Page 44 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 44
العـدد 32 42
أغسطس ٢٠٢1
السعادة .الرضا أهم من السعادة .الرضا معطى و»ضمير المتكلم» من هذا المنظور رواية تختزل كثي ًرا
يمكننا أن نعول عليه لأنه قابل للوصف وثابت على من حالات الحياة ومقاماتها .بعدد الشخصيات التي
محور الزمن ،أما السعادة فهي فتًى مدلل شقي قد فيها ،والأسماء والسياقات والأوضاع التي تذكرها
أو تحيل عليها ولو مجرد الإحالة .وأهمهم الروائي،
يتعبنا بتقلبات مزاجه. رجال الأمن والإعلام والأعمال ،وكذا السيناريست
من يشهد على ذلك؟ و هل للتاريخ وجود فعلي؟ والعسكري المولع بالأفلام السينمائية ،المعلمون،
مروجو المخدرات ،وكثير ج ًّدا من المهمشين الذين
علاقتنا بالتاريخ والوقائع هي علاقة الجزء بالكل، لم نعتد عليهم يأخذون مواقع البطولة المطلقة ..كل
والجزء قد يجتهد كثي ًرا ولكنه أب ًدا لن يبلغ الوعي هؤلاء تتقاطع مصائرهم تقاطعات كثيرة مثيرة ،لكي
الكلي التام الكامل بالكل .السؤال الذي أراه ضرور ًّيا يجتمعوا جمي ًعا قبالة الكاتب الذي يسمونه الشيخ،
على هامش ثنائية الحاضر والغائب التي اختارها
نظام الضمائر في اللغة العربية (وحتى في اللغات ويثقون فيه فيروون له حكاياتهم.
الأخرى)؛ هو سؤال التموقع ،أين نقع بالتحديد هل يصنع التاريخ سعادة المتكلمين أم
من المسألة لكي نجيد صياغة أسئلة هامة ومجدية الغائبين؟
بالنسبة للتاريخ؟ التاريخ في المطلق خلاصات ،وهو
بالضرورة خلاصات معقدة وبطيئة لا يمكن النطق التاريخ قطار أعمى ،وككل قطار فإن له قائ ًدا أو
سائ ًقا يحركه ،بطيء أحيا ًنا ،وسريع أحيا ًنا أخرى.
في أمرها في الوقت نفسه ،وبالتالي فالمسافة التي
يحددها هذا التموقع الذي أتحدث عنه مسألة مهمة مليء بالمفاجآت ،يمر بمحطات عديدة ،ولا تشكل
نقطة الوصول فيه إلا نقطة محدودة الأهمية.
ج ًّدا.
أما جوهر المسألة فيه فهو المسار ككل .كذلك هو
هل الغائب هو فع ًل غائب أم أنه متكلم التاريخ .أما عن السعادة فهي أمر نسبي .ستلاحظين
مستتر؟
معي أن كثي ًرا ممن عاشوا البؤس والفقر والعوز
على هامش عملي كروائي أنا مشتغل أي ًضا في الحقل أو السجن والاحتجاز والحرمان انتهوا إلى إيجاد
الفلسفي ،ومن الناحية الفلسفية أجد نفسي ممن السعادة وابتكار سبل الفرح ،وكثير ممن امتلكوا
يميلون صوب التشكك في الخطاب الجوهري؛ أي
المفاتيح المعتادة للفرح ينتهون إلى فقدان معنى
الحياة ..فالشأن الوجداني نسب ٌّي دائ ًما .ربما ما
يهم أكثر من البحث عن سعادة المتكلمين والغائبين
(فمصيرهم
إذا كانوا أبناء
المرحلة نفسها
هو مصير واحد
على العموم)
هو البحث
عن الأجوبة
المناسبة للفترة
التاريخية ،وهذه
تضمن الراحة
والطمأنينة
والرضا لا