Page 34 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 34
العـدد 32 32
أغسطس ٢٠٢1
والشخصيات ،هذا الصراع الثنائي بين رغبة نفسها داخل أسوار المملكة ..هذه الشخصيات
الظهور ،وقابلية التخفي ،ولأن التاريخ يرفض التي تعيش داخل المملكة ،فضلت الخروج والبقاء
الحضور بين سكان الرواية ،باعتباره عتبة تفتح
المجال أمام كل التوقعات ،وتخلق عالمًا مواز ًيا خارج أسوارها لأنها ستعيد نفسها في كل مرة
لا أساس له من الوجود ،هذا ما استحضرته وبطريقة مختلفة ،تستحضر الماضي بطريقة
الشخصيات التي ظهرت بضمائر غائبة الشعور
حاضرة الفكر تلح على جلب التاريخ وتقديمه عنيفة لأنه يشكل جز ًءا صغي ًرا من تكوينها ،تريد
تصحيحه أو تركه من منطلق النسيان ،لكنها تقع
بطرق متعددة ،هذا ما يجعلنا نطرح الأسئلة
التالية: تحت أزمة التكرار وعنف اللاوعي الذي يرفض
الإقامة في غرفة اللاشعور ،ومع ظهور شخصيات
-ما هو موقع التاريخ داخل مملكة الضمائر؟
-هل استطاع التاريخ أن يتصالح مع الضمائر؟ أخرى جسدت قالب العمل الروائي في صيغة
ضمائر متورطة إراد ًّيا في الحديث ،وشخصيات
الضمائر تستنجد بالتاريخ:
تتحدث وكأنها هي المكان في ذاته [الشيخ/
التاريخ يمثل أسوار اليوتوبيا التي تحرص دائ ًما زهور /نجيب محفوظ /الفايح.]..
على تأمين سكانها من خطر العد ّو ،ومن قهر
سكان الجوار ،لكن أفراد الرواية وضمائرها «كتبت بعض التقارير حول الأمر ..هنالك ملف
اسمه الموت المبرمج ،ستجد فيه يا الشيح وص ًفا
تناشد هذا التاريخ بضرورة فتح نافدة تسمح لهم تفصيليًّا لما حدث لي مع المسؤولين كلهم في إطار
بالنظر من الأعلى داخل هذا الفضاء اليوتوبي ،على
اعتبار أن أسوار التاريخ ظلت محصنة بالخطابات محاولاتي لإنقاذ آلاء قبل أن يصل السرطان
إلى نقطة اللارجوع»( .ضمير المتكلم :ص-233
وال ّشعارات التي جعلته يركن كل سكانه داخل
المملكة ،ولو جئنا إلى هؤلاء السكان ،وتأملنا )234
العودة إلى الماضي تحريك لخطاب مغمور،
حياتهم جيِّ ًدا ،ما هي النتيجة التي تتوصل إليها؟ ومحاولة رفع المكان وسكانه من بؤرة الغياب إلى
لاشك أن هؤلاء السكان هم أبناء آدم الذين ضحى حظيرة الظهور .لذلك جاءت شخصيات الرواية
متناوبة في الحديث ،ولكل منها جلسة مع المكان
بهم التاريخ ورفضهم ،ولم يقدمهم فدية فبقوا الذي يحاول أن يستدرجها في الحديث لأنه يريد
مستوطنين داخل اليوتوبيا على أمل لقاء ضمائر أن يشعرها بالأمن خارج أسوار اليوتوبيا.
وسكان خارج اليوتوبيا ،لذلك نجد الشخصيات الشخصيات دائرية ومتناوبة في عالم الرواية،
تدور حول التاريخ ،وتريد معرفة سكان المملكة، لكنها تأتي أفقية على سلم المعرفة ،لتفتح المجال
أمام الضمائر التي تريد أن تكون عمودية لتخلق
هل هم سكان أصليون ،أم هم أبناء عمومة بذلك زاوية الحديث ،فهي تستدرج الأحداث ،ولا
لضمائر ظلمها التاريخ؟ تكف عن زعزعة التاريخ الذي ُي ْذكر بعفوية أو
مجا ًزا ،ربما هذا سيفتح المجال أمامي كقارئ
«مرة قدموني على أنني إيطالي ،وضعت باروكة حول لقاء الأربعين عا ًما بطرح سؤال يعيد نفسه،
تخفي شعري الجزائري ،تدربت على عدة جمل، ولكن بطريقة تجعلني أبحث عن لقاء العشرين
عا ًما ،والعنوان الفرعي من ثمانية عناوين تتكرر
وكان أحدهم مترجمي الافتراضي ،يبدو أنهم داخل الرواية بنفس الترتيب وبالتوالي ستة مرات
كانوا يحتاجون إلى كشف حساب أجنبي يخفيه
رجل الأعمال الذي من المفروض أنه سيتلاعب به متتالية.
ثم يختفي بحجة أن القانون الجزائري يمنع بعض لا بد أن الأحداث ترفض العودة إلى الماضي لأنه
التحويلات أو شيء كهذا ،وأعود أنا إلى إيطاليا مزدحم التركيب ،لكن الضمائر تريد العودة إليه
خائبًا أو أودع شكوى لن يتحرك لها أحد طيلة
من منطلق جمهور السرد الذي يريده طعا ًما
عشرين عا ًما»( .ص)232 سائ ًغا على مائدة سكان الرواية ،ربما هذا سيخلق
في الغالب يمكن القول إن سكان اليوتوبيا تجمعهم
لنا حوا ًرا خطابيًّا ،أو معركة كلامية بين التاريخ