Page 19 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 19
17 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
مختلفة في عملية عرض الأحداث ،هذه الأحداث التي
لا تتشكل خطيًّا ،بل يلجأ الروائي إلى ممارسة تقنية
تشتيت السرد ،مما يجعل الأصوات متداخلة رغم
الفصل الموجود بينها.
تقوم رواية ضمير المتكلم بالتعامل مع التاريخ
الجزائري المعاصر المنسحب على حوالي خمسة
عقود باعتبارها حلقات تشد بعضها البعض ،غير أن
عمليّة السرد تفك هذا الارتباط العضوي بين هذه
اللحظات تماشيًا مع محكي الشخصيَّات .فخمسة
عقود تظهر بنية تاريخية متراصة ومنسجمة ،ولكن
الروائي يلجأ إلى تشتيتها لتصبح محطات متفرقة.
يلجأ المتخيل الروائي لضمير المتكلم إلى ممارسة
عمليَّة تفكيك الحكاية الكبرى للجزائر المستقلة ،ثم
توزيعها عبر محكيات الشخصيات المذكورة آن ًفا،
غير أن هناك تجاو ًزا للتصوير الخارجي الصادم
لتمظهرات «متخيل العنف» ،إذ نجد بعض الإشارات
لبعض الأحداث التي وقعت في ج ّل مناطق الجزائر
في عشرية الدم ،ولكن دون الإغراق في التفاصيل
التي تأخذ في بعض الروايات صو ًرا هستيرية.
ضمير المتكلم وفضاءات الحلم:
رغم أن رواية ضمير المتكلم قد اشتغلت -كما
قلنا -على تمثيلات العنف سواء كان حقيقيًّا أو
رمز ًّيا فإنها لم تغرق كثي ًرا في هذه الموضوعة،
إذ فتحت مجا ًل واس ًعا للحديث عن أحلام وآمال
شخصياتها الأساسية ،التي تعبر عن أحلام
وطموحات الجزائريين الذين كانوا يعيشون في تلك
الفترات التي اشتغلت عليها الرواية ،السبعينيات
والثمانينيات والتسعينيات .وصو ًل إلى الألفية
الثالثة ،وقد تبلور هذا المجال الواسع من الأحلام في
الحب والسينما والفن وغيرها.
لهذا يلاحظ قارئ رواية ضمير المتكلم وجو ًدا
كثي ًفا لعالم السينما العربية والعالمية ،وذلك من
خلال ورود قائمة طويلة بأسماء الممثلين العالميين
وعناوين الأفلام العالمية المعروفة التي حصد
أغلبها جوائز مرموقة .وهو ما تجسده شخصية
السينمائي ،عز الدين هذا الرجل العاشق للسينما،
الذي كان يردد «أن السينما هي فرحه الكبير» ،وهو
يروي حكايته معب ًرا عن محطات مفصلية في حياته