Page 3 - الأخلاق-الخير-والسعادة
P. 3
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ :اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ – اﻟﺧﯾر – اﻟﺳﻌﺎدة – اﻟﺣرﯾّﺔ – اﻟواﺟب – اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺧﻼﻗﻲ – اﻟ ّرﻓﺎه –
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾّﺔ – اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ...
اﻟﺗﻣﮭﯾـــــد :ﺗﺗﺄ ّﺻل اﻟﻣﺳﺎﻟﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﺧﯾر واﻟﺳﻌﺎدة ﺿﻣن اﻟﺑﻌد اﻹﯾﺗﯾﻘﻲ
واﻷﻛﺳﯾوﻟوﺟﻲ ﻟﻠﻛﺎﺋن اﻟﺑﺷري ،وﺗﺗﻧزل إﺷﻛﺎﻟﯾﺎ ﺿﻣن ﺑﺎب اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ واﻟﻘﯾم ﺑﯾن اﻟﻧﺳﺑﻲ
واﻟﻣطﻠﻖ .وھﻲ ﺗُطرح ﻛﻣﺷﻐل ﻓﻠﺳﻔﻲ ﻋﻣﯾﻖ ﻗدﯾم وراھن ،ﺑﺣﻛم طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺎرب
ھذا اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺑﺷري ﻧﻘدﯾّﺎ وﺗﺄﺳﯾﺳﯾّﺎ ﺑﯾن ﻣﺎ ﻧ ّظرت ﻟﮫ اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت ﺳﺎﺑﻘﺎ وﻣﺎ ظ ّل ﻣطروﺣﺎ
ﻋﻠﯾﮭﺎ ،وﺑﯾن ﻣﺎھو ﻛﺎﺋن ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﺗﺻ ّورات وﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﻛون .وﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﺗﻧﻔﺗﺢ ھذه
اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗوﺗرات واﻹﺣراﺟﺎت ،ﻣﺛل ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ
ﺑﺎﻟواﺟب واﻟﻘﺎﻧون ،وﻋﻼﻗﺗﮭﻣﺎ ﺑﻣﻔﮭوﻣﻲ اﻟﺳﻌﺎدة واﻟﺧﯾر ﺿﻣن ﺳﯾﺎﻗﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ
ووﺿﻌﯾّﺔ ،ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﻓﻲ إطﺎر ﺗو ّﺟﮭﺎت ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ :واﻗﻌﯾّﺔ ،وﻧﻔﻌﯾّﺔ ﺑراﻏﻣﺎﺗﯾﺔ،
وﻣﺛﺎﻟﯾّﺔ ،ﻓردﯾّﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻛوﻧﯾﺔ .ﺑل إن اﻟﺗﻣﻔﺻل اﻹﺷﻛﺎﻟﻲ ﻓﯾﮭﺎ ،ﯾﻣﺿﻲ إﻟﻰ ﺣ ّد اﻹﻟﺣﺎح
ﻋﻠﻰ ﻣراﺟﻌﺔ ﺗﻠك اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت ُﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ ﻣﺎ ﺗطرﺣﮫ ﻣن ﻓﺻل ووﺻل ﺑﯾﻧﮭﺎ ﺳﻌﯾﺎ ﻟﺗﻣﺛل
أﻧﻣﺎط اﻟﺧﯾرات ،وﺷﻛﻠﮭﺎ اﻷﻧﺳب ،وﺗﻣﺛل ﺳﻌﺎدﺗﻧﺎ ﻛﻣﺎ ﻧﺄﻣﻠﮭﺎ ﺿﻣن أﺧﻼق ﺗﻠﯾﻖ ﺑﺈﻧﺳﺎﻧﯾﺗﻧﺎ ﻓﻲ
وﺣدﺗﮭﺎ وﺗﻧ ّوﻋﮭﺎ وﻣﺎ ھﻲ ﻣﮭﯾّﺄة ﻟﺗﻘﺑﻠﮫ وﻧُﺷداﻧﮫ ﻛرھﺎن ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﻣﺎ ﻧﻌﺗﻘد أﻧﮫ ﻻ أﺧﻼﻗ ّﻲ
ﺑﻔﻌل أﺳﯾﺟﺔ ﻓﺎﺻﻠﺔ ﺑﯾن ﻣﺎ ھو أﺧﻼﻗ ّﻲ وﻣﺎ ھو ﻻأﺧﻼﻗ ّﻲ أﻟﻔﻧﺎ وﺟودھﺎ ود ّﻋﻣﻧﺎ ﺗﺛﺑﯾﺗﮭﺎ دون
أن ﻧﺗﺳﺎءل ﻋن ﻣﺻﺎدر ﺗﻠك اﻷﺳﯾﺟﺔ وﻋن ﻏﺎﯾﺎﺗﮭﺎ وﺟدوى ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﮭﺎ ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى .وإذا
ﻛﺎن اﻟﺑﺷر ﻛﻣﺎ ﻧﻌﻠم،ﻻ ﯾﺧﺗﻠﻔون ﺣول رﻏﺑﺗﮭم ﻓﻲ اﻟﺳﻌﺎدة ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋدم اﺗﻔﺎﻗﮭم ﺣول ﻣﺎ
ﯾﺟﻌﻠﮭم ﺳﻌداء ،وﺣول وﺳﺎﺋل ﺗﺣﺻﯾل اﻟﺳﻌﺎدة .وﻣن ﺛ ّﻣﺔ ﺗﺗﺧذ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺳﻌﺎدة طﺎﺑﻌﮭﺎ
اﻹﺷﻛﺎﻟﻲ اﻟذي ﯾﺣ ّوﻟﮭﺎ ﻣن ﻣﺟ ّرد ﻣطﻠب إﻧﺳﺎﻧﻲ ،إﻟﻰ ﻗﯾﻣﺔ ﺗﺳﺗوﺟب ﺗو ّﺟﮭﺎ أﺧﻼﻗﯾﺎ واﺿﺣﺎ،
وطرﯾﻘﺔ ﺑﻧﺎء ﻟﻌﺎﻟم ﻗﯾﻣ ّﻲ ﺑﻣﺑﺎديء وﻣﺿﺎﻣﯾن دﻗﯾﻘﺔ ،وﺿﺑط ﻟﻣﻘ ّوﻣﺎت ﺗﺟﻌل ﻣن اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎﺋﻧﺎ
ﯾﺣﻛﻣﮫ اﻹﻟﺗزام ﺑﺗﺣﺻﯾل ﺳﻌﺎدﺗﮫ طﺑﻘﺎ ﻟﺗﻠك اﻟﺷروط .وﻟﻛن ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗزداد إﺷﻛﺎﻻ ﺣﯾﻧﻣﺎ
ﺗرﺗﺑط اﻟﺳﻌﺎدة ﻟدى ﺗﺻ ّورات ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ ﻟﻠﻔﻌل ،وﺗﺗﺣ ّدد ﺿﻣن ﻓﮭم ﻣﺧﺗﻠف،
ﻋﻠﻰ ﻓﺻل أﺳﺎﺳ ّﻲ ﺑﯾﻧﮭﺎ وﺑﯾن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ .ﻟذﻟك ،ﻧﺟد أﻧﻔﺳﻧﺎ ﺣﻘﯾﻘﺔ ،أﻣﺎم ﺣﺻﺎر اﻷﺳﺋﻠﺔ
اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :ﻣﺎذا ﻧﻌﻧﻲ ﺑﺎﻷﺧﻼق؟ ،وﻣﺎ ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟواﺟب واﻟﻘﺎﻧون ،وﺑﺎﻟﺧﯾر واﻟﺳﻌﺎدة؟ .وأﯾّﺔ
ﻣﻧزﻟﺔ ﻟﻠﺣرﯾّﺔ وأ ّي ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻺﻟزام واﻹﻟﺗزام ﺿﻣن ھذا اﻟﻣﺷﻛل؟ .وأﯾّﺔ وﺟﺎھﺔ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺗﻣﺛﻠﮭﺎ
ﻟﺑﻌض اﻟﺗﺻ ّورات اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟت ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ،وأﯾّﺔ ﻣؤاﺧذات ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺳﺣﺑﮭﺎ ﻋﻠﯾﮭﺎ وﺗﺄﻛﯾــدھﺎ؟.
-ص – 01