Page 229 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 229

‫‪227‬‬               ‫ثقافات وفنون‬

                  ‫حوار‬

‫محمود عبد الشكور‬  ‫حسن عبد الموجود‬     ‫أحمد أبو خنيجر‬                     ‫فإذا بي أعثر على كنز مدهش فتح‬
                                                                           ‫لي أبواب السحر ولذة الوجدان‪.‬‬
  ‫القصيرة‪ .‬نحن الأدباء هجرناها‬                   ‫هتبقى نجيب محفوظ!‬
  ‫كما يهجر زوج خسيس زوجته‬               ‫الآن يبدو أبي فخو ًرا بما حققته‬  ‫إنها «سفرات السندباد»‪ ،‬أحد أكثر‬
‫الأولى «أم عياله» التي تحملت معه‬                                            ‫الأجزاء المشوقة في «ألف ليلة»‪.‬‬
                                          ‫شريطة أن يمر أو ًل من بوابة‬        ‫التهمت الكتاب في أيام قلائل‪.‬‬
    ‫سنوات الفقر والمعاناة‪ ،‬وحين‬        ‫الأقارب‪ ،‬بمعنى أن يشيد أحدهم‬           ‫عشت مغامرات مدهشة على‬
    ‫أصبح من الأثرياء راح يبحث‬
   ‫عن فتاة صغيرة بعيون زرقاء‬                ‫بلقاء تلفزيوني لي أو يحجز‬    ‫جناح الخيال‪ .‬لم أعد طف ًل وحي ًدا‪،‬‬
  ‫وشعر أشقر! كتبنا القصة لأنها‬              ‫نسخة من روايتي الجديدة‬         ‫فقد أنقذتني ألف ليلة والسندباد‬
‫مختصرة ومكثفة تناسب بداياتنا‬             ‫ويطلب من أبي التوسط عندي‬
   ‫الأولى‪ ،‬ثم اتجهنا للرواية حين‬       ‫في ذلك‪ .‬هنا فقط‪ ،‬يفصح أبي عن‬                ‫ومغامراته من وحدتي‪.‬‬
 ‫اتسعت رؤيتنا وتراكمت خبراتنا‬                ‫إعجابه بشيء من التحفظ‪.‬‬      ‫المشكلة أن أصدقاء أبي حين كانوا‬
  ‫الحياتية‪ ،‬لكننا لم نتوقع أب ًدا أن‬
   ‫تصبح الرواية نفسها مهنة من‬           ‫بدايتك كانت مع القصة‬                ‫يزورننا‪ ،‬كانوا ينتقدون إقبالي‬
 ‫لا مهنة له! مئات العرب ينتحلون‬          ‫القصيرة‪ ،‬ولك تصريح‬                ‫على القراءة! أحدهم قال لي وأنا‬

        ‫الآن صفة «كاتب روائي»‬               ‫تقول فيه إن القصة‬                ‫تلميذ بالمرحلة الإعدادية‪ :‬بد ًل‬
 ‫بالمخالفة للقانون! فما يكتبونه لا‬       ‫القصيرة ليست تمهي ًدا‬            ‫من أن تقرأ توفيق الحكيم‪ ،‬ابحث‬
 ‫يصلح سوى لموضوعات الإنشاء‬                ‫للوصول إلى «فردوس‬                ‫عن شيء ينفعك مثل القراءة في‬
 ‫والتعبير في المرحلة الابتدائية من‬
                                            ‫الرواية المفقود»‪ ..‬ما‬                                ‫العلوم!‬
               ‫التعليم الحكومي‪.‬‬       ‫تفسيرك إذن أنها بداية كل‬
  ‫القصة فن مظلوم‪ ،‬شهيد‪ُ ،‬كتَّابه‬                                         ‫لعل الموقف اختلف حين رأوا‬
                                                 ‫الكتاب تقري ًبا؟‬        ‫صورتك‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬منشورة‬
     ‫أيتام على مائدة اللئام‪ُ .‬يحزن‬
   ‫ذلك زملائي من كتاب القصة‪،‬‬              ‫لقد قمنا جمي ًعا بخيانة القصة‬     ‫إلى جوار نجيب محفوظ؟‬

                                                                            ‫هذه هى المفارقة الكبرى‪ ،‬فأبي‬
                                                                            ‫على سبيل المثال التزم الصمت‬
                                                                          ‫لسبب لا يعلمه إلا الله حين رأى‬
                                                                         ‫صورتي منشورة إلى جوار نجيب‬
                                                                          ‫محفوظ وجمال الغيطاني ووزير‬
                                                                         ‫الثقافة الأسبق فاروق حسني على‬
                                                                         ‫غلاف صحيفة أخبار الأدب‪ .‬كنت‬
                                                                          ‫أصغر الفائزين العشرين سنًّا في‬
                                                                            ‫المسابقة التي نظمتها الصحيفة‬
                                                                             ‫في القصة القصيرة تحت سن‬
                                                                          ‫‪ 35‬عا ًما‪ ،‬وكان من بين الفائزين‬
                                                                            ‫أسماء أصبحت تشغل مساحة‬
                                                                              ‫مهمة مثل أشرف الخمايسي‬
                                                                             ‫وأحمد أبو خنيجر وعمار علي‬
                                                                         ‫حسن‪ .‬كان ذلك في صيف ‪،1994‬‬
                                                                             ‫وحين وقعت مشادة بعد ذلك‬

                                                                               ‫بيني وبين أبي‪ ،‬فوجئت به‬
                                                                            ‫يصرخ قائ ًل‪ :‬أنت فاكر نفسك‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234