Page 11 - الأخلاق-الخير-والسعادة
P. 11
اﻷﺳﺗﺎذ:ﻋﺑداﻟﺻﻣدﺣﻣدي
اﻷﺧﻼﻗﻲ" و"اﻟواﺟــــــب" اﻟذي ﯾﻣﺛل اﻷﻣـــــر اﻟذي ﯾُﻠزﻣﻧﺎ ﺑﺎﻋﺗﻣﺎد ذﻟك اﻟﻘﺎﻧون ﺣﺗﻰ ﻧﺗﺟﻧّب
اﻟ ّرذاﺋل ،وﻧﺟ ّﺳد ﻣﮭ ّﻣﺗﻧﺎ اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑّر ﻋن ﺗﻛﻔّﻠﻧﺎ ﺑﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻧﺎ ﻛذوات ﺗﻧﺷد ﺑﻠوغ ﻣراﻗﻲ
اﻟوﺟود اﻟﺧﯾّر واﻟﺳﻌﯾد .وﻗد ﻣﺛﻠت اﻷﺧﻼق ﻣﻧذ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ﻣﻊ "أﻓﻼطون" و"أرﺳطو"،
و ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟرواﻗﯾﺔ ﻓﻲ ذات اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾّﺔ ،ﺣﺟر اﻟزاوﯾﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺳﻔﺗﮭم اﻟﻌﻣﻠﯾّﺔ.
***ﻓﺎﻟرواﻗﯾون )وأھﻣﮭم "ﺳﯾﻧﺎك" و"أﺑﯾﻛﺗﺎت" و"أﺑﯾﻘور"( ،ﯾﻌﺗﺑرون ﻓﻠﺳﻔﺗﮭم طرﯾﻘﺔ ﻓﻲ
اﻟﺣﯾﺎة ،وﯾرون أن ﻗﯾﻣﺔ ﺗﻠك اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﻔرد ﻻ ﺗﺗﺣ ّدد ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ وﯾر ّدده،
ﺑل ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﯾﺳﻠﻛﮫ وﯾﺟﺳده ﻓﻌﻠﯾّﺎ ﻓﻲ ﺗﺻ ّرﻓﮫ .وﻗد ﻛﺎن ﻛل ﻣن "ﺳﯾﻧﺎك" و أﺑﯾﻛﺗﺎت"
ﯾﻌﺗﺑران أ ّن اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ ﻛﺎف ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﺳﻌﺎدة ،وﻟذﻟك ﻓﺈن ﻛل ﻓرد ﺳﯾﻛون ﻓﻲ ﻣﺄﻣن ﻣن
ﺳوء اﻟﺣظ إذا ﺳﻠك اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ ﻓﻲ أﻓﻌﺎﻟﮫ وطﻠﺑﮭﺎ ھدﻓﺎ وﻏﺎﯾﺔ .واﻟﻔﺿﯾﻠﺔ ﺗﻘﺗﺿﻲ أن ﯾﻌﺗﺑر ﻛل
ﺷﺧص ﺑﺄ ّن ﺳﻌﺎدﺗﮫ اﻟﺑﺎطﻧﯾّﺔ ﻻ ﺗرﺗﮭن ﺑﺗﺣﻘﯾﻖ ﻏﺎﯾﺎت ﯾﻌرف ﻣﺳﺑﻘﺎ إﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﺗﺣﻘﻘﮭﺎ ،واﻟﻌﯾش
ﻓﻲ اﻧﺗظﺎر ﺳﻌﺎدة ﻏﯾر ﻣؤﻛدة ،ﻟﯾﺗرﺗب ﻋن ذﻟك اﻹﻧﺗظﺎر ﺷﻌور ﺑﺎﻟﮭ ّم واﻟﻛدر واﻟﺿﯾﻖ ،ﺑل
إن ﺳﻌﺎدﺗﮫ ﺗﺷﺗرط أن ﯾُطﺎﺑﻖ اﻟﺷﺧص ﺳﻠوﻛﮫ ﻟﻠﺳﯾﺎق اﻟﺿروري ﻟﻠطﺑﯾﻌﺔ واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻣﺎ ﯾدﺧل ﺿﻣن إرادﺗﻧﺎ وﻣﺎ ﯾﻛون ﺧﺎرﺟﺎ ﻋﻧﮭﺎ ،وﺑﯾن ﻣﺎ ھو ﻣن ﺻﻧﻌﻧﺎ وﻣﺎ ھو
ﻟﯾس ﻣن ﺻﻧﻌﻧﺎ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﻧﺎ ُﻣطﺎﻟﺑون داﺋﻣﺎ ﺣﺳب ﺳﯾﺎق ھذا اﻟﺗﺻ ّور اﻟرواﻗﻲ ﺑﻣﻌرﻓﺔ
ﺿرورة اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻛﻣﻧطﻠﻖ أﺳﺎﺳ ّﻲ ﻋﻠﻰ ﻛل إﻧﺳﺎن أن ﯾﻧطﻠﻖ ﻣﻧﮫ ،واﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻣﺎ ﻧﺳﺗطﯾﻌﮫ
وﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻌﮫ .ﯾﻘول "أﺑﯾﻛﺗﺎت" ﻣوﺿﺣﺎ ذﻟك " :إن ﺟﮭل اﻟﻣرء ﻣن ھو ،وﻟم ُوﻟد ،وﻓﻲ أ ّي
ﻋﺎﻟم ﯾﻌﯾش وﻣﻊ ﻣن ﻣن اﻟ ّﺻﺣﺎب .وﺟﮭل ﻣﺎ اﻟﺧﯾر وﻣﺎ اﻟﺷر ،وﻣﺎ اﻟﺟﻣﯾل وﻣﺎ اﻟﻘﺑﯾﺢ .وإذا
ﻟم ﯾﻌرف ﺷﯾﺋﺎ ﻣن اﻹﺳﺗدﻻل واﻟﺑرھﻧﺔ ،وﻻ ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﻖ واﻟﺑﺎطل .وإذا ھو ﻓﻲ ﻋﺟزه
ﻋن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻟم ﯾُﺳﺎﯾر اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻻ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾرﻏب ﻓﯾﮫ وﻻ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻧﻔر ﻣﻧﮫ ،وﻻ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾرﯾده وﻻ
ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻧوﯾﮫ ،وﻻ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻘﺑﻠﮫ وﯾرﺿﺎه أو ﯾﻧﻔﯾﮫ وﯾﺷك ﻓﯾﮫ ،ﺟﻌل ﯾدور وﻗد اﻟﺗﺑﺳت ﻋﻠﯾﮫ
اﻟﺳﺑل ﻛﺎﻷﺻ ّم وﻛﺎﻷﻋﻣﻰ ،وﯾﺣﺳب أﻧﮫ إﻧﺳﺎن وﻣﺎ ھو ﺑذﻟك .أﻟﯾﺳت ﻛل أﺧطﺎﺋﻧﺎ وﻛل
ﻣﺻﺎﺋﺑﻧﺎ ﻣﻧذ أن ًوﺟد اﻟﺟﻧس اﻟﺑﺷري ﻣﺗوﻟدة ﻋن ﺟﮭل ﻣن ھذا اﻟﻘﺑﯾل؟".
*** أ ّﻣﺎ "أﺑﯾﻘور" ﻓﯾﻠﺳوف اﻟﻠذة ﻛﻣﺎ ﯾطﯾب ﻟﻠﻛﺛﯾرﯾن ﺗﻠﻘﯾﺑﮫ ،ﻓﺈﻧّﮫ ﺳﯾرﺑط اﻟﺳﻌﺎدة واﻟﻔﺿﯾﻠﺔ
واﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻠذة ﺿﻣن ﺗﺻ ّوره اﻷﺧﻼﻗﻲ .وﻟﻛن ،أﯾّﺔ ﻟذة ھذه اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﻐﻧم اﻟﺳﻌﺎدة؟،
وﻛﯾف ﺗﺗطﺎﺑﻖ ﻣﻊ اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ واﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻰ؟.
ﯾﻘول "أﺑﯾﻘور" ﻓﻲ "رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻣﻧﯾﺳﻲ" ﻣن ﻣؤﻟﻔﮫ "اﻟرﺳﺎﺋل واﻟﺣﻛم"" :إن اﻟﻠذة ھﻲ ﺑداﯾﺔ
اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﻌﯾدة وﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ،وھﻲ اﻟﺧﯾر اﻷ ّول اﻟﻣواﻓﻖ ﻟطﺑﯾﻌﺗﻧﺎ واﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺗﻲ ﻧﻧطﻠﻖ ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ
ﺗﺣدﯾد ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ اﺧﺗﯾﺎره وﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺗﺟﻧﺑﮫ .وھﻲ أﺧﯾرا ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟذي ﻧﻠﺟﺄ إﻟﯾﮫ ﻛﻠﻣﺎ اﺗﺧذﻧﺎ
اﻹﺣﺳﺎس ﻣﻌﯾﺎرا ﻟﻠﺧﯾر اﻟﺣﺎﺻل ﻟﻧﺎ" .وھذه اﻟﻌﺑﺎرة ﺗﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧدرك دون ﻟﺑس ،أن اﻟﻠــــــذة ھﻲ
-ص - 09