Page 260 - merit 52
P. 260

‫العـدد ‪52‬‬                           ‫‪258‬‬

                                    ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬

   ‫كانت الخلافات بين أبناء جيل‬       ‫الثمانينيات هو أي ًضا عدو نفسه‪.‬‬            ‫وهيمنة جيل السبعينيات‬
 ‫الستينيات عقائدية وأيديولوجية‪،‬‬         ‫وربما يكون من أحط الأجيال‬                 ‫والهجوم الكاسح لجيل‬
                                                                            ‫التسعينيات الذي كان مسل ًحا‬
     ‫ولا نستثني أي ًضا الخلافات‬       ‫الثقافية والفنية والإبداعية التي‬      ‫آنذاك بأدوات أخرى وبأفكار‬
 ‫المادية والنفعية المباشرة‪ .‬ولكنهم‬        ‫وردت على الحركة الثقافية‬         ‫وإمكانيات أخرى تما ًما‪ ،‬وربما‬
                                                                          ‫بنتيجة تشتت أسماء هذا الجيل‬
     ‫كانوا يوسعون الطريق أمام‬          ‫والفنية والفكرية‪ .‬لم يفلت منه‬         ‫وتباين مصائرها‪ .‬فهناك من‬
‫بعضهم‪ ،‬ويتحايلون بطرق معينة‬            ‫إلا السينمائيون‪ ،‬وعلى رأسهم‬       ‫ترك الإبداع ورحل إلى الصحافة‪،‬‬
                                     ‫مجموعة «الواقعية الجديدة»‪ .‬عدا‬        ‫ومن ترك العملية الثقافية كلها‬
    ‫للترويج وتبادل المصالح التي‬       ‫ذلك فهو جيل يشبه في زئبقيته‬       ‫وهاجر إلى مكان آخر أو سافر في‬
   ‫تعود بمنفعة عامة على الحركة‬      ‫ونكوصه وبخله وشحه‪ ،‬الشريحة‬           ‫نفس المكان أو اختفى في الإحباط‬
                                    ‫العليا في الطبقة الوسطى المصرية‪.‬‬        ‫وقلة الحيلة أو مات‪ .‬ومن أهم‬
       ‫الثقافية والفنية والفكرية‪.‬‬                                        ‫تقاليد الكتابة عند هذا الجيل‪ ،‬هو‬
     ‫أما جيل السبعينيات‪ ،‬فكانت‬            ‫الفكرة أن أحد أهم العوامل‬       ‫الاغتراب الداخلي وانعدام اليقين‬
‫خلافاته تتضمن جز ًءا أيديولوجيًّا‬        ‫المشتركة «الجيدة» بين جيلي‬         ‫والإحساس المُذل بالغربة من‬
‫بعد انهيار الأيديولوجية والأحلام‬      ‫الستينيات والسبعينيات‪ ،‬هو أنه‬         ‫جهة‪ ،‬والثقة في نتائج العملية‬
‫الكبرى وفقدان الثقة في الشعارات‬          ‫رغم الشللية والمنفعة وتبادل‬      ‫الإبداعية والكتابة بصرف النظر‬
       ‫الكبرى‪ ،‬ولا نستثني أي ًضا‬                                            ‫عن النتائج النهائية‪ ،‬والإقلاع‬
 ‫«أموال” الخليج أو أموال منظمة‬             ‫المصالح‪ ،‬إلا أن هذه الشلل‬          ‫عن تقليد وتقاليد الستينيين‬
     ‫التحرير الفلسطينية والهلال‬       ‫والمجموعات توافقت على صيغة‬            ‫والسبعينيين‪ ،‬ومحاولة ابتكار‬
   ‫الأحمر الفلسطيني‪ ،‬و”فلوس”‬           ‫مهمة نافعة تتمحور حول دعم‬         ‫زوايا مختلفة للنظر إلى التفاصيل‬
      ‫البعثين السوري والعراقي‪،‬‬                                              ‫وإعادة إنتاجها وصياغتها من‬
   ‫و”عطايا” القائد معمر القذافي‪.‬‬        ‫بعضهم البعض‪ ،‬وفتح الطرق‬           ‫جهة أخرى‪ .‬ومع ذلك فلا توجد‬
    ‫وكان الصراع متمرك ًزا حول‬           ‫أمام بعضهم‪ ،‬وتسويق أعمال‬           ‫محاولات لرصد تقاليد الكتابة‬
      ‫تكوين شلل جديدة‪ ،‬وشغل‬             ‫بعضهم والترويج لها‪ .‬وطب ًعا‬     ‫لدى جيل الثمانينيات‪ ،‬وكأن هناك‬
    ‫مناصب في المؤسسة الثقافية‬       ‫نحن نتحدث في العموم وفي سياق‬        ‫اتفا ًقا ضمنيًّا على تجاهله بمبررات‬
 ‫وقيادة سلاسل للنشر‪ .‬وبطبيعة‬            ‫تيار عام بعي ًدا عن استثناءات‬
 ‫الحال‪ ،‬ساعدهم كل ذلك للترويج‬           ‫وضغائن معينة أو تهميشات‬                          ‫سخيفة ومثيرة‬
 ‫لأعمال كل واحد منهم على حدة‪،‬‬        ‫لشخص أو اثنين‪ ،‬سواء في جيل‬                          ‫للتساؤلات‪ ،‬من‬
                                      ‫الستينيات أو جيل السبعينيات‪.‬‬                    ‫قبيل ندرة الإنتاج‪،‬‬
                                                                                         ‫أو قلة الأسماء‪،‬‬
                                                                                       ‫أو التأثير الأدبي‪،‬‬
                                                                                        ‫أو بحجة الغياب‬
                                                                                      ‫والسفر‪ ،‬وصعوبة‬
                                                                                       ‫الإلمام بإنتاج هذا‬
                                                                                          ‫الكاتب أو ذاك‬
                                                                                          ‫أو عدم القدرة‬
                                                                                       ‫على جمع أو تتبع‬

                                                                                               ‫الأعمال‪.‬‬
                                                                                                ‫إن جيل‬
   255   256   257   258   259   260   261   262   263   264   265