Page 211 - merit mag 36- dec 2021
P. 211
209 الملف الثقـافي
بين القرية والمدينة التي يعد الشاعر الكبير قراة في «أنت في القاهرة» لإبراهيم داود
شاعت في الخمسينيات الإيقاع والغناء..
والستينيات كما يتضح من إبراهيم داود من أبرز
الأصوات في الموجة د.محمد السيد
قوله: إسماعيل
«بعد كل هذه السنوات الشعرية الثالتة التي تعرف
بجيل الثمانينيات بعد جيلي
لم تعد الريفي الريادة والستينيات كموجة
الذي دخل المدينة بأقماره
ولم تعد المدينة مضيئة كما أولي ثم جيل السبعينيات
بتحولاتهم الصاخبة،
كانت»
لقد تم مسخ القرية وبهذا يمكن القول إن جيل
وضاعت أقمارها ،وشعر الثمانينيات قد بدأ في ظل
الريفيون -الذين ابتعدوا صراعات شعرية واضحة،
عنها لسنوات -أنهم قد فكتب على مسافة منها ،ولم
تغيروا ولم يعودوا منتمين يتشيع لتوجه محدد ،وبدأ
إليها ،في هذه الحالة التي معظم شعرائه بالقصيدة
ضاعت فيها قرية الريفي
وأظلمت المدينة في وجهه، التفعيلية المتحففة من
لا بد أن تشعر الذات المجازات السبعينية الراغبة
بعزلتها حيث: في الإدهاش ،وقد تجلى
«تسع سنوات ذلك في مجمل تجربة داود
لم أفتح شبا ًكا واح ًدا في التي اعتمدت على التفاصيل
الصغيرة واللغة البسيطة،
جدار
ولم تدخل الشمس من حتى في طرحه للقضايا
الكبري مثل ثورة 25يناير
فرجة الباب»
لقد أصبح الحصار التي تناولها في أكثر من
ناب ًعا من الذات كأنها نموذج في ديوانه «أنت في
تحصن نفسها ضد القاهرة» ،وهو عنوان يبدو
الخارج المعادي ،وترغب
في وحدتها التي تطالبها -للوهلة الأولى -وكأنه
الأشجار الهزيلة -وهي يقدم إحدي البديهيات ،لكننا
معادل موضوعي للذات-
بأن تعاملها برفق ،بعد أن بقليل من التأمل سوف
أصبح الخارج خرا ًبا محا نكتشف أنه يعني ما هو
آثار الحياة في الشوارع/ أبعد من هذه البديهية ،كأنه
العالم .إن فقدان القرية يريد أن يقول ها أنت -بعد
ومسخها أو افتقاد البيت ثورة يناير -في القاهرة
الأول أو الرحم الأولي هو التي تريدها ،والتي حلمت،
الذي يشعره بهذه المتاهة وربما دعم الإهداء الذي
ويحرمه نعمة النوم فـ: كتبه الشاعر هذا التفسير
حين يقول «إلى أحمد فؤاد
نجم حارس المدينة التي
كنا نبحث عنها» ،وهو أمر
بعيد عن هذه التقليدية