Page 31 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 31

‫تتحرك هذه الشخصيات فجأة من‬                              ‫عبان رمضان‬  ‫مصالي الحاج‬

  ‫أجل تحرير "الضمير" بفعل الكلام؛‬                             ‫الأدبي سيحتفظ بهذه الرواية لأجلها هو العلاقة‬
                                                            ‫الإشكالية التي ابتكرها فيصل الأحمر بين المتخيل‬
‫ومع القراءة الثانية لمعنى العنوان‬                           ‫والواقع‪ ،‬بين العالم النصي والعالم المحيط بالنص‪.‬‬
                                                             ‫وقد أذاب العلاقة كلها في الهاجس الأخلاقي‪ ،‬من‬
    ‫"ضمير المتكلم"‪ ..‬فكل واحد من‬                            ‫الباب الذي طرقناه هنا والذي يكثف الأسئلة حول‬
                                                           ‫مسألتي‪ :‬صناعة القيم وتأطير السلوك‪ .‬أو التركيز‬
       ‫هؤلاء قد أدركه حراك الجزائر‬                        ‫على السؤالين‪ :‬كيف نفكر وما السلوك الواجب تبنيه؛‬
                                                            ‫وهما ‪-‬كما أسلفنا‪ -‬السؤالان الأخلاقيان بامتياز‪.‬‬
     ‫(‪ )2019‬وقد فقد احترامه لذاته‬                           ‫من جهة أخرى فإننا نرى الشخصيات كلها تعاني‬

‫وقدرته على دمج أفعاله في الحياة‬                               ‫من نشاط مفرط للذكريات التي تعذبها‪ .‬إن هذه‬
                                                            ‫الذكريات التي يبدو كأن شيئًا ما يستفزها؛ شيء‬
  ‫الجماعية‪ .‬كل واحد من هؤلاء قد‬
                                                                ‫قد يكون «الحراك» الشعبي الذي أعاد الجميع‬
     ‫فصلته تجربته عن عائلته وعن‬                                 ‫إلى لحظة تنتمي إلى شكل معين من التاريخين‬
     ‫صحبه‪ ،‬لكي يظل "محتجًزا" في‬                                ‫الشخصي والجماعي أجج القناعات والمنظومة‬
                                                             ‫الأخلاقية المنوطة بها‪ .‬فالأخلاق التي نبحث عنها‬
‫وجه أولئك الذين يظلون إلى جانب‬                            ‫دو ًما في الرواية وسط جدل قديم كبير‪ ،‬هي منظومة‬
                                                            ‫الاستحسان والاستهجان التي تتجلى في التواريخ‬
‫الأخلاق الرسمية التي هي أخلاقيات‬                          ‫الشخصية المعزولة للشخصيات‪ ،‬وهي قطع صغيرة‬
                                                             ‫عادة ما لا يكون التاريخ الجماعي «الرسمي» إلا‬
             ‫متحركة حسب المصالح‬                             ‫محصلة لها كلها مجتمعة‪ .‬فمن الواضح ونحن في‬
                                                             ‫الزمن ما بعد الحداثي المولع بمراجعة كل ما كان‬
      ‫فلسفة التاريخ‪ .‬بل إنه صار مسا ًرا حركيًّا ومعق ًدا‬     ‫مسل ًما به في التاريخ الرسمي؛ أن التاريخ لم يعد‬
      ‫يستشف معانيه الممكنة من كل ما يمكن أن نلتقطه‬           ‫لو ًحا يتعلم عليه المؤرخ وغيره من الناس درو ًسا‬
                                                                 ‫في الحضارة‪ ،‬يستخلصها مما يسميه فولتير‬
          ‫من الأحداث المتراصة في الكتب (وفي الذاكرة)‬
        ‫وهي الرؤية الحركية التي تغرينا بأن نفكر بأنه‬

          ‫من الممكن مراجعة (وربما تصحيح) القناعات‬
     ‫والسلوكات التي كثي ًرا ما تحيلها محاولات المراجعة‬
     ‫البسيطة التي نقوم بها بدون تركيز كبير على شيء‬
     ‫قليل الفائدة‪ ،‬لا يبدو له أي معنى عدا تبرير الوضع‬

                           ‫الحالي والسياسة السائدة‪.‬‬
       ‫هل معنى هذا أن التاريخ أكذوبة تتلاعب بعقولنا‬
      ‫وتتسرب إلى تاريخنا ونتبناها عاطفيًّا ولا نفكر في‬
     ‫عرضها على أي جهاز من شأنه أن يضيء جوانبها‬

                                            ‫المظلمة؟‬
        ‫العنوان الأخير في الرواية هو عتبة مهمة ج ًّدا في‬

          ‫محاولة الإجابة على هذا السؤال‪« :‬نهايات لليل‬
                              ‫الحكاية الذي لا ينتهي»‬
   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36