Page 64 - Pp
P. 64

‫عند شاطئ محلة «الطاق» غير بعي ٍد عن بيتها وبيته‪ ،‬أوصل الخبر‬
‫جا ٌر له‪ ،‬وهدفه في ذلك أن يرى بأم عينيه‪ ،‬وقع الخبر على نفس‬
‫هادي‪ ،‬فيتأكد من مكانة بطة في قلبه وإحساسه‪ ،‬جار فضولي‪،‬‬
‫يحشر أنفه في الصغيرة والكبيرة‪ ،‬عرفه هادي وهذه ليست أول‬

                                           ‫مرة يعملها معه‪.‬‬
‫غيَّر هادي ما عليه من ملابس ليخرج إليها‪ ،‬فقد تغادر بطة ماء‬
‫النهر وما يجدها هناك‪ ،‬فتضيع الفرصة الثمينة‪ ،‬انطلق مسر ًعا‬
‫فصاحت أمه‪ :‬لا تسرع يا هادي‪ ،‬انتبه لنفسك فهي أ َّمار ٌة بالسوء‪.‬‬
‫بالفعل‪ ،‬وجدها هادي تلعب بماء النهر ما شاء لها اللعب‪،‬‬
‫مارست ب َّطة هوايتها هذه أمام أعين الناس جمي ًعا‪ ،‬سواء قبلوا‬
‫منها هذا الفعل أم لم يقبلوه‪ ،‬وفي الحقيقة ما استهجن فعلها أحد‪،‬‬
‫في وقت لو فعلت فتاة غيرها ذلك لماجت الدنيا وهاجت في مدينة‬
‫صغيرة كهذه‪ ،‬الفتيات فيها ما لعبن يو ًما كرة الطاولة فما بالك‬

                                                ‫بالسباحة‪.‬‬
‫دفعت ب َّطة الماء بساق مستقيمة مع جسمها المدفوع إلى‬
‫الوراء فظهرت ربلتها بيضاء ممتلئة انحسر عنها الثوب‪ ،‬وعندما‬
‫غطست في الماء‪ ،‬ورفعت ساقيها إلى الأعلى كما تفعل الب َّطات في‬
‫الماء‪ ،‬طار عقل هادي‪ ،‬في تلك اللحظة أشارت بقصد له وربما‬
‫بمكر ودهاء أن ينزل إلى الماء ويأتي عندها‪ ،‬فنزل بملابسه غير‬
‫مص ِّدق دعوتها تلك وقد نسي أنه لا يعرف السباحة‪ ،‬وقبل أن‬
‫يصل إلى حيث كانت غطس فما عاد يراها وهو في أعماق اللج‪،‬‬
‫وكاد صدره يشهق بالماء لولا أنها أمسكت به وسحبته من ياقة‬
‫قميصه برفق وعلى مهل إلى ضفة النهر‪ ،‬وقد عرفت حينها كيف‬

                                                                              ‫‪64‬‬
   59   60   61   62   63   64   65   66   67   68   69