Page 39 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 39
37 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية-شهادة
تما ًما مثلما مرت ست ليال في الرواية تمددت على في الحين الذي أسأل فيه ذاكرتي عن هذا القيصر
طول 340صفحة وابتلعت أربعين سنة. (هكذا كنا نسميه في الدامعة منذ سنوات خلت..
تمر بسرعة سنوات أليس ..سرعة العجائب)؛
بعد انتهاء اليوم تقريبًا عدت إلى المنزل منهكة
واتخذت غرفتي ملا ًذا لي بحجة أن السفر مض ٌّر أجدها تلقي إل َّي ما يزيد طربي وأنسي ..الشخص
بصحتي -فع ًل -وأثناء تلك الفسحة والوقت بدل اللطيف المتواضع ،أبيات شعر جميلة ،كتب ،روايات
وروايات وروايات ..إنني أترك لذاكرة الاستئناس
الضائع من اليوم تسللت لثنايا العريس الذي أن تنثال انثيا ًل وأرقب ما يأتي ،وأد ّون ما شئت أن
يرتدي ز ًّيا رماد ًّيا وقمي ًصا أبيض ذا ربطة عنق
سوداء من الطراز الكلاسيك ِّي (أيام الزمن الجميل أد ّون..
مع عبد الحليم حافظ وفيروز ،)..وفي يديه توجد على هامش ذكر الرواية فأنا أعشق القراءة ح ّد
تلك الحناء التي توضع ليلة زفافه ،تخ ّط الإهداء
الذي كتبه لي الأستاذ فيصل ،الذي قررت ألا أقراه الثمالة ،وللروايات عندي مكان ًة خا َّص ًة ج ًّدا.
الروايات تشبه الحياة خالية من الزيف .تشبهنا
إلا في البيت ..هكذا لسبب في نفس مروة« :إلى
الصديقة الغالية أ.مروة لعريبي :كل شيء جميل في ولكن بلا ماكياج .تشبه أحاديثنا الصامتة مع
أنفسنا مع تعويض الخجل والخوف بالصراحة
ومواجهة الحقيقة.
قرأت مؤخ ًرا «ضمير المتكلم» .وكان أن
أغرتني لأكتب عنها.
الكتابة أمل؛ وما أضيق العيش لولا فسحة
الأمل .والصحيح الأصح أن نقول :ما أضيق
العيش لولا فسحة الكتابة!
نعم؛ إنها ضمير المتكلم «ضمير الأحمر»،
خلقت لنفسها مكا ًنا بين الزخم الذي أم ُّر به،
خاصة مع تحضيراتي ليوم زفافي ،ويا لها
من لمسة سحرية أزالت عني نصف التعب
والإرهاق ،وما زاد أيامي فر ًحا يوم قررت
الحصول على هذه القطعة الذهبية (ضمير
المتكلم) خططت ضرب عصفورين بحجر
واحد؛ إدخال هذا الضمير عالم العروس
بر ِّش بعض مستحضرات التجميل عليه كي
يتزين بها أكثر.
في الفترة نفسها اقتنيت الرواية والتقيت
بالأستاذ فيصل في مكتبه بالجامعة بعد فترة
فراق طويلة ..أمضينا وقتًا ممت ًعا باسترجاع
ذكرياتنا أيام الجامعة (ولي شوق بحجم
السماء إلى العودة إلى مقاعد المد َّرج أدرس
أمام هذه القامة العظيمة) .وحينها بالكاد
لم ننتبه للوقت كيف مضى ،لم ننتبه للقائنا
هناك بين تلك الزوايا منذ ساعة وخمس
دقائق وثلاثين ثانية وبعض أجزاء من
الثانية.
سري ًعا ج ًّدا أصبحت ساعة وست دقائق..