Page 212 - merit mag 36- dec 2021
P. 212
العـدد 36 210
ديسمبر ٢٠٢1 «النوم صعب بعد ثلاثين
عا ًما
شاعر قادر على استبطان تنبت على شفتي ابتسامة
ذاته والاقتراب الحميم من كسول ودود باهتة» النوم سلطان هناك»
أوجاعها ،يظل من الممكن في البيت الذي كبر فيه
لسنا -هنا -أمام حس الشاعر وعرفه جي ًدا،
وصفه أي ًضا بأنه شاعر فجائعي أو إحساس مؤلم والحقيقة أننا لسنا أمام نوع
«غيري» ،قادر على ملاحظة بالحزن ،فالشاعر يواجه من النوستالجيا ،فقد تحول
الآخرين .يقول في قصيدة متاهته بابتسامة كسول المكان وأصبح على النقيض
ودود باهتة ،ربما لأنه اعتاد
«منازل»: على هذه المتاهة ،وتصبح من حالته الأولي فـ
«موسيقي ونحات هناك الابتسامة إيها ًما للآخرين «المكان الذي هجر
يحرسان الليل بالقناديل
كنت أقطف الشعر على أنه «على مايرام». منذ ثلاثين عا ًما
وتلعب ثنائية الظلمة وخمر النوم فيه
ملامح العابرين بين والإضاءة دورها في شعرية
الغرف». إبراهيم داود ،لكنها ثنائية الواطئ»
محلولة بتعبيرات إدوار «لم يعد يشبه البيت» القديم
«ملامح العابرين» هي الخراط ،لأن الإضاءة الذي يشبه الفردوس المفقود،
مصدر إلهام الشاعر الذي تساوت والظلمة ولم تعد الذي لا سبيل إلى استعادته،
قادرة على الكشف والإبانة
يقطف الشعر منها ،أو التي يضيع وسطها بينما تحولت المدينة إلى
يسقط في حجره طواعية مأوى للصوص والحراس
كأنه الثمرة الناضجة ،مما الآخرون:
«كانوا يمشون على أطراف والدعاة حيث:
يجعل شعر داود يبدو «توقف الغناء في مدينتي
وكأنه كتابة عفوية لا أثر أصابعهم
وهم في طريقهم إلى المقابر توقف الصراخ
للصنعة فيها ،يكفي أن توقف الغزل
يمد الشاعر كفه ليقطفها وكانوا غير معنيين
من ملامح العابرين ،ومن بالإضاءة اللصوص والحراس والدعاة
علامات استبطانه لذاته، يعرفون كل شىء»
تصويره لحالاتها المختلفة، التي أغرقت الذين أتفقدهم
الآن». هذه الأماكن والشوارع لم
كما يبدو في قصيدة تعد تخص الشاعر ،ولم يعد
«استهلال» المكونة من ثلاثة إن إبراهيم داود بقدر ما هو
يشعر بانتمائه إليها:
أقسام يبدأ كل قسم بقوله «يخيل إلى أن الشوارع هذه
«أحيانا» ،لنكون إزاء ثلاث
تخص آخرين
حالات على هذا النحو: لا تعرف من هم ويضيع
«أحيا ًنا
عمرك وأنت تقطعها»
يحتاج الواحد منا ومن الطبيعي أن يحس
أن يتنفس بصوت عال الشاعر بالمتاهة ،وهو ما
ليقنع نفسه بالشتاء»، يتضح من مجرد عنوان
قصيدة «تائه» التي يقول
«أحيانا
يتمني أن يغفو في آخر فيها:
«أضل الطريق أحيا ًنا
السطر وفي اللحظة التي أتأكد فيها
ليبدأ جملة مفيدة يستهل
أنني تهت
بها ما يريد»،
«أحيا ًنا يقبض الواحد منا