Page 255 - merit 52
P. 255

‫‪253‬‬            ‫ثقافات وفنون‬

               ‫حوار‬

                                                                          ‫الثورات العالمية‪ ،‬وأن‬
                                                                      ‫الحكم على النجاح والفشل‬

                                                                       ‫سابق لأوانه‪ ،‬لأن الأمور‬
                                                                          ‫تحتاج إلى وقت أطول‬
                                                                         ‫لتتضح‪ ..‬هل تشاركهم‬

                                                                        ‫هذا الرأي؟ أم ترى –مثل‬
                                                                            ‫آخرين‪ -‬أنها فشلت‬
                                                                                  ‫وانتهى الأمر؟‬

‫ماريو أليكاتا‬  ‫جان بول سارتر‬                       ‫أندريه تاركوفسكي‬       ‫لا توجد ثورات فاشلة‪ .‬هناك‬
                                                                          ‫ثورات لم تتمكن من استكمال‬
   ‫التاريخ الحديث‪ .‬نحن في عزلة‬      ‫وإنما دروس‪ ،‬واستكمال عناصر‬            ‫مهامها نتيجة أسباب وعوامل‬
‫شبه كاملة عن المشاركة في المنجز‬     ‫ومعايير في تلك العملية المستمرة‪.‬‬     ‫وعناصر معينة‪ .‬الثورة ليست‬
                                    ‫وبالمناسبة‪ ،‬رواية علاء الأسواني‬       ‫مجرد “إجراء” يتم اتخاذه في‬
   ‫العلمي التقني‪ .‬نحن مجتمعات‬                                             ‫لحظة أو بجرة قلم‪ ،‬وإنما هي‬
 ‫«دينية» بصرف النظر عن فهمنا‬             ‫«جمهورية كأن» تتحدث عن‬       ‫«عملية» مستمرة‪ ،‬تتقدم وتتراجع‬
‫الصحيح أو الخاطئ للدين‪ .‬بمعنى‬         ‫«شبه الدولة»‪ ،‬وعن المؤسسات‬           ‫بفعل تلك الأسباب والعوامل‬
  ‫أننا نرتكز على الغيبيات وننطلق‬    ‫الوهمية‪ ،‬وعن الديمقراطية الغائبة‬   ‫والعناصر‪ .‬إذا فهمنا الثورة بهذا‬
                                                                       ‫المعنى‪ ،‬سنتأكد أن لا احتجاجات‬
      ‫منها للنظر إلى العالم وفهمه‬        ‫التي و»كأنها موجودة»‪ ،‬عن‬
 ‫والتعامل معه‪ .‬وبالتالي‪ ،‬أعتقد أن‬     ‫الدولة التي «وكأنها موجودة»!‬          ‫‪ 77‬ولا أحداث ‪ 2011‬كانت‬
  ‫السؤال المقابل هو‪ :‬ماذا لدينا في‬                                      ‫فاشلة‪ ،‬أو أنها ُه ِز َمت ولم تترك‬
                                      ‫بحكم إقامتك في موسكو‬
   ‫مصر لكي نتمكن من المشاركة‬            ‫ما يزيد عن ربع قرن‪،‬‬                ‫نتائج وتراكمات‪ .‬إن الهزيمة‬
      ‫في صنع الحضارة الحديثة‬                                               ‫الحقيقية حدثت في مسارات‬
                   ‫والمعاصرة؟!‬       ‫وحصولك على الدكتوراة‬
                                         ‫في الفيزياء فيها‪ ..‬ما‬               ‫أخرى‪ ،‬مثل انهيار التعليم‬
  ‫هناك شبه اتفاق على أن المحاور‬                                            ‫والصحة‪ ،‬وانهيار المنظومات‬
 ‫الخمسة الأساسية للعالم الجديد‬          ‫الذي ينقصنا في مصر‬                ‫القانونية والقضائية‪ ،‬وتغييب‬
 ‫تتلخص‪ ،‬على الترتيب‪ ،‬في‪ :‬التقدم‬         ‫لكي نشارك العالم في‬            ‫المؤسسات الرقابية‪ ،‬مثل البرلمان‬
                                     ‫صنع الحضارة الحديثة‬               ‫والصحافة والإعلام‪ ..‬تغييب كل‬
      ‫العلمي‪ -‬التقني‪ ،‬والاقتصاد‬                                           ‫ذلك‪ ،‬وفي الوقت نفسه ترويج‬
   ‫السياسي‪ ،‬بما في ذلك الركيزة‬                   ‫والمعاصرة؟‬              ‫لصورة ذهنية بأن لدينا برلمان‬
                                                                          ‫وإعلام وأننا كنا أول دولة في‬
      ‫الأساسية للاقتصاد الدولي‬         ‫ينقصنا «العقل»‪ .‬نحن مغيبون‬     ‫التاريخ وأن العالم يعيش بفضلنا‬
     ‫(الشركات متعدية القومية)‪،‬‬          ‫تما ًما عن العلوم‪ ،‬ومنفصلون‬
      ‫والسياسة الدولية‪ ،‬والمجال‬       ‫تما ًما عن الواقع‪ ،‬وعن مسارات‬          ‫وفضل علومنا وابتكاراتنا‬
    ‫الجيوسياسي‪ ،‬والأمن الدولي‪.‬‬                                        ‫وعزيمة أجدادنا! هذه هي الهزائم‬
‫هذه المحاور الخمسة تمثل الدعائم‬
                                                                           ‫الحقيقية‪ .‬أما المخاض الدائم‪،‬‬
                                                                      ‫والعصف وعدم الرضا واستخدام‬

                                                                           ‫العقل حتى إذا حدثت كبوات‬
                                                                        ‫أو تراجعات‪ ،‬فهي ليست هزائم‬
   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260