Page 51 - merit 53
P. 51
49 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
يستطيع المرء أن يصفها في الكتابة ،إذ تظل الكتابة عانت من الاضطهاد؛ فاستحضرت شخصية
ناقصة عند توصيف الآخرين لها وعند الكاتبة كوزيت من رواية البؤساء لفيكتور هوغو ،وجبينة
أي ًضا .وقد انعكس هذا الاضطهاد على ما تكتبه،
فيلاحقها الخوف من القتل بسبب الكتابة كما من الثقافة الشعبية الفلسطينية ،وشهرزاد من
قالت في نص (المربع الأول في رقعة الشطرنج): التراث السردي العربي ،كما استندت في منشور
«ولعلي أحظى ،في خاتمة المطاف ،برصاصة في
لها على الفيسبوك على الشخصية الدرامية
القلب ،ممهور ًة بختم مجتمع آسن يدعي البطولة (رابونزل) وهي شخصية خيالية ظهرت في أفلام
والشرف»( .عدد ،70ص)143
والت ديزني ،وتميزت بالطابع الخرافي الحر.
تقارب الكاتبة واقعها بواقع السجين ،لك َّن أخطر ما ( ُينظر :الويكيبيديا) وعلى الرغم من أنها أميرة
في فكرة السجن هو تحول السجن إلى فكرة تسيطر إلا أنها تعرضت للاختطاف فظلت سجينة البرج،
على الشخص نفسه ،هذا ما عبَّرت عنه بقولها« :إن
ولذلك تعنون ياسمين ذلك النص بـ»سجينة
من أراد لك أن تكون هنا بين هذه الجدران كان البرج» ،وتقول« :لا أستطيع مغادرة برجي ،أنا
يفكر بعقلية السجان؛ وانتصار السجان بانتصار
محتجزة هناك».
السجن؛ والسجن ينتصر حين يتحول إلى ملاذ ومن الشخصيات الأسطورية ،تختار الكاتبة
آمن من العالم الخارجي؛ ولا يصير كذلك إلا بعد
أن يزرع السجان الخوف في عقلك ويكسر قلبك. شخصية سيزيف لتعبر من خلال محنته
وسجانك فعل ذلك وأكثر ،لدرجة صار فيها سجنك الشخصية عن محنتها ،لكنها تتلاعب في قصته
القدرية لترى فيها معاناتها بكل وضوح ،فأنهت
نفسك لا هذه الجدران المتداعية»( .العدد ،94 الحديث عنه بقولها« :يقف على قدميه ،يرفع رأسه
ص)57 وينظر مرة أخرى إلى قمة الجبل ،ويتسلق كما المرة
الأولى ،يتشبث بالنتوءات الصخرية ليعيد دحرجة
إن ما يحتويه المقطع أعلاه خطير ج ًّدا على الذات نفسه مرة أخرى ،أو لتدحرجه الحياة كما المرة
التي وصلت إلى أن تألف واقعها وتدافع عن هذا الأولى ..تلك لعنة سيزيف»( .السابق ،ص)111
الواقع الذي شبهته بالقبو ،فتخاف من الخروج
من هذا القبو« :بل صرت أخاف الخروج .ربما لو أثر الاضطهاد في الذات وأسلوب الكتابة
تكسرت الأقفال عن الأبواب سأصرخ وأنا أتجنب
النور الساطع ،وأخفي وجهي بذراعي« ..أعيدوني تبين هذه النصوص -إ ًذا -صورة امرأة مقهورة
إلى القبو!»( .السابق ،نفسه) ربما يلمح القارئ ومضطهدة ،وتعيش واق ًعا سيئًا إلى درجة لا
في هذا المقتبس
ظلا ًل من «كهف
أفلاطون» في
محاوراته،
فقد جاء فيها:
«بادئ ذي بدء
حين يكون أي
منهم قد تحرر
وأجبر أن يقف
فجأة ويدير
رقبته ما حوله
ويمشي وينظر
باتجاه النور