب‬
                                                                 ‫في مناجاتها قائ ًل‪« :‬نحن‬
                                                                 ‫محظوظان سيئا الحظ؛‬
                                                                 ‫ننتمي إلى آخر جيل كتب‬
                                                                 ‫الرسائل الطويلة على الورق‪.‬‬
                                                                 ‫محظوظان لأنه جيل نبيل‬
                                                                 ‫فعل أشياء نبيلة‪ ،‬وسيئا‬
                                                                 ‫الحظ لأننا رأينا خسوف‬
                                                                 ‫العالم الذي اعتقدناه‬
                                                                 ‫أجمل ما يمكن أن يكون‪:‬‬
                                                                 ‫العائلة‪ ،‬الأخلاق‪ ،‬الاحترام‪،‬‬
                                                                 ‫الحب‪ ،‬التعفف‪ ،‬احترام‬
                                                                 ‫المسافات‪ ،‬الحلم‪ ،‬العمل‪،‬‬
                                                                 ‫القدرة على تغيير الأشياء‪،‬‬
‫رولان بارت‬  ‫هنري فوندا‬                               ‫مفدى زكريا‬  ‫الإيمان بالجامعة‪ ،‬الغفلة‬

                                                                 ‫عن المسيرين الحقيقيين‬
                                                     ‫الذين يريدون بعالمنا ش ًّرا‪ ،‬تعظيم مكانة العاشق‪،‬‬
‫القلب هو المدينة الفاضلة يا الشيخ‪ .‬وحده يحقق كل‬      ‫الاستعداد للاستغراق في الأشياء»‪( .‬الرواية‪:‬‬
              ‫أحلامنا بلا نقاشات كثيرة وملتوية‪.‬‬                  ‫ص‪)100‬‬
                                                       ‫وتروقك كثي ًرا البنية ذات البعد الأخلاقي الفعال‬
‫كانت الثمانينيات هي أواخر سنوات القلب في العالم‬      ‫للانتقال من قصة عاشق موله بامرأة أو بصورتها‬
      ‫كله‪ .‬بدأ الحلم في الستينيات بعد بداية نسيان‬    ‫التي صنعها لنفسه ‪-‬والتي سنكتشف أنها لم‬
                                                     ‫يعد لها بعد ثلاثين سنة من التأزم في حال البلاد‬
  ‫الحرب العالمية‪ ،‬واستمر في السبعينيات على أجمل‬      ‫والعباد أي وجود يذكر‪ -‬إلى التأمل في السياسة‬
    ‫شكل ممكن حيث قضيت أروع طفولة يحلم بها‬            ‫والتاريخ؛ انتقال ف َّعال أخلاقيًّا كما وصفناه لأنه‬
   ‫بشر‪ .‬طفولة رائعة رغم البؤس المر ّوع‪ ..‬ثم بدأت‬     ‫يربط بالحيل السردية الذكية الكثيرة في الرواية بين‬
                                                     ‫المصير الفردي الذي يبدو متناهيًا في الصغر؛ وبين‬
‫منعرجات الحياة والعالم في الثمانينيات حيث تراجع‬      ‫المصير الجماعي المتناهي في الكبر والخطر‪ .‬وهاهو‬
     ‫القلب بشكل ما‪ .‬بدأنا نخرج من اليوطوبيا إلى‬      ‫ذا هذا العاشق الذي يلتقي بحبيبته بعد عشرين‬
                                   ‫الديسطوبيا‪.‬‬       ‫سنة (سيتضح أنها ثلاثون وهو لا يدري تما ًما‪ ،‬لأن‬
    ‫في نهاية تلك السنوات امتلأت كراستي بتعابير‬       ‫زمن القلب عاجز عن تقصي الزمن الكرونولوجي)‬
                                                     ‫يقول في وصف ذلك‪« :‬سعدت كثي ًرا وأنا أرى أخي ًرا‬
    ‫مختلفة تما ًما عما كان يملأ كراستي أول الأمر‪.‬‬    ‫المرأة الحديدية؛ زهور التي عرفتها لم تكن حاضرة‬
  ‫الحديث عن الأمل في إيجاد عمل تحول إلى البحث‬        ‫بقدرما تصورت إلا داخلي‪ .‬أما زهور التي يعرفها‬
                                                     ‫الجميع والتي كانت تأتيني أخبارها فلم أعرفها‪.‬‬
                         ‫غير المجدي عن وظيفة‪.‬‬        ‫سعدت بلقائها أخي ًرا بقدر ما حزنت لرؤية شيء‬
‫الخير الذي كان يعد بأن يعم في البلاد‪ ،‬صار أخبا ًرا‬                ‫كالحلم الجميل يتبدد بشكل بارد‪.‬‬
                                                                 ‫إنه الصقيع فع ًل يا الشيخ‪.‬‬
  ‫عن الأزمة‪ ،‬وعن الندرة في المواد الغذائية الأولية‪.‬‬
       ‫الملفات الوسخة لاغتيال رجال الثورة الكبار‬

‫ورموزها بدأت تطفو على السطح‪ .‬كان اسم العظماء‬
     ‫جمي ًعا الشهيد أو المجاهد‪ ،‬وكلهم شهداء الحق‬

‫الذين قتلوا على يد الفرنسيين أعدائنا الكفار وماتوا‬
    ‫في سبيل الله وهم أحياء عند ربهم يرزقون‪ ،‬أو‬
   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30