Page 47 - ثقافة قانونية العدد السادس- للنشر الالكتروني
P. 47
ظ�ع�ي� م�م نا� ت� رحلتى فى القانون:
م�صر من التحديات إلى التأثير
ثــقافة قــــانونية الدكتورة يسرا شعبان
إعدادمدرس القانون بكلية الحقوق جامعة عين شمس
عضو اللجنة التشريعية بالمجلس القومى للمرأة -وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي
لـو كان لـى اختيـار عنـوان لمقالـى هـذا ،فسـأختار «المثابـرة ،اسـتدامة السـعى والاجتهاد ،الشـغف
بالعلــم ،ومحاولــة الوصــول إلــى الكمــال أو المثاليــة ،أو علــى الأقــل الاســتمرار فــى الاجتهــاد
المتواصـل ،مدفو ًعـا بالطمـوح ،وبعـد النظـر ،وعمـق التفكيـر» .فبالنسـبة لـي ،النجـاح ليـس مجـرد
محطــة نصــل إليهــا ،بــل هــو رحلــة مســتمرة مــن التعلــم والتطــور ،حيــث لا يوجــد حــد نهائــى
للتميــز ،بــل هنــاك دائ ًمــا خطــوة جديــدة يمكــن اتخاذهــا للأمــام.
شمس ،وعملت على تعزيز التعليم القانونى التطبيقى من خلال مسؤوليتى لم يكن طريقى فى المجال القانونى ممه ًدا ،بل كان مليئًا بالتحديات التى
عن نموذج محاكاة محكمة الأسرة ،الذى يساعد الطلاب على اكتساب صقلتنى وجعلتنى أكثر إصرا ًرا على تحقيق ذاتي .منذ سنوات دراستى
مهارات عملية فى التقاضي .كما تناولت أبحاثى موضوعات حديثة ومتنوعة، الأولى ،كنت أؤمن أن القانون ليس مجرد نصوص جامدة ،بل هو أداة لتحقيق
مثل الذكاء الاصطناعى وتأثيره على القانون ،وحقوق الطفل ،والأحوال
الشخصية لغير المسلمين ،وذلك بهدف تطوير الفكر القانونى بما يتناسب العدالة والتغيير .لكننى كنت أدرك أي ًضا أن كونى امرأة فى هذا المجال
يعنى مضاعفة الجهد لإثبات نفسى فى مجتمع لا يزال يرى فى القانون
مع احتياجات المجتمع المتغيرة.
على الصعيد الدولي ،مثلت مصر فى العديد من المحافل العلمية والبحثية، مهنة ذكورية إلى حد كبير خصوصاً فى مجتمعنا المصري.
منها منتدى التدريس العالى فى فرنسا ،حيث ناقشت دور القانون فى الخطوة الأولى :شغف بالعلم رغم الصعوبات
دعم الابتكار الأكاديمي ،ومؤتمر المحكمة الدستورية العليا حول قضايا
العدالة الدستورية ،ومؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27ضمن الفريق بدأت رحلتى بالتفوق فى الثانوية العامة ،حيث كنت من أوائل الجمهورية
التنظيمى القانوني .كما شاركت فى مؤتمر الأردن حول اقتصاد الرعاية
ضمن وفد المجلس القومى للمرأة ،وقدمت أبحا ًثا بارزة ،منها بحث حول فى القسم الأدبى بمجموع ،%99.5ثم التحقت بكلية الحقوق بجامعة عين
الاستثمار والاقتصاد الأخضرُ ،نشر فى مجلة كلية الحقوق بجامعة عين
شمس ،وبحث حول الذكاء الاصطناعى وتمكين المرأة ،قدمته فى مؤتمر شمس ،واخترت الدراسة فى القسم الفرنسي ،وهو من أكثر البرامج صعوبة
المرأة والذكاء الاصطناعى فى لبنان .وكان لى تعاون بحثى حول الذكاء
الاصطناعى والقانون الدولي ،مما أتاح لى التعمق أكثر فى تأثير التقنيات المصرى والفرنسي .لم يكن لمتطلباته المزدوجة فى دراسة القانونين نظ ًرا
وتخرجت الأولى على دفعتى سه ًل ،لكننى كنت مصممة على النجاح، الأمر
الحديثة على الأنظمة القانونية العالمية.
إلى جانب القانون ،أؤمن بأن الثقافة تلعب دو ًرا جوهر ًيا فى بناء الفكر بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.
القانونى والمجتمعي ،لذلك نشرت كتابًا عن الثقافة العامة الفرنسية باللغة
الفرنسية ،كما ألفت «اتركوا العصفور يشدو» ،وهى مجموعة قصص قصيرة هذا التفوق فتح لى الباب لاستكمال دراساتى العليا ،فحصلت على
تحمل قي ًما للمراهقين ،بهدف تعزيز التفكير النقدى لديهم بطريقة سلسة
وممتعة .كل هذه المشاركات تعكس فلسفتى فى العمل ،وهى أن القانون الماجستير ثم الدكتوراه فى القانون المدنى المقارن من جامعة ليون 3فى
ليس مجرد نصوص ُتدرّس ،بل أداة لصنع التغيير وتعزيز العدالة والتطوير
فرنسا .وكان التحدى الأكبر فى مسيرتى الأكاديمية ورسالتى هو مقارنة
المجتمعي.
كما حصلت على عدة تكريمات ،من بينها: ثلاث أسر قانونية مختلفة تما ًما :القانون المصري ،والفرنسي ،والإنجليزي،
تكريمى ضمن الشخصيات النسائية الرائدة بجامعة عين شمس لعام حيث تعمقت فى فلسفات قانونية متنوعة لمعرفة كيف تؤثر فى تحقيق
.2023 العدالة التعاقدية .وحصلت على درجة الدكتوراه فى القانون المدنى المقارن
جائزة النشر الأكاديمى الدولى عن مشاركتى فى كتاب دولى حول التقييم
من جامعة ليون 3فى فرنسا ،بتقدير «مشرف ج ًدا مع تهنئة اللجنة» ،مع
العالمى لقوانين التسجيل العقاري. التوصية بنشر الرسالة كما هي .مع العلم أن القانون المدنى المقارن من
رسالة لكل امرأة طموحة أصعب التخصصات القانونية ،حيث يتطلب دراسة أنظمة قانونية مختلفة
هذه الرحلة لم تكن سهلة ،لكنها علمتنى أن المرأة قادرة على تحقيق
النجاح مهما كانت الصعوبات .قد تواجهين تحديات ،وقد يشكك البعض تما ًما من حيث الفلسفة والمنهجية والتطبيق وبلغات أجنبية مختلفة.
فى قدرتك ،لكن المفتاح الحقيقى هو الإصرار والتعلم المستمر والإيمان من الأكاديمية إلى التأثير فى المجتمع
بعد عودتى إلى مصر ،لم يكن هدفى أن أكون مجرد أكاديمية ُتدرّس
بأنك تستطيعين صنع الفرق. القانون ،بل أردت أن يكون لى دور فى إحداث تغيير حقيقي .بدأت عملى
رسالتى لكل امرأة تطمح لتحقيق ذاتها فى مجتمعها :لا تنتظرى الفرصة،
ولا تنتظرى من يساعدك ،بل اسعى لخلق الفرص المناسبة ل ِك ،وثقى أن كـ مدرس للقانون المدنى المقارن بجامعة عين شمس ،وسعيت لتطبيق مناهج
مجهودك سيصنع لك مكا ًنا يستحقه اجتهادك .النجاح ليس فقط فى
تدريس عملية مستوحاة مما رأيته فى فرنسا ،حيث لا يقتصر القانون على
الوصول إلى القمة ،بل فى قدرتك على تمهيد الطريق لغيرك أي ًضا.
وأخيراً وليس آخراً ،أرغب فى التأكيد على أننى لطالما آمنت أن الثقافة الدراسة النظرية ،بل يتم تطبيقه بطرق تحاكى الواقع.
هى الأساس الحقيقى للنجاح ،فهى ما يشكل الفكر ويوجه الطموح .نشأتى
فى مدرسة راهبات القلب المقدس غرست فيَّ حب المعرفة والانضباط ،فيما لكن التأثير الحقيقى لم يكن فقط داخل القاعات الدراسية ،فقد كنت من
كان لدور أسرتى الأثر الأكبر فى تعليمى قيمة الاجتهاد والاستمرار فى
السعى نحو الأفضل ،وهو ما ساعدنى على مواجهة التحديات بثقة وإصرار. أوائل من عملوا على قضايا المرأة فى المجال القانوني .شاركت منذ أن كنت
47 مدر ًسا مساع ًدا وقبل سفرى لفرنسا فى تأسيس وحدة دعم المرأة ومناهضة
العنف بجامعة عين شمس ،كما انضممت إلى اللجنة التشريعية بالمجلس
القومى للمرأة للمساهمة فى صياغة قوانين تحمى حقوق المرأة والطفل.
التحدى الأكبر :الإصلاح التشريعي
إحدى المحطات الفارقة فى مسيرتى كانت انضمامى إلى اللجنة العليا
للإصلاح التشريعى فى مصر ،وهى اللجنة المسؤولة عن وضع الخطة
التشريعية للدولة المصرية ،باعتبارها الذراع التشريعى لمجلس الوزراء .فى
هذا الدور ،أصبحت جز ًءا من عملية إصلاح القوانين المصرية لتكون أكثر
عدالة وإنصا ًفا ،وهو عمل يتطلب رؤية قانونية متوازنة تجمع بين التطور
التشريعى ومتطلبات المجتمع.
تمثيل مصر والتكريمات
خلال مسيرتى الأكاديمية والمهنية ،لم يقتصر جهدى على التدريس والبحث
فقط ،بل سعيت دائ ًما للمساهمة فى تطوير المجال القانونى والمجتمعى
بطرق متعددة .شاركت فى تطوير سياسات الملكية الفكرية بجامعة عين