Page 46 - الملكية الفكرية العدد الثاني17-8-2025
P. 46

‫مجلة ثقافة الملكية الفكرية ‪ -‬العدد الثاني‬

‫هـو الفكـرة ذاتهـا وذلـك لأن التعبيـر عـن الفكـرة فـى‬       ‫الـ أرى القائـل بعـدم جـواز حمايـة المـواد الو ارثيـة عـن‬
‫التسلسـل الجينـى يختلـط بالفكـرة نفسـها بحيـث يصبـح‬                                       ‫طريـق حـق المؤلـف‪:‬‬
‫مــن غيــر المتصــور فصــل الفكــرة عــن التعبيــر‪،‬‬
                                                            ‫ومـن جانبنـا فإننـا نـرى أن الجيـن لا يصلـح أن يكـون‬
                      ‫ومعلـوم أن الأفـكار لا تحمـى‪.‬‬                    ‫محـاً لحـق المؤلـف وذلـك لعـدة أسـباب؛‬

‫الســبب الثانــى هــو أنــه حتــى علــى فــرض صحــة‬         ‫السـبب الأول هـو أن الجيـن ليـس عمـاً إبداعيـاً فـى‬
‫قيـاس التسلسـل الجينـى علـى برامـج الحاسـب الآلـى‪،‬‬          ‫مفهـوم نـص المـادة ‪ 140‬مـن قانـون حمايـة الملكيـة‬
‫فإنــه لا تحمــى أجــزاء برامــج الحاســب الآلــى التــى‬    ‫الفكريـة‪ .‬فقـد نصـت المـادة ‪ 140‬مـن قانـون الملكيـة‬
‫تكــون الوســيلة الوحيــدة لآداء وظيفــة معينــة وذلــك‬
‫لأن هـذه الأجـزاء لا تعتبـر ابتـكاراً فنيـاً بقـدر مـا هـى‬                                   ‫الفكريــة علــى أن‪:‬‬
‫أعمــال تــؤدى وظيفـة شــأنها فــى ذلـك شــأن أيــة آل ـة‬   ‫«تتمتــع بحمايــة هــذا القانــون حقــوق المؤلفيــن علــى‬
‫صناعيــة‪ ،‬والآلات الصناعيــة لا تحمــى عــن طريــق‬          ‫مصنفاتهـم الأدبيـة والفنيـة ‪ ،‬وبوجـه خـاص المصنفـات‬
‫حـق المؤلـف‪ .‬وبالنسـبة إلـى الجينـات فـإن كل تسلسـل‬
‫جينــى لــه وظيفــة محــددة ولا تقــوم هــذه الوظيفــة إلا‬                                             ‫الآتي��ة ‪:‬‬
‫بهـذا التسلسـل وهـو مـا يخرجهـا مـن نطـاق الحمايـة‬          ‫	‪1.‬الكتــب ‪ ،‬والكتيبــات ‪ ،‬والمقــالات والنشــرات‬

                        ‫عـن طريـق حـق المؤلـف‪.‬‬                     ‫وغيره��ا م��ن المصنف��ات المكتوب��ة ‪.‬‬
                                                                                  ‫	‪2.‬برامج الحاسب الآلى ‪.‬‬
‫الســبب الثالــث أنــه مــن غيــر المتصــور مــن الناحيــة‬
‫العمليــة حمايــة معظــم الجينــات عــن طريــق حــق‬         ‫	‪3.‬قواعــد البيانــات ســواء كانــت مقــروءة مــن‬
‫المؤلـف وذلـك لأن حـق المؤلـف يخـول صاحبـه الحـق‬                   ‫الحاسبــ الآل�ىـ أو مــن غي��ره ‪»....‬‬
‫فـى منـع الغيـر مـن نسـخ المصنـف المحمـى‪ .‬وبالتالـى‬
‫فــإن حمايــة الجينــات عــن طريــق حــق المؤلــف مــن‬      ‫وصحيـح أن تعـداد المصنفـات الـوارد بهذه المـادة وارد‬
‫شــأنه أن يمنــع الغيــر مــن نســخ الجينــات المحميــة‪.‬‬    ‫علـى سـبيل المثـال إلا أن ذلـك لا يعنـى أن يدخـل فـى‬
‫والواقـع أن هـذه الجينـات يتـم استنسـاخها عـدة مـرات‬        ‫هـذا التعـداد مـا هـو مختلـف عنـه فـى طبيعتـه‪ ،‬والقياس‬
‫فــى عمليــات تكاثــر الخليــة‪ .‬و فــى معظــم الأحيــان‬     ‫بيـن برنامـج الحاسـب الآلـى والتسلسـل الجينـى قيـاس‬
‫تحـدث هـذه العمليـات بصـورة متكـررة طبيعيـة بداخـل‬          ‫مــع الفــارق‪ .‬فــإذا كان الحاســب الآلــى هــو مجموعــة‬
‫الكائـن الحـى أو خارجـه دون تدخـل منـه ولا يتصـور‬           ‫مـن التعليمـات ابتدعهـا خبـراء البرمجـة لحـل مشـكلة‬
‫أن يكـون هنـاك قيـود علـى عمليـات تكاثـر الخلايـا لمـا‬      ‫فــإن مــا يُحمــى ليســت هــذه التعليمــات نفســها وإنمــا‬
‫فــى ذلــك مــن تعطيــل لعمــل الطبيعــة بالإضافــة إلــى‬   ‫طريقـة التعبيـر عـن هـذه التعليمـات فـى لغـة برمجـة‬
                                                            ‫معينـة‪ .‬ولذلـك لا يوجـد مـا يمنـع أن تؤخـذ نفـس هـذه‬
         ‫صعوبـة تطبيـق ذلـك مـن الناحيـة العمليـة‪.‬‬          ‫التعليمـات وتكتـب بلغـة أخـرى ولـو كانـت تـؤدى إلـى‬
                                                            ‫نفـس النتيجـة وذلـك لأن حمايـة برامـج الحاسـب الآلـى‬
                                                            ‫لا تمتـد إلـى الأفـكار التـى بنـى عليهـا‪ 38.‬أمـا بالنسـبة‬
                                                            ‫إلـى التسلسـل الجينـى فـإن الـذى سـيكون محـل الحمايـة‬

                                                              ‫)‪38Hossam A. El Saghir, Suppl.53 (Egypt‬‬
                                                            ‫‪in International Encyclopaedia of Laws 60‬‬
                                                            ‫‪(R.Blanpain & M.Colucci eds., 2009) p. 49‬‬

                                                                                                                         ‫‪46‬‬
   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51