Page 253 - merit 52
P. 253
251 ثقافات وفنون
حوار
الديمقراطية والمستقبل والمشاركة الدول التي تسميها «دول حاجة لأحد بالندم .هناك غضب
في الحضارة الحديثة والمعاصرة. الغبار البشري» غير وخذلان وإحساس بالخديعة.
وهذا الكلام ينطبق على الثورات الثورة بكل مآسيها؟
وهذه إحدى مهام الثورة المضادة
والثورات المضادة.. لا شك أن الثورات ،سواء نجحت بآلتها الإعلامية ومنظومتها
أما سؤالك بشأن «هل ثمة سبيل أو فشلت ،تؤدي إلى بحار من
الدم ،والظلم والتعسف وأكوام الإدارية وإجراءاتها «القانونية»
للتغيير في الدول التي تسميها الضحايا .حتى ما يسمى غير الدستورية ،ومناوراتها
«دول الغبار البشري» غير اللا إنسانية وأدوات انتقامها
بـ»الثورة البيضاء» في مصر عام وتصفية حساباتها .ولكن من
الثورة بكل مآسيها؟» ،فهو سؤال ،1952والتي يزعم الكثيرون
صعب ومتعدد المستويات .فدول أنها كانت بيضاء لأنها كانت جهة أخرى ،هناك الوقت والزمن
الغبار البشري في مأزق تاريخي وتوالي الأجيال واختلاف الأدوات
سلمية وبعيدة عن إراقة الدماء،
ووجودي وحضاري .وعلى لم تفلت من مصير الثورات والوسائل.
الرغم من ذلك فهناك تجارب
نجحت في البرازيل والأرجنتين الأخرى ،من حيث القمع والفساد في حوار مع واحد
وأوكرانيا وجورجيا ومولدوفا. وتكريس جذور الاستبداد ،ومن من أساتذة السياسة
وكان من الممكن أن تنجح تجربة حيث المعايير المزدوجة وتركيز والاقتصاد ،قال لي إن
قيرغيزستان التي بدأت في عام السلطة في يد المؤسسة العسكرية، المفكرين الفرنسيين
،2010ولكن للأسف لم تستمر الذين دعوا إلى الثورة في
إلا عامين فقط ،وتم وأدها ،لأن وضرب كل مبادئ التحديث نهاية القرن الثامن عشر،
روسيا لم تكن راضية عن إقامة الديمقراطي وتقليص مساحة تراجعوا عن تأييدهم لها
أي كيانات ديمقراطية بالقرب الحريات ،والانتقام من أعداء بعد أن رأوا دماء الناس
منها أو في جمهوريات الاتحاد الثورة وقمع الأقليات .فما بالنا تهدر في الشوارع ،وجثثهم
السوفييتي السابق التي لا تزال بالثورات الفرنسية والروسية تعلق على المقاصل ..هل
تعتبرها موسكو حدائق خلفية لها مث ًل .والذين يندمون بعد رؤية ثمة سبيل للتغيير في
الدماء والضحايا والازدواجية
ومناطق نفوذ تاريخية. والتطرف في تطبيق القوانين
وعلى الرغم من نجاح بعض «الثورية» لا مكان لهم في النظام
نماذج دول الغبار البشري ،إلا الجديد .وعادة ما يتم تصفيتهم
أن غالبيتها ترزح تحت وطأة بسرعة ،أو عزلهم وتهميشهم
الجهل والفقر من جهة ،والقمع حتى النسيان .هناك قوانين
والاستبداد من جهة أخرى، ومعايير للثورات .لكن الأهم
وتحت وطأة التخلف العلمي هو سرعة التعافي ،ومحاولات
والتقني وعدم المشاركة في أي طرح صيغ عقلانية للتعايش في
منجز للحضارة المعاصرة من الدولة الواحدة ،والسعي لتكريس
جهة ثالثة .وبالتالي ،فليس من وتوطين مبادئ الديمقراطية
المستبعد أب ًدا أن تحدث فيها هبات
عشوائية ،أو احتجاجات فئوية، وإشاعة الحريات وضبط
أو تمردات جزئية وموضعية. الأوضاع الاقتصادية ،غير ذلك
وفي كل الأحوال لن يصل إلى
السلطة ،أو بالأحرى لن يبقى في سيستمر إراقة الدماء وإهدار
السلطة إلا النظام القديم أو أحد الموارد وتغييب الحريات ووأد