Page 27 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 27
التاريخ كسلسلة من الأحداث ليس وليم شكسبير
"أخلاق ًّيا" .فهو كما وصفه شكسبير على الأخلاق المطلقة تتحول -كما نعرف -إلى ظرف
لسان ماكبث :حكاية مليئة بالجلبة تاريخي ،وهذا هو الغياب الكلي للقيمة الأخلاقية
إذا ما سلمنا مع الفلسفة بتعريف الأخلاق على
والعنف يرويها على مسامعنا مجنون
أنها نوع من التصرف داخل العالم.
أخرق .فكأنه علينا مع الشخصية «في الشارع الذي لم يكن مهت ًّما بالرياضيات،
ولا بدور الخوارزمي وجابر بن حيان في تاريخ
المتكلمة أعلاه في "ضمير المتكلم" أن العلم ،والذي لم يكن يجيد الحساب مثلما أجيده،
كانت الديموقراطية تغزو القلوب التي أسلمت أمرها
نفكر في اللاقانون الدولي ،واللاعدل لحرية التعبير وللتداول على السلطة ،في بلد مثقل
بأعباء الاستعمار كان على العالم أن يقول لأهله:
وربما لا أخلاق التعليم الديني ،ولا أخلاق «لقد أسلمنا ولما يدخل الإيمان بالديمقراطية قلوبنا».
الرياضيات يا الشيخ أكذوبة ..يعلموننا الحساب في
التاريخ المذهبي ،ولا حقوق الإنسان عالم مليء بالجبرية لا بالجبر ..مليء بغياب العدالة
لا بالمعادلات المستوية ..عالم كل الأطراف فيه
أي ًضا .وكل هذه القيم يمكنها فقط أن غير متساوية الطرفين ..وكل هندسته تؤدي إلى
الحصول على علامة سيئة في امتحان الحياة .علينا
تستعاد كذكريات نتحسر على انتفائها. ان نوقف الرياضيات ونتعلم التاريخ أو ًل ..ونتعلم
الخيال ..الخيال أهم من الحسابات الدقيقة ..دقة
سلاسل متناسلة من الأكاذيب ،الفوضى ،الظلم، الحساب تأتي بالظلم والتنمر والاستعمار ..الخيال
والإيمان بالتاريخ (أو بسلطة الظروف؛ لأنها إحدى يستعيد الأطفال الذين ناموا داخلنا ويحيل على لذة
توريات التاريخ) وهو ما يؤدي دو ًما إلى إفراغ اللعب المشترك..
التجربة الإنسانية من بعدها الأخلاقي وحتى من هذا ما أوصلتني إليه تجربتي في إقامة ألف حساب
معناها ،نفي كلي لكل أنماط المشاركة الوجدانية لألف ألف شخص من سادة البلاد»( .الرواية:
للبشر ،وكل إمكانيات الحساسية البشرية التي ص)24 -23
تخلق الشعور بالمسؤولية على الآخر؛ وهو جوهر
التاريخ في التصور الروائي لفيصل الأحمر
القيمة الأخلاقية.
التاريخ كسلسلة من الأحداث ليس «أخلاقيًّا» .فهو
كما وصفه شكسبير على لسان ماكبث :حكاية مليئة
بالجلبة والعنف يرويها على مسامعنا مجنون أخرق.
فكأنه علينا مع الشخصية المتكلمة أعلاه في «ضمير
المتكلم» أن نفكر في اللاقانون الدولي ،واللاعدل
وربما لا أخلاق التعليم الديني ،ولا أخلاق التاريخ
المذهبي ،ولا حقوق الإنسان أي ًضا .وكل هذه القيم
يمكنها فقط أن تستعاد كذكريات نتحسر على
انتفائها.
يقول أحدهم مث ًل في وصف أحد مغني الغناء
«الشعبي» ،وكلهم شيوخ محترمون على عكس
باقي المغنين المرتبطين بنوع من التخفف الأخلاقي: