Page 252 - merit 52
P. 252

‫حديثة ومعاصرة‪ ..‬كل ذلك ساهم‬                                ‫العـدد ‪52‬‬                          ‫‪250‬‬
    ‫في عملية خلط شديدة الوطأة‬
                                                                          ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬    ‫الذي حدث في مصر بعد‬
‫وغير مسبوقة‪ .‬وكان من الطبيعي‬                                                          ‫هذين الحدثين على جميع‬
 ‫أن يحدث ما حدث في ‪ 30‬يونيو‪،‬‬         ‫والجماهيري‪ ،‬فهذه كلها أسئلة‬
                                      ‫تحتاج إلى عدة كتب ومؤلفات‬                            ‫الأصعدة‪ :‬السياسية‬
   ‫وأن تتمكن الثورة المضادة من‬         ‫لتفسيرها وتحديد سياقاتها‬                       ‫والاقتصادية والاجتماعية‬
 ‫السيطرة على الوضع بكل الطرق‬       ‫وفاعليتها وتأثيرها‪ ،‬واستخلاص‬
                                                                                       ‫والثقافية والعلمية‪ ..‬هل‬
   ‫الممكنة‪ ،‬والتي لا تزال مستمرة‬                  ‫الدروس والعبر‪.‬‬                       ‫تشاركهم هذا الندم؟ وما‬
                       ‫إلى الآن‪.‬‬       ‫ثورة ‪ 25‬يناير ستبقى حد ًثا‬                     ‫تقييمك للحدثين بعد هذه‬
                                       ‫حيًّا وحيو ًّيا في تاريخ مصر‬
‫إن آخر مرة شهد فيها المصريون‬       ‫حتى لو تم تغيير أشكال وأسماء‬                                         ‫الفترة؟‬
 ‫هبَّات شعبية واسعة قبل أحداث‬           ‫كل الشوارع والميادين التي‬
                                    ‫شهدت على هذا الحدث المهم في‬                        ‫أعتقد أن الندم ناتج عن الغضب‬
     ‫‪ 25‬يناير‪ ،‬كانت قبلها بـ‪34‬‬         ‫تاريخ مصر الحديث‪ ،‬وحتى‬                          ‫والإحساس بالخديعة والخذلان‪،‬‬
   ‫عا ًما‪ ،‬في ‪ 18‬و‪ 19‬يناير ‪.1977‬‬       ‫لو تم تغييب أسماء الشهداء‪،‬‬                       ‫وليس –إطلا ًقا‪ -‬بسبب انتصار‬
  ‫أي أننا هنا أمام كارثة تاريخية‪،‬‬   ‫وتهميش وتغييب الذين شاركوا‬
  ‫لأن بعض أسباب هبة ‪ 77‬كانت‬            ‫فيها والانتقام منهم وتدمير‬                         ‫الثورة المضادة‪ ،‬وإلا سيكون‬
                                      ‫مستقبلهم‪ .‬إن غياب القيادات‬                       ‫الأصدقاء في هذه الحالة بعيدين‬
      ‫موجودة ضمن أسباب هبة‬         ‫والمنهج والبرنامج‪ ،‬وعدم القدرة‬                       ‫تما ًما عن الفهم الصحيح لمسار‬
     ‫‪ .2011‬ما يعني أن الأوضاع‬          ‫على الحركة بعي ًدا عن النظام‬
 ‫سيئة للغاية‪ ،‬وأن لا شيء يتغير‪،‬‬        ‫القديم بكل تفرعاته‪ ،‬وتغلغل‬                         ‫الثورات وتموجاتها وتقدمها‬
  ‫وأن كل التغيرات والتحولات في‬          ‫الدولة العميقة ليس فقط في‬                          ‫وتراجعها وتراكماتها‪ .‬أنا لا‬
   ‫كل المجالات تجري انطلا ًقا من‬        ‫المؤسسات وفي صلب حدث‬
   ‫احتياجات المؤسسة العسكرية‬            ‫الثورة‪ ،‬بل وأي ًضا في العقل‬                          ‫أشارك أح ًدا الندم‪ ،‬لأن ما‬
  ‫حص ًرا‪ ،‬ووفق رغبات ومصالح‬            ‫الجمعي وفي أوساط المثقفين‬                         ‫حدث في ‪ 25‬يناير ‪ 2011‬كان‬
      ‫جماعات المصالح واللوبيات‬       ‫والنخب السياسية‪ ،‬ومحاولات‬                         ‫نتيجة طبيعية وبديهية ومنطقية‬
‫ومنظومة البيزنس المتخلفة برجال‬        ‫توجيه الحدث في اتجاه تغيير‬                          ‫لسنوات من الانهيار أصابت‬
‫أعمالها وعصاباتها قصيرة النظر‪.‬‬      ‫هوية الدولة‪ ،‬بد ًل من بناء دولة‬                      ‫البلاد بالتجريف ودمرت عقل‬
     ‫في نهاية المطاف‪ .‬لا ندم‪ ،‬ولا‬                                                         ‫المواطن ومستقبله‪ ،‬وساهمت‬
                                                                                         ‫في تكريس المزيد من الماضوية‬
                                                                                          ‫والغيبية وتعميق حدة الجهل‬

                                                                                                     ‫والفقر‪ .‬أما كيف‬
                                                                                                       ‫تم دفع الثورة‬
                                                                                                        ‫في اتجاه آخر‪،‬‬

                                                                                                     ‫وعدم ولاء بعض‬
                                                                                                       ‫الكتل المشاركة‬

                                                                                                    ‫واختلاف أهدافها‬
                                                                                                      ‫ومناوراتها غير‬
                                                                                                       ‫الثورية‪ ،‬وقوة‬
                                                                                                       ‫الدولة العميقة‪،‬‬
                                                                                                     ‫وغياب القيادة أو‬
                                                                                                      ‫القيادات الصلبة‬
                                                                                                        ‫والمتمرسة في‬

                                                                                                    ‫العملين السياسي‬
   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257