Page 60 - Pp
P. 60

‫شابة تتمايل بجسدها غن ًجا فما عرفها الأطفال ممن كانوا يلعبون‬
‫مع بعضهم في الزقاق‪ ،‬فما قالوا له كما اعتادوا‪ :‬مرحبًا ع ّمنا‬
‫هادي‪ .‬بل قالوا «مرحبا يا خاله» فأجابهم بصوت ما سمعوا مثله‬
‫من قبل‪ ،‬رفيع تخللته نبرة أنثوية «أهلا يا أولاد‪ ،‬حرستكم عين‬

               ‫الله التي لا تنام»‪ ،‬سار كل شيء على أت ِّم وجه‪.‬‬
‫ازدحمت ساحة البيت الضيقة باللاتي توافدن على العزاء‪،‬‬
‫وصوت القارئة سيطر على مشاعر الحاضرات فاستمعن لها‬
‫وقد دخلت بهن إلى ذكر الصالحين والصالحات من عباده‪ .‬وقف‬
‫هادي‪ ،‬ظهره ملاصق للجدار وعيناه تبحثان في الأرجاء‪ ،‬وقبل‬
‫أن يعثر عليها‪ ،‬وجد أمه واقفة بجواره فأشاح ببصره عنها لكنها‬

                                           ‫بادرته بالسؤال‪:‬‬
                          ‫‪ -‬يا شابة‪ ،‬قد أعرفك‪ ،‬فمن أنت؟‬
                 ‫أجابها بصوت رفيع متناغم‪ :‬أنا أم حسن‪.‬‬
                    ‫قالت أمه‪ :‬وأنا أم هادي‪ ،‬أأنت متزوجة؟‬
‫أجاب هادي‪ :‬متزوجة وعندي من الأولاد حسن وحسينة‪،‬‬

                                            ‫يبوسون يديك‪.‬‬
‫قالت‪ :‬الله يحفظهم لك‪ ..‬أنا فقط أردت أن أعبِّر عن إعجابي‬
‫بقماش عباءتك فهو معتبر وراق وهو يشبه قماش عباءة عندي‬
‫وربما أنا وأنت اشتريناه من نفس المحل‪ ،‬أيكون علي التاجر هو‬

                         ‫من تتعاملين معه في سوق القماش؟‬
                               ‫قال‪ :‬هو نفسه يا أم هادي‪.‬‬

‫عثرت عينا هادي تلك اللحظة على من غامر من أجلها‪ ،‬وجدها‬
‫أجمل مما رآها ساب ًقا‪ ،‬رأى شعرها من دون غطاء رأس وخصلات‬

                                                                              ‫‪60‬‬
   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65