Page 65 - Pp
P. 65

‫تنقذ غري ًقا بأيسر الطرق‪ ،‬وما احتاجت إلى مساعدة من أحد‪،‬‬
‫ويقال إنها بعد أن طرحت جسده على الضفة‪ ،‬باشرت بعمل‬
‫التنفس الاصطناعي لإعادته تدريجيًّا إلى الحياة‪ ،‬وعندما لم يأت‬
‫ذلك بنتيجة‪ ،‬سارعت وقبلته قبلة الحياة ليدخل الهواء إلى رئتيه‪،‬‬

                       ‫فأعادت قبلتها السحرية تلك له الحياة‪.‬‬
‫اختلفت الأخبار‪ ،‬أ َّكد بعضهم أنها أعطته قبلة الحياة فع ًل‬
‫عندما نفخت الهواء في رئتيه‪ ،‬بيد أن آخرين راحوا يتهامسون‬
‫من الحسد «هذه كلها إشاعات»‪ ،‬وعندما يلتقي أحدهم بهادي‬
‫في هذا المكان أو ذاك يبادره بالسؤال المعتاد‪ :‬أتفكر بالغرق ثانية‬
‫عندما تكون بطة تسبح في النهر؟ فيرد عليهم بملل «لقد غرقت‬
‫مرة وأدت الواجب تجاهي‪ ،‬وأنا أدين لها بهذا الفضل‪ ،‬وإن شاء‬

                                        ‫الله أرده لها يو ًما»‪.‬‬
‫فيقول له آخر‪ :‬لو تجعلنا على بيِّنة‪ ،‬هل ترده لها كام ًل دفعة‬

                         ‫واحدة‪ ،‬أم بالأقساط‪ ،‬قبلة بعد قبلة؟‬
‫شجعت قبلة الحياة التي أعطتها ب َّطة لهادي‪ ،‬الكثير من شباب‬
‫المدينة‪ ،‬أن يحذو حذوه في الإقدام على الغرق عندما يرون بطة‬
‫تسبح في النهر لتنقذهم‪ ،‬فلربما أعطتهم مثل تلك القبلة‪ ،‬تعيدهم‬

                     ‫بها للحياة‪ ،‬ولكن ما أفلح أحد في مسعاه‪.‬‬
‫عصر ذلك اليوم الذي أنقذته بطة من الغرق وصل هادي إلى‬
‫مقهى الجندول فبدا لصديقه عبد الجبار خائر القوى وبعينين‬
‫ما قدر أن يفتحهما بالكامل‪ ،‬وبدا كما لو كان في عالم ثا ٍن‪ ،‬سأله‬
‫عبد الجبار عما حصل معه هذا اليوم من أحداث‪ ،‬فما أجاب على‬

                                                  ‫السؤال‪.‬‬

                                                                              ‫‪65‬‬
   60   61   62   63   64   65   66   67   68   69   70