Page 22 - merit 53
P. 22
العـدد 53 20
مايو ٢٠٢3
الثاني على أنها تمثل ثلاثة مظاهر للسرد :الحكاية كل ناقد حسبما يرى ،فالناقد أحيا ًنا يشرح مفهوم
والقصة والقص ،لأن العناصر التقنية يمكن أن تقع المصطلحات التي يستخدمها في دراسته في ضوء
في أي إبداع قصصي ،رواية كانت أو قصة قصيرة
معرفته بالمصطلحات الغربية ،وأحيا ًنا يكتفي يربط
أو غيرها( .)40هذا الخلط أدى إلى تعدد المداليل المصطلح العربي بالمصلح الأجنبي .وبهذا فإن
واختلافها وتداخلها .وخلق أزمة لا ترجع إلى فقر
المفهوم الذي يمكن الإشارة إليه بكلمة واحدة يظل
في المصطلح الأدبي أو اللغوي أو نذرته ،بل إلى الناقد يوحي به عن طريق المجاز حينًا والتشبيه حينًا
تعدده من ناحية وإلى التداخل الواضح بين بعض
المصطلحات الأساسية من ناحية ثانية ،هذا التداخل آخر ،وضرب الأمثلة ثالثًا ،ولا ينفك عن الحديث
عنه حتى يتحقق منه ،من أجل ذلك أصيبت لغة النقد
الذي وصل إلى الفوضى والإرباك( ،)41وبتداخل
المفاهيم يفقد المصطلح أهم ما يجب أن يتصف به، القصصي بالغموض والخلط»( ،)37إذ نجد إصرار
وهوالدقة والخصوصية التي يتميز بها عن اللفظ الكثيرين على استعمال مصطلح القصة القصيرة
اللغوي العام ،وينفرد بمعنى خاص به لا لبس فيه ترجمة ،Story-Short ،Nouvelleفي وقت اقترح
ولا إشكال( ،)42كما أن وضوح المفاهيم واستعمالاتها فيه ناقد آخر (صبري حافظ) اختيار لفظ أقصوصة؛
في كل علم شرط رئيسي لتق ُّدمه واستقلاله ،وإلا مقد ًما لذلك مسوغات هذا الاختيار ومطب ًقا له في جل
فإن الخلط قد يؤدي إلى الفوضى ،والخلط والفوضى أعماله ،مرده إلى الاقتناع «بأن ليس لأحد مهما علا
صيته أن يلزم غيره باستعمال مصطلح لم يرق له
يؤديان إلى التقهقر وإلى الجمود(.)43
لقد تبنى الحداثيون العرب مصطل ًحا نقد ًّيا ،لا هو ولن يروق له استعماله»(.)38
بالعربي ولا هو بالغربي ،لأنه -من ناحية -انتقل ولما كانت القصة جن ًسا أدبيًّا له خصائصه ومميزاته
بعوالقه المعرفية التي تختلف عن القيم المعرفية الشكلية ،فإن دلالاتها تعددت وانتشرت دون أن
للثقافة الجديدة التي نقل إليها ،ومن ناحية ثانية، تترسخ وتستقر ،وقد استخدمها النقاد والباحثون
لأنه تعرض أثناء انتقاله إلى عملية تشويه وتحريف
وسوء فهم ،وازداد غمو ًضا حينما انتقل إلى التطبيق للدلالة على عدة مفاهيم منها :سرد مكتوب أو
شفوي يدور حول أحداث محددة ،وممارسة فنيه
مع الإبداعات العربية والتعامل معها باستخدام محدودة في الزمان وفي الفضاء والكتابة ،وهي قول
أدوات الحداثة وما بعد الحداثة النقديتين ،فمعظم لغوي يبني عالمه بتقنيات خاصة وتعرضها ثانية،
المصطلحات لم يتم حتى اليوم الاتفاق علي دلالتها، وهي فن قولي درامي ،وسرد لأحداث لا يشترط
فيه إتقان الحبكة ،ولكنه ُينسب إلى را ٍو ،وأهميتها
ومنها من تعرض للتشويه والتحريف ،بل إلى تنحصر في حكاية الأحداث وإثارة اهتمام القارئ أو
سوء الفهم الواضح ،واس ُتخدم بعضها (البنيوية، المستمع ،لا الكشف عن خبايا النفس ،والبراعة في
السيميائية ،أسلوبية )..في تحليل قصائد أو نصوص رسم الشخصيات ،وهي كذلك مجموعة من الأحداث
يرويها الكاتب ،تتناول حادثة واحدة أو حوادث عدة،
سردية عربية لا تتحملها ولا تطيقها(.)44 تتعلق بشخصيات إنسانية مختلفة تتباين أساليب
إن ارتباط المدارس النقدية الحديثة بالفلسفة عيشها وتصرفها في الحياة على غرار ما تتباين حياة
الأوربية الحديثة خاصة منها الظاهراتية الناس على وجه الأرض(.)39
والهرمينوطيقة ،ونحث المصطلحات والمفاهيم من كما يتداخل جنس القصة مع أجناس أخرى
داخل البيت الفلسفي ،يجعل إدراك المعنى -حتى كالرواية ،وقد تصبح قصيرة تارة ،وتارة أخرى
على القارئ من داخل الثقافة نفسها -تحد ًيا آخر طويلة وتارة ثالثة أقصوصة ،يقول محمد عزت
أكثر إجها ًدا للمترجم ،فما بالنا بالقارئ العادي(،)45 جاد :إن القصة Storyأصبحت تجليًا تقنيًّا إبداعيًّا
فقد تأكد بالملموس أن ترجمة النظريات النقدية، في تصورات الصنف أو ما تحت النوع ،ويستحيل
أن يكون كما يشير إليه «جيرار جنيت» .و»صلاح
خاصة الحداثية وما بعد الحداثية ،تمثل أعلى فضل» ،إذ يعتبرها الأول ملفو ًظا سرد ًّيا ،بينما يؤكد
درجات التحدي لقدرات المترجم لغو ًّيا وذهنيًّا،
فالمترجم العربي يجد نفسه يتعامل مع مصطلحات