Page 91 - merit mag 36- dec 2021
P. 91

‫‪89‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

 ‫وأنا أحاول النهوض من التراب صائ ًحا في وجهه‪:‬‬           ‫وندخل إلى ساحة واسعة‪ ،‬وأراه أمامي‪ ،‬وتنبثق من‬
    ‫‪ -‬جررتني إلى ملذاتك‪ ،‬وجرائمك دون أن أفوز‬            ‫الظلام‪ ،‬وهكذا‪ ،‬حتى مللت‪ .‬ثم رأيت جثة مكفنة في‬

‫بسر‪ ،‬أو لذة سوى زجاجات ثلاث من الخمر ضاع‬                                            ‫يده يجرها مبتس ًما‪.‬‬
                                 ‫طعمها في فمي‪.‬‬                                         ‫‪ -‬تعال ساعدني‪.‬‬

     ‫الكلمة إكسير الشجاعة‪ .‬انقضضت على رقبته‪.‬‬                ‫‪ -‬من هذا‪ /‬هذه؟! ما الذي حدث؟! طمني حتى‬
 ‫أخذت أكيل له الضربات‪ ،‬ويكيل لي الضربات حتى‬                                                     ‫أتبعك‪.‬‬
‫أُنهك جسدانا‪ ،‬وارتمينا على أرض فضاء بلا معالم‪،‬‬
                                                             ‫وفرقعت راحة يده على وجهي‪ ،‬فتراجعت عن‬
   ‫ثم رأيته ينهض كوحش الأساطير‪ ،‬وثمة سلسلة‬                ‫الأسئلة‪ .‬وجررت معه الجثة‪ ،‬ثم ألقيناها من ع ٍل‪،‬‬
 ‫تصلصل في يده‪ ،‬ربطني من يدي قائ ًل وهو يلهث‬               ‫وعدنا نلهث وننظر إلى عيون بعضنا بع ًضا‪ ،‬وأنا‬

                                 ‫من أثر العراك‪:‬‬                           ‫أقول دام ًعا كأنني فقدت عزي ًزا‪:‬‬
‫‪ -‬خطيئتي أني تركتك ُح ًّرا وسمحت لك أن تعاملني‬                                            ‫‪ -‬أين الفتاة؟‬

                                        ‫ن ًدا لند‪.‬‬                                ‫وأظلم العالم في عيني‪.‬‬
      ‫سأقضي عليه بعد أن أحرر يدي وقدمي من‬
‫السلسلة ورقبتي من الطوق‪ .‬قلت لنفسي‪ .‬سأبحث‬                                ‫(‪)7‬‬
  ‫عن البار الذي يزوره‪ ،‬وأع ُّب من خمره ِب ُح ِّر مالي‪.‬‬
   ‫ينفلت رأسي في فضاء أرحب للانعتاق من نزقه‪،‬‬               ‫«لا يمكن أن يكون تكرار لقائنا أم ًرا عفو ًّيا‪ .‬ثمة‬
‫وجرائمه‪ ،‬والرأس سن حربة‪ ،‬لكن أعضائي جميعها‬                  ‫شيء يحتاج للتفسير‪ .‬لا أخاف من الكرباج في‬
   ‫لا تزال مكبلة‪ ،‬ولا أعرف بعد كيف الخروج‪ .‬فك‬
  ‫الطوق‪ ،‬والسلسة والحبال‪ .‬كأنه سمع ما بنفسي‪،‬‬                                                     ‫يدك»‪.‬‬
 ‫وضحك في وجهي ساخ ًرا‪ ،‬وخاطبني بتح ٍّد‪« :‬أرني‬                 ‫فرقع مرتين في الهواء‪ ،‬وجلدني على ظهري‪.‬‬
‫شجاعتك يا جبان!»‪ .‬كنت ساعتها وسط خلاء شبه‬
 ‫مظلم مكب ًل بسلاسل هائلة غير مرئية‪ ،‬حين رأيته‬                  ‫أحسست بألم هائل يتمدد في جسدي كله‪.‬‬
    ‫قد تحول إلى شكلي‪ ،‬وهيئتي‪ ،‬وارتدى ملابسي‪،‬‬                ‫رقدت على ظهري‪ ،‬بينما كان يلف حولي كذئب‬
    ‫وصوتي‪ .‬تركني وحي ًدا سجينًا ضائ ًعا‪ ،‬وانطلق‬            ‫يتشمم فريسة قبل التهامها‪ .‬صرخت‪« :‬من أنت‬

         ‫خار ًجا من الخلاء إلى البيوت‪ ،‬والشوارع‪.‬‬                                            ‫بالضبط؟!»‪.‬‬
                                                        ‫لم يوقفه السؤال عما انتواه‪ .‬نبتت في أصابعه وفمه‬

                                                           ‫مخالب وأنياب‪ ،‬كما يحدث في أفلام المستذئبين‪.‬‬
                                                          ‫سكنني ألم‪ ،‬ورعب‪ ،‬واشمئزاز لم أجربه من قبل‪،‬‬
   86   87   88   89   90   91   92   93   94   95   96