Page 5 - الأخلاق-الخير-والسعادة
P. 5
اﻷﺳﺗﺎذ:ﻋﺑداﻟﺻﻣدﺣﻣدي
ﺗﺗﺣ ّدد اﻹﯾﺗﯾﻘﺎ ﻛﻧﺳﻖ ﻣن اﻟﻣﺑﺎديء ﯾﮭدف إﻟﻰ وﺟود ﺧﯾّر وﺳﻌﯾد ﯾﺄﻣﻠﮫ اﻹﻧﺳﺎن .أ ّﻣﺎ اﻷﺧـــﻼق
ﻓﮭﻲ ﻧظرﯾّﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون واﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟذي ﯾرﺗﻘﻲ ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻣن ﺣﺎﻟﺗﮫ اﻟﻌﻔوﯾّﺔ إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى
اﻟﺗﻣﺎﺛل ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ ﺣ ّد ذاﺗﮭﺎ .وﻣن ھذا اﻟﻣﻧطﻠﻖ اﻟﻣﻔﮭوﻣﻲ ﺟدﯾر ﺑﻧﺎ أن ﻧدرك ﺑﺄن
اﻷﺧﻼق ﺗﺧ ّص ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﺗﻌﺗﻣده ،واﻟواﺟب اﻟذي ﺗﻣﺗﺛل ﻟﮫ .ﻓﻲ
ﺣﯾن ﺗﻣﺛل اﻹﯾﺗﯾﻘﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﺑﺎديء اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﮭدف إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾﻖ وﺟود ﻣﻘﺑول ،ﺧﯾّر
وﺳﻌﯾد .وﺟﻠ ّﻲ ﺑذاﺗﮫ أن ﻧدرك ﺑوﺿوح ،أﻧﻧﺎ ﻧﻌﯾش اﻟﯾوم ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟﺗﻘ ّدم واﻹﻛﺗﺳﺎح اﻹﯾﺗﯾﻘﻲ
ﻟﺟواﻧب ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ أﻣﺎم ﺗراﺟﻊ ﻣذھل ﻟﻸﺧﻼق .وذﻟك ،ﻷن اﻹﯾﺗﯾﻘﺎ ﺻﺎرت ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑدراﺳﺔ ﻣﺷﺎﻛل
اﻟﻘﯾم اﻟﺗﻲ ﺗطرﺣﮭﺎ ﻣﺳﺎﺋل واﻗﻌﻧﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻر اﻟﻣﻌﯾش واﻟﺗﻲ ﺗﺗﺻل ﺑﺎﻟﻣﺣﯾط واﻟﺑﯾﺋﺔ )إﯾﺗﯾﻘﺎ
اﻟﻣﺣﯾط( ،واﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟطﺑﯾﺔ واﻟﻣﺧﺑرﯾّﺔ اﻟﺻﺣﯾّﺔ )اﻟﺑﯾوإﯾﺗﯾﻘﺎ( ﻛﻣﺎ ﻧﻌﯾﺷﮭﺎ اﻟﯾوم زﻣن
"ﻓﯾروس اﻟﻛوﻓﯾد "19-وأزﻣﻧﺔ اﻷوﺑﺋﺔ اﻷﺧرى واﻷﻣراض اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ،وﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠﻖ ﺑﺄﻧﻣﺎط
اﻟﺗﻐذﯾﺔ واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻌﺿوﯾّﺔ وﻏﯾرھﺎ...وﻛل ذﻟك ﻷﺟل ﺑﻠوغ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺧﯾّرة اﻟﻣﻧﺷودة اﻟﺗﻲ ﻧﺄﻣﻠﮭﺎ.
ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻹھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻟم ﯾﻌد ﻣﻠ ّﺣﺎ وﻣﺗﺄ ّﻛدا ،رﻏم أﻧﮫ ﯾﻣﺛل داﺋﻣﺎ اﻟﻘﺎﻋدة
اﻹﻟزاﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻋﺗﻣﺎدھﺎ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺎﺗﻧﺎ .وھو ﯾﺳﺗﻣ ّد ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻣن اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟذي
ﯾﻣﺛل اﻟﻣرﺟﻊ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻛﺄﻣر ﻗطﻌ ّﻲ وﻛﻠ ّﻲ ﯾُﻠزﻣﻧﺎ ﺑﻘﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ واﺿﺣﺔ وﺿرورﯾﺔ ﺣﺗﻰ
ﻧﺣﻘﻖ أﺧﻼﻗﯾﺗﻧﺎ .ﻛﻣﺎ أن ھﻧﺎﻟك ﻣﺷﻛل ﺣﻘﯾﻘ ّﻲ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺷﺎﻛل اﻟﻌوﻟﻣﺔ وطﺑﯾﻌﺔ اﻷﻧظﻣﺔ
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﯾدﻓﻌﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﺟدﯾّﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ ﺑﯾن ﺣ ّدي اﻟﺧﯾر واﻟﺳﻌﺎدة ،ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ
ﻣﺎ ﺻرﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن "ﻓﻘدان ﻟﻠﯾﻘﯾن" ﻓﻲ اﻷﺧﻼق اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﻌﺗﺑرھﺎ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻣود أﻣﺎم
اﻟﺗﻐﯾرات واﻹھﺗزازات واﻟ ُﻣﺳﺗﺟ ّدات ،واﻟﺗﻲ ﺗراﻧﺎ ﻧﺣﺗﺎج اﻹﻋﺗﻘﺎد ﻓﻲ ﺟدارﺗﮭﺎ ﻛﻣرﺟﻊ ﻣﻘﻧﻊ
وﯾﻘﯾﻧ ّﻲ ﻋﻠﻰ اﻟ ّدوام .إذ ﻛﻠّﻣﺎ ﻓﻘد ﺗﺻ ّور أﺧﻼﻗ ّﻲ ﺻﻼﺑﺗﮫ وﺗﻣﺎﺳﻛﮫ أُﺻﺑﻧﺎ ﺑﻔﻘدان اﻟﯾﻘﯾن ﻣﺛﻠﻣﺎ
ﯾُو ّﺿﺢ ذﻟك "إﯾرﯾك ﻓﺎﯾل" ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ " :ﻓﻠﺳﻘﺔ اﻷﺧﻼق" ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﻘول " :إن اﻷﺧﻼق ﻻ ﺗﺑدو
ﻧﺳﻘﺎ أﺧﻼﻗﯾّﺎ ﻣن ﺟﻣﻠﺔ أﻧﺳﺎق أﺧرى ﻣن اﻷﺧﻼق ﻗد ﺗﺳﺎوﯾﮭﺎ ﻗﯾﻣﺔ ،ﺑل إن ھذه اﻷﺧﻼق ﻓﻲ
ﺻﯾﻐﺔ اﻟﺟﻣﻊ ﻻ ﺗﻛﺗﺳب ﻣﻌﻧﺎھﺎ إﻻ ﻓﻲ ﻓﺗرة ﻣﺗﺄﺧرة ،ﺑﻌد طول اﺗّﺻﺎل ﺑﻣﺟﻣوﻋﺎت أﺧرى
ﻟﻛل ﻣﻧﮭﺎ أﺧﻼﻗﮭﺎ ،وﺑﻌد ﺻراﻋﺎت ﻣﺗر ّددة أو ھزاﺋم .ﻓﻔﻲ اﻟﺑدء ﯾﻛون اﻟﯾﻘﯾن اﻷﺧﻼﻗﻲ:
ﻧﻌرف ﻣﺎ ﯾﺟب ﻓﻌﻠﮫ وﻣﺎ ﯾﺟب ﺗﺟﻧﺑﮫ ،وﻧﻌرف اﻟﻣرﻏوب ﻓﯾﮫ واﻟﻣرﻏوب ﻋﻧﮫ ،واﻟﺣﺳن
واﻟﺳ ّﻲء .ﺛ ّم ﯾُﻔﺿﻲ ﺻراع أﻧﺳﺎق اﻷﺧﻼق واﻛﺗﺷﺎف ﺗﻧﺎﻗﺿﺎت داﺧل ﻧﺳﻖ ﻣن اﻷﺧﻼق...إﻟﻰ
اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻷﺧﻼق ،أو ﻟﻧﻘل ﺑﺻﻔﺔ أدق ،إن ﻓﻘدان اﻟﯾﻘﯾن أو رﻓﺿﮫ ھو ﻣﺎ ﯾؤ ّدي إﻟﻰ
ذﻟك...ﻓﺎﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﺑﺷﺄن اﻷﺧﻼق ﯾﻧﺷﺄ ﻣن اﻷﺧﻼق اﻟﻣﺣﺳوﺳﺔ ،وﻟﻛﻧﮫ ﻻ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﺣﻛم
ﺗﻠك اﻷﺧﻼق ،وﺗﺗﻣﺛل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻋﻧده ﻓﻲ اﺳﺗرﺟﺎع اﻟﯾﻘﯾن اﻟﻣﻔﻘود أو ﻣﺎ ﯾﻌﺎدﻟﮫ .وﻻ ﺗُطرح
اﻟﻘﺿﯾﺔ إﻻ ﺣﯾث ﺗ ّﻣت زﻋزﻋﺔ ﺗﻠك اﻷﺧﻼق ﻓﺗط ّرق إﻟﯾﮭﺎ اﻟﺷك ،وﻟم ﺗﻌد ﻣن ﻗﺑﯾل ﻣﺎ ھو
ﻣﺳﻠم ﺑﮫ ،وﻻ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾر اﻷﺳﺎس اﻟﻣﺗﯾن اﻟذي ﯾﺑﺣث ﻋﻧﮫ اﻟﺗﻔﻛﯾر".
-ص - 03