Page 10 - الأخلاق-الخير-والسعادة

‫اﻷﺳﺗﺎذ‪:‬ﻋﺑداﻟﺻﻣدﺣﻣدي‬

‫ﻣﻧﮭﺎ ﺣﻘﯾﻘﺗﻧﺎ اﻟﻔردﯾّﺔ ﻛﺄﻋﺿﺎء ﻻ ﻧﻣﺗﻠك اﻟﺣرﯾّﺔ ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر اﻓﻌﺎﻟﻧﺎ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺑﻣﻌزل ﻋن‬

‫ﺳﻠطﺗﮭﺎ‪ .‬واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﺳﺗﻣ ّد ﺳﻠطﺗﮫ ﻣن وﻻء اﻷﻓراد ﻟﮫ ﺑﺎﻟطﺎﻋﺔ واﻹذﻋﺎن ﻟﮫ‪ ،‬ﻷﻧﮭم ﯾﻌﺗرﻓون‬
‫ﺑﺄن واﻗﻌﯾﺗﮭم ﺗرﺗﮭن إﻟﻰ واﻗﻌﯾﺗﮫ‪ ،‬وﺳﻼﻣﺗﮭم ﻣﺷروطﺔ ﺑﺳﻼﻣﺗﮫ وﺗﻣﺎﺳﻛﮫ ﻛﺟﺳم واﺣد‪.‬‬
‫واﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻛﻣﺎ ﻧﺳﺗﺧﻠص ھﻧﺎ‪ ،‬ﯾﺗﻣﺎﺛل ﺑﺎﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻰ اﻟذي ﯾطﻣﺢ ﻛل اﻷﻓراد إﻟﻰ‬
‫ﺑﻠوﻏﮫ ﻣن ﺧﻼل اﻣﺗﺛﺎﻟﮭم ﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﯾﻌﺑّر ﻋن ﻣﻧﺗﮭﻰ اﻟﺧﯾر اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻛل‬
‫اﻷﻓراد‪ .‬وھو ﺗﺻ ّور ﻻ ﯾﻧﺳﺟم ﻓﻲ ﻣﻧطﻠﻘﺎﺗﮫ وﻣﺿﺎﻣﯾﻧﮫ وﻏﺎﯾﺎﺗﮫ ﻣطﻠﻘﺎ ﻣﻊ اﻟﺗﺻ ّور‬
‫اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﻲ اﻟﻛﺎﻧطﻲ‪ ،‬اﻟذي ﯾﺑدو ﻣن وﺟﮭﺔ ﻋﻠم اﻹﺟﺗﻣﺎع ﻻﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟواﻗﻌﯾّﺔ وﻻ ﯾﻌﺑّر ﻋن‬
‫ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻣﺎ ھو ﻛﺎﺋن اﺟﺗﻣﺎع‪ .‬ﻛﻣﺎ أن ھذا اﻟﺗﺻ ّور اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﻲ ﯾّﻐﺎدر ﻛﻠﯾﺎ أﻓﻖ‬
‫اﻟﺣرﯾّﺔ اﻟﻣﺎﻗﺑﻠﯾّﺔ اﻟﻣﺟ ّردة اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ أﺧﻼﻗﯾّﺔ "ﻛﺎﻧط"‪ ،‬ﻟﯾﺿﻌﻧﺎ أﻣﺎم ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺧﺗﻠف‬
‫ﻟﻠﺣرﯾّﺔ‪ ،‬ھو ﻣﻌﻧﺎھﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذي ﯾﺻﺑﺢ ﻓﯾﮫ اﻹﻟﺗزام ﺑﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻘﯾم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ھو‬
‫اﻟﺷﻛل اﻟوﺣﯾد ﻟﺗﻌﺑﯾر اﻹﻧﺳﺎن ﻋن ﺣﯾّز ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﮫ‪ .‬واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﻣﺎ ﻧﻌرف‪ ،‬ظﺎھرة ﻧﺳﺑﯾّﺔ‬
‫ﻣﺗﻐﯾّرة وﻣﺗﺑ ّدﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺑذاﺗﮫ وﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮫ ﺑﺎﻟﺗﺎرﯾﺦ‪ ،‬ذﻟك أن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟﺗط ّور وھو ﻣﺎ‬
‫ﯾﺟﻌل ﻣن ﻗﯾﻣﮫ وﻣﻧظوﻣﺗﮫ اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ ﻣﺗط ّورة وﻣﺗﻐﯾّرة‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻌﺑّر واﺟب أﺧﻼﻗﻲ إﺟﺗﻣﺎﻋ ّﻲ ﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ زﻣن ﻣﺎ‪ ،‬ﺳوى ﻋن راھن إﺟﺗﻣﺎﻋ ّﻲ ﻣﺣدود ﻓﻲ اﻟزﻣن ﯾظ ّل ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺗﻐﯾّر ﺑﺣﻛم ﺣرﻛﺔ‬
‫اﻟﺗط ّور اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾّﺔ‪ .‬ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻟﯾﺳت ﻧﺳﺧﺎ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣن ﺑﻌض ﺗﺳﺗﻌﯾد ﻣﺿﺎﻣﯾن‬
‫وأﺷﻛﺎل ﻗﯾﻣﮭﺎ ﺑﺷﻛل ﻣﺗﻣﺎﺛل وﺛﺎﺑت‪ ،‬ﺑل ھﻲ ﺗﺟ ّﻣﻌﺎت ﺑﺷرﯾّﺔ ﺗﺣ ّددھﺎ ﺧﺻوﺻﯾﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪،‬‬
‫وﻟذﻟك‪ ،‬ﻛﺎن ﻣن واﺟﺑﻧﺎ اﺳﺗﺧﻼص أن اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻣﺗﻐﯾّر ﻛذﻟك ﻣن ﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ ﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫آﺧر‪ .‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﺣو‪ ،‬ﯾﻛون اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ّ ﻓﻲ دﻻﻟﺗﮫ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ھو اﻷﻣر اﻷﺧﻼﻗﻲ‬
‫اﻟذي ﯾﻧﺑﺛﻖ ﻋن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﯾﺣ ّدد اﻟﺿﺎﺑط اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟذي ﺗﺻوﻏﮫ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻟﺗﺟﻌل‬
‫اﻷﻓراد ﻛﺎﺋﻧﺎت إﺟﺗﻣﺎﻋﯾّﺔ‪ ،‬وﺗُﺳﮭم ﻓﻲ ﻧﺣت ھوﯾﺎﺗﮭم اﻟﺗﻲ ﻋﻠﻣﻧﺎ "ﺷﺎرﻟز ﺗﺎﯾﻠور" أﻧﮭﺎ ھوﯾّﺎت‬
‫ﻣر ّﻛﺑﺔ ﯾﻣﺛل ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻧﺳب اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺷرطﺎ وﻣﻘ ّوﻣﺎ أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻣن ﻣﻘ ّوﻣﺎﺗﮭﺎ‪ .‬وﻟﻛن‪ ،‬أﻟﯾس ﻣن‬
‫اﻟﺟدﯾر ﺑﻧﺎ أن ﻧﺳﺗﻌﯾد طرح اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﻣﻠﺗﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ دﻻﻟﺔ اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ‪،‬‬
‫ﻟﻧﺗﺳﺎءل ﻣﺟ ّددا‪ :‬ھل أﻧﮫ ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﻌﺗﺑر أن اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻣﺻدر ﻟﺳﻌﺎدﺗﻧﺎ وﺧﯾرﻧﺎ اﻷﺳﻣﻰ‬

‫أم أﻧﮫ ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﻌﺗﺑرھﻣﺎ أﻣران ﻻ ﯾﺗﺣﻘﻘﺎن ﺑواﺳطﺔ اﻟواﺟب؟‪.‬‬

‫‪ 3‬‬

‫إذا ﻛﺎﻧت اﻷﺧﻼق ﺗﺻ ّورا ﻧﺳﻘﯾّﺎ ﺗﻧظﯾﻣﯾّﺎ ﻟﻸﻓﻌﺎل واﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺑﺷرﯾّﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﻻﺑ ّد ﻟﮭﺎ ﻣن‬
‫أھداف أﺧﻼﻗﯾّﺔ ﻧﮭﺎﺋﯾّﺔ ﺗﺑﺗﻐﻲ ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ‪ ،‬ﻣﺛل ﺗﺟﺳﯾد اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ واﻟﺳﻌﺎدة واﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻰ‪ .‬وﻛﺎن‬
‫ﻻﺑــــ ّد ﻟﻠﻔﻌل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺣﺗﻰ ﯾﻛون أﺧﻼﻗﯾـــﺎ‪ ،‬أن ﯾﻠﺗـــزم ﺑﻘﺎﻋـــــدة ﺳﻠوك ﯾُﻌﺑّر ﻋﻧﮭﺎ "اﻟﻘﺎﻧون‬

‫‪-‬ص ‪-08‬‬