Page 22 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 22

‫العـدد ‪32‬‬  ‫‪20‬‬

                                                      ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

     ‫من الليالي هي تحتوي على عدة عناوين داخلية‪،‬‬          ‫ثغرات السرد وجود قصور سردي‪ ،‬بل إن هناك‬
      ‫وقد تناولت كل ليلة موضوعاتها المختلفة مرة‬       ‫أفعا ًل في الرواية اشتركت فيها عدة أطر‪ ،‬فكل فصل‬
‫بسرد ينتهي بشكل تام‪ ،‬وآخر يرتد عبر دعم الزمن‬           ‫مثل نمط سرد منقطع يقف عند نهاية السرد‪ ،‬ومن‬
  ‫الدائري‪ ،‬خصو ًصا فيما بين الراوي والشيخ‪ ،‬وقد‬
 ‫استغل المؤلف وحدات السرد الارتدادية لصالح من‬            ‫ثم يبدأ سرد جديد يليه‪ ،‬ففي الفصل الأول غسق‬
‫أناب عنه‪ ،‬وقد استخدم المؤلف عدة أزمنة في روايته‪،‬‬      ‫الحكاية نجد الرواية قد بدأت بمستهل حواري‪ ،‬وهذا‬
    ‫لكن الزمن الدائري أخي ًرا هو من يحكم الموقف‪،‬‬
 ‫وقد أكد لنا السرد الدائري ارتداده من خلال إعادة‬       ‫قلما يستخدم‪ ،‬والحوار كان ثنائيًّا بين متكلم ينطق‬
    ‫إنتاج العتبات الداخلية الثابتة في فصول الليالي‪،‬‬     ‫بضمير المتكلم وبين «الشيخ»‪ ،‬والخطاب الحواري‬
   ‫حيث نجد عتبة شخصية السينمائي‪ ،‬التي تفصح‬            ‫كان مفتو ًحا بحدود‪ ،‬بنسب دون قيود خصو ًصا من‬
‫لنا عن أفكار قد صاغها الراوي بوعي عميق ومهارة‬            ‫جهة الراوي‪ ،‬والذي أتاح فر ًصا للوصف حتى في‬
    ‫كبيرة‪ ،‬إذ جعل القسم في كل ليلة يتناول مفهوم‬         ‫صيغة الحوار‪ ،‬وقد تصاعد إيقاع الحوار وتنوعت‬
  ‫السينما من جهة كمدخل للحديث قبل الخوض في‬             ‫آفاقه‪ ،‬لكن فيه نسبة واضحة من كشف بؤرة رؤيا‬
   ‫تفاصيل الحكاية‪ ،‬فكانت تلك العتبة أشبه بحلقات‬
‫برنامج تتناول مفهوم السينما‪ ،‬لكن بصيغة الرواية‪،‬‬            ‫المؤلف‪ ،‬وقد تضمن الحوار الذي كسر القاعدة‬
   ‫تصاعدت فيها الأفكار حتى بلغت بع ًدا أفلاطونيًّا‬      ‫العامة رؤية بانورامية للأحداث كلها‪ .‬ولم تتوقف‬
                                                        ‫أبعاد الحوار إلا بعد آخر جملة قولية فيه‪ ،‬ومن ثم‬
         ‫ومرات تبلغ أف ًقا بيزنطيًّا‪ ،‬فيما تشكل عتبة‬     ‫بدأت مجموعة ليالي معاشة وموصوفة‪ ،‬وكل ليلة‬
  ‫المؤرخ صفة أخرى‪ ،‬فهي بالتأكيد ترتبط بالتاريخ‬

       ‫وتصوراته وتلاعباته‪ ،‬وهنا ستحقق العملية‬
   ‫الإبداعية عدة وحدات سردية بنظام ارتداد بديع‪،‬‬
   ‫بعد التوغل في مناطق تاريخية واستعادة الماضي‬
 ‫إلى البرهة الروائية‪ ،‬وهنا نشير إلى تفاوت عتبة عن‬
 ‫أخرى في مجال متنها الموصوف أو المسرود‪ ،‬حيث‬

     ‫كل عتبة اشتقت لها موضوعة ترتبط بالعنونة‪،‬‬
   ‫وصارت تتداولها وص ًفا أو سر ًدا‪ ،‬وهذا ما جعل‬
‫الرواية تشتغل بعدة وجوه لتصعيد أفق الجمال‪ ،‬في‬

        ‫المحصلة‪ ،‬ولا تعمل في إطار أفق واحد فقط‪.‬‬

  ‫لسانيات الرواية وتمفصلات اللغة‬

   ‫تغيرت لغة الرواية كثي ًرا بعد أن خرجت من كفن‬
       ‫الرتابة وتحديد أبجدية اللغة الروائية لسياق‬

 ‫الكلام‪ ،‬والحاصل أنه قد انتهى عهد اللغة المهذبة أو‬
  ‫الخجولة‪ ،‬وبعد أن تحررت اللغة الروائية وصارت‬

    ‫لغة احتمالية يمكنها افتراض ما تشاء‪ ،‬فقد دخل‬
 ‫في جنس لغة الرواية عدة وحدات‪ ،‬منها ما أسميناه‬
  ‫اللغة البينية‪ ،‬والتي تكون بين الأدبي والاجتماعي‪،‬‬

     ‫وأخرى أسميناها اللغة الهجينة التي تجمع بين‬
  ‫المشهود والمعلن والمستور الإيروتيكي‪ ،‬وتلك اللغة‬
   ‫بدأت تسود بعد ظروف ما بعد الحداثة‪ ،‬واتصال‬
   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27