Page 35 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 35
الفلاسفة يعتمدون كثيًرا في فهمهم على
طرح الأسئلة ،لأنها تربطهم بفرضيات تفتح
لهم مكا ًنا للعيش داخل جمهوريتهم ،فهم
يرفضون اليوتوبيا لأنها تقيدهم وتأخذ من
حريتهم وتقدم لهم أسئلة خارج الفلسفة،
لذلك نجد ضمير المتكلم يسكن ح ِّيًزا غير
محدود العوالم رفقة ضمائر أخرى تمثل جز ًءا
من عالم الأحداث .ولأن الضمائر تقترب من
الفلسفة وتبتعد عن الفلاسفة فهي تريد
أن تصاهرها وتشكل معها جوهر العلمية
السردية.
الضروري بين العقل التمثيلي والعقل التدليلي ،أي علاقة مصاهرة ،لكنها ترفضهم ،لأنهم ليسوا
بين الحكايات والشروح المنطقية. من رحم واحد ،وبالتالي يحدثون فوضى داخل
أسوارها ،ولأن اليوتوبيا والتاريخ قد جمعهما
رؤية اليوتوبيا من منظور الآخر: الحدث وفرقتهما الشخصيات ،سيكون ضمير
كثي ًرا ما أجلس في غرفتي أتفحص الكتب المتكلم من العناصر التي أحدثت ضجة داخل
والمجلات ،أو أسير في الشارع مع أصدقائي نتأمل أسوارها ،لأنه يريد التواصل مع سكانها على
غرار الشعراء والأدباء والروائيين ،لذلك نجد
ونخوض غمار الأحاديث .يسأل صديقي عن ضمير المتكلم قد استحوذ على شخصيات متعددة
المدينة الفاضلة التي أقام فيها الشعراء والكتّاب
حياة صاخبة بالكتابة في ظل أجواء غلبت عليها الأطراف ،متشعبة العوالم.
الحرية والمنافسة لخدمة المصالح ،ثم يتذكر عقوبة سنذ ِّكر صديقنا القارئ المتسرع ،بأن الشعراء
الإقصاء من حرم اليوتوبيا الذي ُمنع بعض منهم الذين أقصاهم أفلاطون من جمهوريتهم ،هم
أقرب إلى تصور الروائيين اليوم منهم إلى تصور
من الإقامة داخلها« .سألتها ذات صمت ثقيل الشاعر الذي درجنا عليه ..فمشكلة أفلاطون مع
خفيف :لماذا لا تسأليني عن أي شيء؟». الشعراء هي أنهم كانوا يقفون لتلاوة مسرحياتهم
في أثينا القديمة ،وأن الجمهور كان يقع تحت
قالت لي« :اختبرت كل شيء يا حبيبي القديم سحر الحكايات والتوابل البلاغية التي تصاحبها،
الطيب ،رأيت كل شيء ،العالم خراء كبير ،لا وهذا ما كان أفلاطون يرفضه لأن الحقيقة La
شيء من الأشياء التي تخفى علينا يحمل جمي ًل، véritéفي عرفه لا تتماشى مع الحكايات المشعبة
الأسرار متفرقة دائ ًما ،الأشياء الجميلة تظهر من بالخرافات والميتافيزيقا ،وهو تصور سيدحضه
تلقاء نفسها ،الخير يسكن الجوارح والشر يختفي
علم الأعصاب في أيامنا ،لنكشف التكامل
في القلوب» الرواية( .ص)246
لاشك أن الدفاع عن المدينة الفاضلة يتطلب