Page 12 - الأخلاق-الخير-والسعادة
P. 12
اﻷﺳﺗﺎذ:ﻋﺑداﻟﺻﻣدﺣﻣدي
أﺳﺎس اﻟﺳﻌﺎدة وﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ،وھﻲ ﺗﻌﺎدل اﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻰ ﻓﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ واﻟدرﺟﺔ .إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛوﻧـــــﮭﺎ
ﺗﺗﻔﻖ ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺗﻧﺎ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻋﺗداﻟﮭﺎ ورﺻﺎﻧﺗﮭﺎ .ﻛﻣﺎ أن اﻟﻠذة ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ھذه اﻟﻌﺑﺎرة ﺗﻣﺛل
ﻗﺎﻋدة ﻧﻧطﻠﻖ ﻣﻧﮭﺎ ﻟﺗﻣﯾﯾز ﻣﺎ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻧﺎ اﺧﺗﯾﺎره ﻋ ّﻣﺎ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺗﺟﻧﺑﮫ .وﺣﯾﻧﺋذ ،ﻛﺛﯾرة ھﻲ
اﻟﺗﺄوﯾﻼت اﻟﺧﺎطﺋﺔ ﻟﮭذا اﻟﺗﺻ ّور ،إذ ﺗﻛﺗﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب ﺑﺎﻟﺗوﻗف ﻋﻧد رﺑط اﻟﺳﻌﺎدة ﺑﺎﻟﻠذة دوﻧﻣﺎ
ﺗﻣﺛل ﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ھذه اﻟﻠذة وﺣدودھﺎ .وﻟذﻟك ﯾوﺿﺢ "أﺑﯾﻘور" دﻻﻟﺔ ھذه اﻟﻠذة وﻣﻌﻧﺎھﺎ ﻓﯾﻘول" :إن
اﻟﻠذة اﻟﺗﻲ ﻧﻘﺻدھﺎ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﯾّز ﺑﺎﻧﻌدام اﻷﻟم ﻓﻲ اﻟﺟﺳم واﻧﻌدام اﻹﺿطراب ﻓﻲ اﻟﻧﻔس".
واﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ذﻟك ،ﺗﺗﺟﻠﻰ طﺑﯾﻌﺔ ھذه اﻟﻠذة اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻔﻖ ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺗﻧﺎ اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗراوح ﺑﯾن ﻣﺎ
ھو ﻧﻔﺳﻲ وﻣﺎ ھو ﻣﺎدي ﺟﺳدي ،وﺗﺗﻧﺎﻗض ﻛﻠﯾﺎ ﻣﻊ ﻣﺷﺎﻋر اﻷﻟم وﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﺑّب وﺟود
ﺗﻠك اﻟﻣﺷﺎﻋر .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ،ﻓﮭﻲ ﻟن ﺗﻛون ﻟذة ﯾﻌﻘﺑﮭﺎ ﻧدم أو اﺿطراب ﻛﻣﺎ اﻟﺣﺎل ﺿﻣن ﺗﻌﺎطﻲ
اﻟﻠذات اﻟﻼأﺧﻼﻗﯾّﺔ :ﻟ ّذات اﻟﺟﻧس واﻟﻣﺟون .ﯾﻘول "أﺑﯾﻘور" ﻣؤﻛدا ذﻟك" :ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﻘول إن اﻟﻠذة
ھﻲ ﻏﺎﯾﺗﻧﺎ اﻟﻘﺻوى ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﻌﻧﻲ ﺑذﻟك اﻟﻠذات اﻟﺧﺎ ّﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔ ّﺳﺎق ،أو اﻟﻠذات اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﺗﻌﺔ
اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ ﻛﻣﺎ ذھب ظن ﺑﻌﺿﮭم" .ﻓﺎﻟﻠذة اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺻدھﺎ ،ھﻲ ﻟذة اﻹﻛﺗﻔﺎء ﺑﺎﻟذات
واﻹﻋﺗدال ،وﻟﯾﺳت ﻟذة اﻟﺗﮭﺎﻓت واﻟﻧﮭم .إﻧﮭﺎ ﻟذة ﺗﻐﺗﺑط ﺑﮭﺎ اﻟﻧﻔس ،وﻟﯾﺳت ﻟذة ﯾﻌﻘﺑﮭﺎ أو
ﯾﺗﺧﻠﻠﮭﺎ اﺿطراب .ﯾﻘول" :إن اﻟﺧﯾر اﻷﻋظم ﻓﻲ اﻋﺗﻘﺎدﻧﺎ ھو أن ﻧﺣ ّس اﻹﻛﺗﻔﺎء
ﺑذواﺗﻧﺎ...واﻟﻣﺗﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺟدھﺎ ﻓﻲ ﺗﻧﺎول طﻌﺎم ﺑﺳﯾط ﻟﯾﺳت أﻗل ﻣن ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﻧﺟدھﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺂدب
اﻟﻔﺎﺧرة...وإن ﻗﻠﯾﻼ ﻣن ﺧﺑز اﻟﺷﻌﯾر واﻟﻣﺎء ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﺷﻌر ﺑﻠذة ﻋظﯾﻣﺔ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮭﺎ
ﺷدﯾدة" .وھﻛذا ھﻲ اﻟﻠذة اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻧﯾﮭﺎ "أﺑﯾﻘور" ،إﻧﮭﺎ ﻟذة اﻹﻋﺗدال وﺗﺣﻘﯾﻖ اﻧﺗﺷﺎء اﻟﺟﺳد
وطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ اﻟﻧﻔس .وﺗﻠك ھﻲ اﻟﺳﻌﺎدة اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺧﯾر اﻷﻋظم ﻛم ﯾﻌﻧﯾﮭﺎ ﻓﯾﻠﺳوف اﻟﻠذة
"أﺑﯾﻘور" .وﻛل ﻣن ﯾﺳﻠك ﺑﺄﻓﻌﺎﻟﮫ اﺗﺟﺎھﺎ ﻣﻌﺎﻛﺳﺎ ﻟوﺟﮭﺔ ھذه اﻟﻠذة ،ﯾﻛون ﻓﻌﻠﮫ ﻻ أﺧﻼﻗﯾّﺎ.
وﺗﻛون ﻧﺗﺎﺋﺟﮫ ﻣﻧﺎﻗﺿﺔ ﻟﻠﺳﻌﺎدة واﻟﻔﺿﯾﻠﺔ واﻟﺧﯾر.
*** أ ّﻣﺎ "أﻓﻼطون" ،ﻓﻔﻲ ﺗﻧﺎوﻟﮫ ﻷھﻣﯾّﺔ اﻹﻋﺗدال اﻟذي ﯾﻘوم ﺑدﯾﻼ ﻋن اﻟ ّرﻏﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘول
اﻟﺳﻔﺳطﺎﺋﯾون ﺑﺄھﻣﯾّﺗﮭﺎ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾؤ ّﻛد " أن اﻟﺷﮭوات ھﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أﺳﺑﺎب ﻣﺗﺄﻛدة ﻵﻻم اﻟﻧﻔس،
ذﻟك أن اﻟﺷﮭوة إذا ﻟم ﺗﮭدأ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺻﺑﺢ ﻣوﺗﺎ ﻣﺗﻛ ّررا ﻟﻧﻔوﺳﻧﺎ وﺗﻛون ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺣﻛوم ﺑﺷﮭوة
ﻣﻌﯾّﻧﺔ ،ﻛﺣﺎل "اﻷﺟرب اﻟذي ﻻ ﯾﻔﺗﺄ ﯾﺣ ّس ﺣﺎﺟﺗﮫ ﻟﺣ ّك ﺟﻠده ،ﻓﯾﺣ ّك ﺑﻘ ّوة ،وﺗزداد ﺣﺎﺟﺗﮫ
ﻟﻠﺣﻛﺎك دون ﺗوﻗف ﻓﯾﻘﺿﻲ ﺣﺎﺟﺗﮫ ﻓﻲ ھذا اﻟﻌذاب اﻟﻣﺗواﺻل" .أ ّﻣﺎ اﻟﺣﻛﯾم ﻣن ﻣﻧظوره ،ﻓﮭو
اﻟذي ﯾﺗﻘﯾّد ﺑﺣﯾﺎة اﻹﻋﺗدال واﻋﺗﻣﺎد ﺗدﺑّر ﻗوى اﻟﻧﻔس اﻟﺗﻲ ﻧﺟدھﺎ ﺗﺧﺗ ّص ﺑﺛﻼث ﻓﺿﺎﺋل ،وھﻲ:
اﻟﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻓﺿﯾﻠﺔ اﻟﻌﻘل ،واﻟﻌﻔّﺔ وھﻲ ﻓﺿﯾﻠﺔ اﻟﻘ ّوة اﻟﺷﮭواﻧﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠ ّطف اﻷھواء ،ﺛ ّم
اﻟﺷﺟﺎﻋﺔ وھﻲ ﻓﺿﯾﻠﺔ اﻟﻘ ّوة اﻟﻐﺿﺑﯾّﺔ .وﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗﺗﺣﻘﻖ ھذه اﻟﻔﺿﺎﺋل اﻟﺛﻼث اﻟﺗﻲ ﺗﺧ ّص اﻟﻧﻔس
وﺗﺗﺣﻘﻖ ﺑﯾﻧﮭﺎ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻧﺎﺳب ،ﯾﻛون ذﻟك اﻟﺗﻧﺎﺳب ﻓﻲ ﺣ ّد ذاﺗﮫ ﻓﺿﯾﻠــــﺔ أﺧﻼﻗﯾــــــــــــﺔ ﺣﺳب
-ص - 10