Page 228 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 228

‫إنسانيتي‪.‬‬     ‫لقد تحول ُت إلى تمثال من شمع يقدسه‬
  ‫لا تعرف الأشباح الانفعال لكن‬        ‫الجميع‪ .‬هرم من الكريستال ينتصب‬
   ‫هذا الرجل الذي يحمل الغلاف‬
    ‫توقيعه كمؤلف فعلها‪ .‬جعلني‬       ‫شام ًخا على البعد دون أن يجرؤ أحد على‬
   ‫بهدوئه القاتل أنفعل ح ًّقا‪ .‬كنت‬  ‫الاقتراب منه واختبار ملمسه‪ .‬لا ذرة تراب‪،‬‬
 ‫أنا الشبح البارد الهائم في سديم‬
 ‫العالم الآخر أكثر حرارة وحيوية‬      ‫لا سطر شخبطة على الورق المصقول‪.‬‬
                                      ‫بعد كل هذه السنوات على صعودي‪،‬‬
     ‫منه‪ .‬أتعب قلبي لكن للأسف‬         ‫لم تعد تلك الصيغة مريحة‪ .‬جاء جيل‬
  ‫هو فقط من يصلح لهذه المهمة‪.‬‬          ‫مختلف‪ ،‬متمرد‪ ،‬لن يحبني إلا إذا رأى‬
                                      ‫ضعفي‪ ،‬و تحسس هشاشتي‪ ،‬وعاين‬
         ‫استعدت هدوئي وقلت‪:‬‬
  ‫‪ -‬ستتحرك عبر الزمن صعو ًدا‬                 ‫على الطبيعة إنسانيتي‬
‫وهبو ًطا حسب ما أمليه عليك دون‬
                                        ‫يؤكد أن البعض يريد تحويل‬            ‫الغضب والحرمان‪ ،‬الغيرة‬
    ‫أدني التزام بترتيب الأحداث‪.‬‬      ‫سيرة أم كلثوم إلى شيء مقدس‬            ‫والانتقام‪ ،‬مضا ًفا إليها لعبة‬
 ‫بد ًل من الامتنان‪ ،‬وجدته يهتف‪:‬‬     ‫غير قابل لإعادة الاكتشاف‪ ،‬وهذا‬     ‫الست‪ ،‬وهى ترتطم داخل كهفي‬
   ‫‪ -‬عد ِت مرة أخرى يا ستنا إلى‬                                         ‫البعيد السري‪ .‬سأحدد مساحة‬
                                                         ‫ما أرفضه‪.‬‬   ‫الهامش وآفاق المتن‪ ،‬سحر المقدمة‬
    ‫ممارسة ديكتاتوريتك العتيدة‬      ‫ومرة أخرى أحيلك إلى ما قالته أم‬     ‫وشجن الختام‪ .‬سأكون المؤلفة‬
      ‫حتى وأن ِت في العالم الآخر!‬   ‫كلثوم في الرواية حول هذه النقطة‬   ‫الحقيقية ويكفيك شر ًفا أن تكون‬
     ‫صرخ ُت في وجهه مستجمعة‬          ‫تحدي ًدا‪“ :‬احتضنت خديه بأناملي‬  ‫يدي التي أكتب بها‪ .‬لن تفعل شيئًا‬
        ‫شتات الكبرياء الكلثومي‪:‬‬                                      ‫سوى الإنصات لهمساتي وتدوين‬
                                                       ‫غير الناعمة‪:‬‬
    ‫‪ -‬طبعا أنا الديكتاتورة الأولى‬                        ‫‪ -‬يا عبيط!‬                   ‫ما أمليه عليك»‪.‬‬
 ‫والأخيرة في قوم تجمعهم الطبلة‬                       ‫تلامس أنفانا‪.‬‬
  ‫وتفرقهم العصا‪ ،‬وإلا كيف تظن‬               ‫‪ -‬كل هذا ولم تفهم بعد؟‬            ‫علم ُت أنه تم إلغاء‬
                                           ‫لقد تحول ُت إلى تمثال من‬    ‫استضافتك في أحد البرامج‬
       ‫أنني أصبحت أم كلثوم؟”‪.‬‬          ‫شمع يقدسه الجميع‪ .‬هرم من‬      ‫التليفزيونية الشهيرة في آخر‬
                                      ‫الكريستال ينتصب شام ًخا على‬      ‫لحظة بسبب الرواية‪ ..‬فما‬
  ‫تعد سنوات التكوين الأولى‬               ‫البعد دون أن يجرؤ أحد على‬
  ‫حاسمة في مسيرة الكاتب‪،‬‬               ‫الاقتراب منه واختبار ملمسه‪.‬‬                ‫هى الأسباب؟‬
‫كيف لعبت «ألف ليلة وليلة»‬              ‫لا ذرة تراب‪ ،‬لا سطر شخبطة‬
                                         ‫على الورق المصقول‪ .‬بعد كل‬          ‫حدث هذا بالفعل وشعرت‬
           ‫هذا الدور معك؟‬             ‫هذه السنوات على صعودي‪ ،‬لم‬           ‫بالأسف الشديد‪ ،‬فالرقابة في‬
                                        ‫تعد تلك الصيغة مريحة‪ .‬جاء‬    ‫بعض البرامج التلفزيونية أساءت‬
    ‫كنت طف ًل وحي ًدا منطو ًيا على‬    ‫جيل مختلف‪ ،‬متمرد‪ ،‬لن يحبني‬         ‫فهم العمل ولم تقرأه واكتفت‬
      ‫نفسه‪ ،‬تكبرني بقليل أختان‬         ‫إلا إذا رأى ضعفي‪ ،‬و تحسس‬       ‫ببعض الانطباعات المسبقة‪ ،‬وهذا‬
                                       ‫هشاشتي‪ ،‬وعاين على الطبيعة‬
‫منغلقتان على عالم الفتيات‪ .‬أبي في‬
 ‫سفر دائم للعمل بالخارج‪ ،‬وأمي‬
  ‫مستنزفة طوال الوقت في أعمال‬
 ‫المنزل‪ .‬لا أجيد مهارات التواصل‬
 ‫الاجتماعي‪ .‬أمضغ علكة التعاسة‬

‫في صمت‪ .‬ذات يوم‪ ،‬كنت أعبث في‬
‫صناديق مغلقة فوق سطوح البيت‬
   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233