Page 7 - الأخلاق-الخير-والسعادة
P. 7
اﻷﺳﺗﺎذ:ﻋﺑداﻟﺻﻣدﺣﻣدي
أﺣدھﻣﺎ ،ﺗﻣﺛﻠﮫ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾّـــﺔ اﻟﻧﻘدﯾّﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﻛﺎﻧطﯾّــــﺔ ،وﺛﺎﻧﯾﮭﻣﺎ ،ﺳﯾﻛون اﻟﻧﻣوذج
اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟوﺿﻌـــﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر اﻟذي ﯾﻌﺑّر ﻋﻧﮫ اﻟﺗﺻ ّور اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﻲ ﻣﻊ "دورﻛﺎﯾــــم".
***ﻓﻔﻲ ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺻ ّور اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﻲ ،ﻧﻌﺛر ﻟدى "ﻛﺎﻧط" اﻟذي ﺗز ّﻋم اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ
ﺧﻼل ﻋﺻر اﻷﻧوار ﻣن ﺧﻼل ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺟﺎﺑﺗﮫ ﻋن ﺳؤال" :ﻣﺎذا ﯾﺟب ﻋﻠ ّﻲ أن أﻓﻌل؟" ،ﻋن
ﻣﺷروع ﺗﻛﻔّل ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻧﻘد ّي وﺗﺄﺳﯾﺳ ّﻲ ﺑﮭذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ،ﻓﺿﺑط ﻟﮭﺎ ﺷﻛﻼ وﺣ ّدد ﻣﺿﺎﻣﯾﻧﮭﺎ
ﻋﻠﻰ ﻧﺣو واﺿﺢ ،ذﻟك أن اﻟﻛﺎﻧطﯾّﺔ ﺿﻣن ﻣﺳﻠﻣﺎﺗﮭﺎ اﻟﺛﻼث ﻓﻲ ﻛﺗﺎب "ﻧﻘد اﻟﻌﻘل اﻟﻌﻣﻠﻲ"،
واﻟﺗﻲ ھﻲ " :اﻟﺣرﯾّﺔ" ،و"وﺟود ﷲ" و"ﺧﻠود اﻟﻧﻔس" ،ﺗﻌﺗﺑر أن اﻟﺣرﯾّﺔ ﺧﺎﺻﯾّﺔ ﻣﺣﺿﺔ
ﻟﻠﻌﻘل .وﻟذﻟك ﻓﺈ ّن أ ّول اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﯾﻛﺗﺷﻔﮭﺎ اﻟﻌﻘل ﻓﻲ ذاﺗﮫ ھﻲ أﻧﮫ ﺣرﯾّﺔ .وأ ّن اﻟﻘﺎﻧون
اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن ھو اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣوﺿوﻋﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻋن اﻟﺧﺎﺻﯾّﺔ اﻟﻣﺣﺿﺔ ﻟﻠﻌﻘل،
ﻓﯾﻛون ﺑذﻟك ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻛل اﻹﺳﺗﻘﻼﻟﯾّﺔ ﻋن اﻟﺗﺟرﺑﺔ وﯾﺗﺧذ ﺻﻔﺔ اﻟﺷﻣوﻟﯾّﺔ واﻟﻛوﻧﯾّﺔ ﻷﻧﮫ
ﯾُﻌﺑّر ﻋن اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ ﺟﻣﻌﺎء .وﯾﻌﺗﺑر "ﻛﺎﻧط" إﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﺗﺻ ّوره ھذا ،أن اﺳﺗﻘﻼﻟﯾّﺔ اﻹرادة ھﻲ
اﻷﺳﺎس اﻟﻔﻛري اﻟذي ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﮫ ﺟﻣﯾﻊ أﻓﻌﺎل اﻟﻛﺎﺋن اﻟﻌﺎﻗل ،وأن اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺧﻼﻗﻲ ھو اﻟذي
ﯾﺳﻣﺢ ﻟﺗﻠك اﻹرادة اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺑﺗﺣﻘﯾﻖ ذاﺗﮭﺎ ﻛﻣﺻدر ﺧﺎﻟص ﻟﺗﺷرﯾﻊ ﺷﺎﻣل ﯾﻌﺑّر ﻋن إﻧﺳﺎﻧﯾﺗﻧﺎ
ﺑوﺻﻔﮭﺎ إﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ ﺣ ّرة وﻋﺎﻗﻠﺔ ،ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻓﻲ ﻧﮭﺞ ﺳﻠوﻛﮭﺎ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺳوى ﻟﻠﻌﻘل اﻟﻌﻣﻠﻲ .
ﻟذﻟك ﯾﻘول" :إن اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺧﻼﻗﻲ ھو ﻗﺎﻧون اﻟﺣرﯾّﺔ".وھذا اﻟﻘﺎﻧون ﻟن ﯾﻛون إﻻ ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻗﺑﻠﯾّﺎ
ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن ﻛل ﻣﺎ ھو ﺗﺟرﯾﺑ ّﻲ ﺧﺑر ّي وﻋن رﻏﺑﺎﺗﻧﺎ اﻟﺣﺳﯾّﺔ .واﻟﻛﺎﻧطﯾّﺔ ﺗﻣﯾّز ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل
اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن :ﻓﻌل ﯾﺗ ّم وﻓﻖ اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺧﻼﻗﻲ وھو اﻟﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ ،وﻓﻌل آﺧر
ﯾﺗ ّم ﻋن اﺣﺗرام ﻟذﻟك اﻟﻘﺎﻧون وﯾﻛون ﻓﻌﻼ ﻧﺎﻗﺻﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ.أ ّﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠﻖ
ﺑﻣﺻﺎدر اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻓﺈن "ﻛﺎﻧط" ﯾﻌﺗﺑر أن ﻣﺻدر اﻟﻘﺎﻧون ھو اﻟواﺟب اﻟذي ﯾﻌﺑّر ﻋﻧﮫ
اﻷﻣر اﻷﺧﻼﻗﻲ .ﻓﻣﺎذا ﯾﻛون ھذا اﻷﻣر اﻷﺧﻼﻗﻲ؟ .ﯾﻣﯾّز "ﻛﺎﻧط" ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻷواﻣر،
وھﻣﺎ" :اﻷﻣر اﻟﺷرطﻲ" اﻟذي ﺗرﺗﺑط ﻓﯾﮫ أﻓﻌﺎﻟﻧﺎ ﺑﺷروط وﻣﺻﺎﻟﺢ وﻏﺎﯾﺎت وأھداف ﺗﺣ ّددھﺎ،
ﻓﻼ ﯾﻛون أﻣرا أﺧﻼﻗﯾﺎ ،و"اﻷﻣر اﻟﻘطﻌﻲ" اﻟذي ﻻ ﯾرﺗﺑط ﺳوى ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ،
ﻓﯾﻛون ھو اﻟوﺣﯾد أﻣرا أﺧﻼﻗﯾﺎ .وﯾﻛون اﻟواﺟب ﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ھو اﻷﻣر اﻟﻘطﻌ ّﻲ ﻓﻲ ﺣ ّد ذاﺗﮫ.
ﯾﻘول "ﻛﺎﻧط"" :إن ﻗﯾﻣﺔ اﻟواﺟب ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗوﺟد إﻻ ﻓﻲ ﻣﺑدأ اﻹرادة ﺑﻐ ّض اﻟﻧظر ﻋن
اﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣﻘﻖ ﻋن طرﯾﻘﮭﺎ...وﻟ ّﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن اﻟﺿرور ّي أن ﺗﺗﺣ ّدد ﻋن طرﯾﻖ ﺷﻲء ﻣﺎ،
ﻓﻼﺑ ّد ﻟﮭﺎ أن ﺗﺗﺣﻘﻖ ﻋن طرﯾﻖ اﻟﻣﺑدأ اﻟﺻوري ﻟﻺرادة ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم" .واﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ذﻟك ،ﻻ
ﯾﺧﺿﻊ اﻟﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻣطﻠﻘﺎ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺎت وﻣﯾوﻻت وﻣﺻﺎﻟﺢ ،ﺑل ﯾﻧﺑﺛﻖ ﻋن اﻟواﺟب ﺑﻣﺎ ھو
أﻣر ﻗطﻌ ّﻲ ﻣﺟ ّرد ﻻ ﯾﻌﺑّر ﺳوى ﻋن اﻟﺣرﯾّﺔ اﻟذاﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺗﮭﺎ .ﯾﻘول "ﻛﺎﻧط" ﻓﻲ "أﺳس
ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ اﻷﺧﻼق"" :ﻋﻧدﻣﺎ أﺗﺻ ّور أﻣرا ﺷرطﯾّـﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻹﺟﻣﺎل ،ﻓﺈﻧﻧﻲ ﻻ أﻋرف ُﻣﻘ ّدﻣﺎ
ﻣﺎ ﺳوف ﯾﻧطوي ﻋﻠﯾﮫ ﺣﺗﻰ أﻋطﻰ اﻟﺷرط اﻟذي ﯾﻘــــوم ﻋﻠﯾﮫ .أ ّﻣﺎ إذا ﺗﺻــورت أﻣرا ﻗطﻌﯾّﺎ،
-ص - 05